كلمة محافظ بنك إسرائيل في جلسة الحكومة لإقرار ميزانية الدولة لعام 2024

0 4٬334

تحدث محافظ بنك إسرائيل، البروفيسور أمير يارون، اليوم في جلسة الحكومة حول قضية ميزانية الدولة. وفي ما يلي أهم النقاط التي تناولها في كلمته:
حرب “السيوف الحديدية” في أوجها، ودولة إسرائيل تمر بأيام معقدة للغاية. بدايةً، أود أن أتمنى السلامة لأبنائنا وبناتنا المقاتلين في الجبهة، وأن أتقدم بالتعازي لأسر الضحايا، والتمنيات بالشفاء للجرحى، والعودة السريعة للمختطفين.
شكلت ميزانية الدولة المحدثة لعام 2024 تحدياً خاصاً، فالعواقب الاقتصادية للحرب واسعة وكبيرة. يقدر بنك إسرائيل أن يستمر تأثير الحرب على النشاط الاقتصادي خلال هذا العام أيضاً، بحيث ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.0% فقط، على غرار عام 2023، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بشكل حاد في الربع الأخير بسبب تأثير الحرب، ودفع ميزان المخاطر توقعات النمو نحو الانخفاض، خاصة في ظل احتمال تفاقم الوضع الأمني في شمال البلاد.
إلى جانب الأضرار التي لحقت بالناتج المحلي، تتطلب الحرب زيادة كبيرة جدًا في النفقات. وتنبع هذه الزيادة من النفقات الناجمة بشكل مباشر عن سير الحرب، مثل الحاجة إلى تمويل أيام التجنيد الاحتياطي وشراء الذخيرة، ومن النفقات المدنية المرتبطة بحالة الحرب، مثل تكاليف إيواء ودعم السكان الذين تم إجلاؤهم من مناطق النزاع. وبحسب التقديرات الأخيرة التي أجراها بنك إسرائيل، وفي ظل افتراضات مختلفة بشأن سير الحرب، من المتوقع أن يصل إجمالي نفقات الحرب في الأعوام 2023 وحتى 2025 إلى حوالي 220 مليار شيكل. ولا تشمل هذه التقديرات فقدان الدخل بسبب آثار الحرب.
بالإضافة إلى ارتفاع نفقات الحرب، وعلى خلفية الحاجة إلى تعزيز المنظومة الأمنية وتجديد استعدادها لمواجهة التهديدات المختلفة، من المتوقع أن تطرأ زيادة مستمرة وكبيرة في الميزانية الأمنية في المستقبل القريب أيضاً. ولهذا الأمر أبعاد كثيرة. إن زيادة لمرة واحدة في العجز ونسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بسبب نفقات الحرب لا تضر بشكل ملموس بتخصيص الموارد في النظام الاقتصادي على المدى البعيد، ويمكن التعامل معها من خلال تكثيف جهود الموازنة خلال فترة محدودة. في المقابل، فإن الزيادة المستمرة والكبيرة في ميزانية الدفاع من الآن فصاعداً – دون إجراء التعديلات اللازمة على الميزانية لتغطيتها – يمكن أن يضر بنمو النظام الاقتصادي ويؤدي إلى تدهور نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي على مدار السنوات المقبلة، الأمر الذي سيكون له تأثير سلبي على الطريقة التي ينظر بها إلى متانة الاقتصاد الإسرائيلي.
تنعكس التطورات في الساحة الأمنية والنظام الاقتصادي وتأثيرها المحتمل على المؤشرات الاقتصادية الأساسية مثل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي كذلك في الأسواق المالية. لقد أظهرت الموازنة الأصلية، التي صادقت عليها الحكومة للسنتين 2023 و 2024 في بداية العام السابق، مسؤولية مالية أخذت في الاعتبار حالة عدم اليقين الكبيرة التي سادت فيما يتعلق بتوقعات الإيرادات وقت إعداد الموازنة، وتلقتها الأسواق بشكل إيجابي. إن الموازنة المتحفظة التي تم وضعها بداية عام 2023، وإجراءات خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في العقود الأخيرة، تعطي ثمارها الآن وتمنح الحكومة درجة معينة من الحرية في إدارة الجانب الاقتصادي للحرب، مع إجراء التعديلات اللازمة. ومع ذلك، فإن الزيادة المتراكمة في العجز إلى جانب احتمال ظهور المزيد من الأزمات في المستقبل يفرض على الحكومة أن تقوم بإجراء التعديلات اللازمة في الميزانية بحيث تحافظ على موثوقية السياسة المالية في نظر الأسواق والجمهور.
