مسلسل “ريفو”.. آلة الزمن المجانية التي لا تخذل جمهورها

0 7٬803

رغم النجاح غير المتوقع الذي حققه الموسم الأول من مسلسل “ريفو”؛ فإن الموسم الثاني الذي يُعرض حاليا عبر منصة “واتش إت” (Watch IT) حقق شعبية كبرى، وظهر ذلك جليا عبر تصدّره المتابعة على منصات التواصل الاجتماعي، واحتلاله المرتبة الأولى ضمن قائمة الأعمال الأكثر مشاهدة على المنصة بل إن الجزء السابق سرعان ما احتل هو الآخر المرتبة الثانية ضمن القائمة نفسها.

عُرض الموسم الأول من العمل خارج الماراثون الرمضاني دون الاعتماد على أيّ من النجوم ذي الأسماء الرنانة أو الوجوه المألوفة بعالم التلفزيون، ولم يحظ إلا بمتابعين ممن يحبون هذا النوع من الدراما ذات الطابع الموسيقي.

لكن، وبمجرد انتهاء حلقاته العشر، وانتشار الأنباء حول استعراضه حقبة التسعينيات وفرقها الموسيقية، بالإضافة إلى طرح الأغنيات التي قُدمت بالعمل، أقبل محبي “النوستالجيا – الحنين إلى الماضي” (Nostalgia) على العمل، وظهر ذلك عبر تزايد مستمر في عدد المتابعين.

المسلسل أشبه برحلة مجانية داخل آلة زمن تُعيد المصريين من أبناء السبعينيات والثمانينيات إلى أجواء التسعينيات وأول الألفية الجديدة حيث مصايف العجمي والمعمورة وتجمعات الأهل والأصدقاء بليالي الصيف، وشرائط الكاسيت ونوادي الفيديو وديكورات وأزياء تلك الحقبة المميزة التي عاد بعضها للظهور مؤخرا من جديد.

من قتل شادي؟

دارت أحداث الموسم الأول حول فرقة غنائية صاعدة تحمل اسم “ريفو”، يسعى أفرادها لبدء رحلتهم الغنائية في ظل إصرارهم على تقديم أغنيات تُشبههم وتُعبّر عن أفكارهم وأحلامهم، غير أن الطريق لم يكن مفروشا بالورود.

وبالتزامن مع الماضي، هناك خط زمني آخر معاصر، بطلته مخرجة تحاول تتبع قصة ريفو والوصول إلى من بقي من الأعضاء على قيد الحياة لاستكمال سيناريو عكف والدها على كتابته طوال 7 سنوات وحتى وفاته، قبل أن تنتهي الأحداث بكشف سلسلة من الأسرار لم يتوقعها أحد، تربط بين الماضي والحاضر وتُشير إلى صلة قرابة تجمع المخرجة مع شادي قائد الفرقة الموسيقية.

مع بدء الموسم الثاني، يستكمل العمل الرحلة نفسها في محاولة لمتابعة رحلة الفرقة وكيف أنتجت ألبومها الغنائي الأول، في حين تستمر البطلة بالبحث عن إجابات حول الحادث الذي أودى بحياة البطل وترتّب عليه انفراط عقد الفرقة، والأهم لماذا أخفى عنها والدها -رغم علاقتهما الوطيدة- ذاك الماضي البعيد؟

وعلى عكس العديد من الأعمال الدرامية القصيرة متعددة المواسم، التي يبدأ كل موسم بحكاية جديدة ونجوم آخرين مثل مسلسل “ليه لأ” -الذي يُعرض حاليا عبر منصة “شاهد”- أو يعود الأبطال أنفسهم ولكن من خلال مغامرة مختلفة مثلما يجري بمسلسل “اللعبة”، استكمل مسلسل “ريفو” الأحداث من نقطة نهاية الموسم الأول بالضبط.

ظهر الأبطال محتفظين بحالة التقمُّص السابقة لشخصياتهم بتفاصيلها، بينما حرص العمل على إعادة طرح الأسئلة التي انتهت بإجابات مفتوحة ولم يتجاهلها أو يتعامل معها باستسهال، وهو ما أحبه الكثيرون، ووجدوه ميزة إيجابية تُحسب لصانعي المسلسل الذين استطاعوا إعادة المشاهد إلى نفس الدرجة من المعايشة مرة أخرى دون زيادة أن نقصان، كأن عاما لم يمر منذ آخر حلقة عُرضت على الشاشة.