تشكل الميزانية الحالية نقطة تحول مهمة في تعزيز ثقة الأسواق العالمية بالاقتصاد الإسرائيلي والحفاظ على متانته. وذلك على ضوء ما صرحت به الحكومة عند إقرار موازنة 2023 المعدلة قبل نحو شهر، من أن التعديلات بناءً على آثار الحرب ستتم عند مراجعة موازنة 2024. ولذلك وكما قلت عدة مرات في الأسابيع الأخيرة لا بد من اتخاذ قرارات في الموازنة الحالية، بطريقة ملزمة وشفافة أمام الجمهور، بشأن تعديلات شاملة في الميزانية تتضمن خطوات حقيقية لخفض النفقات وزيادة الإيرادات في موازنة 2024 وموازنة 2025 وتنفيذ جزء كبير منها بشكل فوري. أضف على ذلك، ونظراً لحقيقة أن الزيادة المتوقعة في ميزانية الدفاع ستكون ثابتة خلال السنوات القليلة المقبلة، فمن الصحيح أن تتم هذه التعديلات على المكونات الأساسية للميزانية وأن تكون ذات طبيعة ثابتة أيضًا. ومن المستحسن أيضًا تركيز التعديلات على الأقسام التي لا تؤثر بشكل مباشر على نمو الاقتصاد. وينبغي تحديد الحجم المالي لتعديلات الميزانية بطريقة تؤدي إلى خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بعد الحرب، وجعلها تقترب من القيم التي كانت عليها قبل الحرب خلال فترة زمنية معقولة. يعتمد حجم التعديلات المطلوبة أولاً وقبل كل شيء، على الزيادة السنوية في نفقات المنظومة الدفاعية، والتي من الواضح أنها ستكون كبيرة على الرغم من اختلاف التقديرات بشأنها.
من أجل تحديد مبلغ وطبيعة الزيادة المطلوبة في ميزانية الدفاع بشكل أكثر ذكاءً (زيادة بالشيكل أو كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي)، من الضروري خلال الفترة المقبلة تشكيل لجنة بمشاركة مسؤولين أمنيين ومدنيين لمسح احتياجات إسرائيل الأمنية في السنوات المقبلة ووضع خطة مناسبة لميزانية متعددة السنوات. وآمل أن يتم الانتهاء من تعيين مثل هذه اللجنة في أقرب وقت ممكن.
إلى أن تتم صياغة المخطط متعدد السنوات المذكور أعلاه، يجب إجراء تقدير للحد الأدنى لمعدل الزيادة في نفقات نظام الدفاع بشكل فوري – وهو الإطار الذي من المرجح أن يكون مطلوبًا تحت أي سيناريو، وفي النفقات المدنية ذات الطبيعة الثابتة (نفقات إدارة “تكوما” والزيادة في مدفوعات الفائدة)، وينبغي فحص التعديلات على الميزانية وفقاً لتأثيراتها على النمو. تقدير أصحاب القرار في مقترحاتهم بأن تصل هذه الزيادة إلى 20 مليار شيكل يبدو معقولاً في هذه المرحلة. عند الحاجة، يمكن تحديث تقديرات نفقات الدفاع وتعديلات الميزانية المستمدة منها في المستقبل وفقًا لمسار الميزانية المتعددة السنوات التي ستضعها اللجنة.
إن التدابير المقترحة من قبل أصحاب القرار تسير في الاتجاه الصحيح وهذا أمر جيد. ومن المهم جدًا أن يتم تنفيذ هذه التدابير. وأود أن أؤكد أنه بعد تحليل التدابير المقترحة، سواء في جانب الإيرادات أو في جانب الإنفاق، يبدو أن الحجم الإجمالي للتعديلات لا يزال أقل من الزيادة الدائمة البالغة 20 ملياراً المذكورة أعلاه. على وجه الخصوص، فإن حجم التدابير المقترحة من حيث الإنفاق محدود، مما يزيد من الحاجة للعمل لتحقيق هذا الهدف من خلال تقييد الإنفاق في الميزانية. أضف على ذلك، فإن التحدي يصبح أكثر صعوبة على ضوء حقيقة أنه بالإضافة إلى موضوع الحرب، يتضمن مقترح الموازنة إضافة كبيرة على النفقات لتغطية بنود كان من المفترض أن تغطيها ميزانية 2024 والتي هي أيضًا ذات طبيعة دائمة. وفي ضوء كل