الاستفادة من النقد السلبي

من سلبيات الموسم الأول التي عابها النقاد على العمل ونجح فريق المسلسل في تجاوزها إلى حد ما خلال هذا الموسم، مستوى تمثيل الأبطال، خاصة أن غالبيتهم لم يُقدموا أدوارا بهذا الحجم من قبل.

اجتهد الكثير منهم لتقديم أداء أفضل ولافت على رأسهم صدقي صخر، الذي تفوق على نفسه في تجسيد انفعالات شخصيته الداخلية، سواء شخصية مروان الهادئ، اللطيف والقريب إلى القلب بالماضي، أو مروان المعاصر الذي تحوّل إلى حطام رجل مكتئب ولا يتمنى سوى الموت، يليه بمسافة تامر هاشم وعمرو جمال ومينا النجار الذين حاولوا تقديم أفضل ما لديهم حتى الآن.

أما أمير عيد فبالرغم من أن حضوره التمثيلي لا يزال باهتا؛ فإن صوته وأغانيه هما أهم نقاط ارتكاز العمل وجماهيريته، خاصة مع كلمات الأغاني الجديدة والمعبرة تماما عن حالة الأبطال من تخبط وأمل وحيرة واندفاع وغيرها من المشاعر المختلطة. وهو ما يتناسب مع ما جاء على لسان الشخصية التي يلعبها محسن محيي الدين بأحد المشاهد حين قال “الأغنية هي آلة الزمن اللي (التي) كلنا بندور عليها (نبحث عنها)”.

دون أن نغفل بالطبع عامل الجذب الناتج عن طبيعة الحبكة وما بها من غموض وإثارة زادت وتيرتها هذا الموسم الذي ضم خطوطا درامية جديدة غالبيتها تعود إلى الماضي، مما أسهم في ضخ مزيد من الوجوه الجديدة إلى العمل، أبرزها الشابة ميران عبد الوارث نجلة الفنان الراحل أحمد عبد الوارث التي سبق أن لفتت الانتباه إليها في مسلسل “وبينا ميعاد”.

تفاعل من نوع خاص

يتعامل جمهور “ريفو” مع المسلسل بقدر من الحميمية، كونه يتماس لديه مع ذكريات الطفولة والمراهقة، وهو ما دفع البعض للإصرار على أن قصة “ريفو” هي حكاية أمير عيد وتأسيس فرقة “كايروكي”، رغم نفي عيد لذلك أكثر من مرة خلال حوارات فنية مختلفة بعد الموسم الأول.

فيما أعرب قطاع آخر من المشاهدين عن انجذابه للمسلسل بسبب ما يمثله لهم من حالة تُذكرهم بالأحلام التي اعتادوا رسمها لأنفسهم صغارا، مُصدقين أن الحياة سوف تساعدهم على تحقيقها وأنهم يملكون ما يلزم من طاقة وإرادة لتخطّي كل الصعاب، معتقدين أنهم الاستثناء لما قاله إرنست همنغواي “الدنيا تكسر كل أحد، ولكن أولئك الذين لن ينكسروا، تقتلهم. الدنيا تقتل الطيبين جدا واللطيفين جدا والشجعان جدا بلا تمييز”.

أما رد الفعل الأكثر عملية وقابلية على التنفيذ، كان الاقتراح الذي قدمه أحد عشاق “كايروكي” مُطالبا إياهم بتخصيص جزء من حفلاتهم يحمل اسم “ريفو” لأغنيات المسلسل فقط، على أن تكون الديكورات وملابس الحضور تقتصر على أجواء وموضة التسعينيات فقط، فيما يظهر أمير عيد في مظهر شادي بطل المسلسل، كما لو أن جميع الحضور ينتقلون سويا إلى الماضي الجميل.

مسلسل “ريفو” تأليف محمد ناير، وإخراج يحيى إسماعيل، وبطولة أمير عيد، وركين سعد، وصدقي صخر، ومحسن محيي الدين، وتامر هاشم، وحسن أبو الروس وسارة عبد الرحمن.

المصدر : الجزيرة

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا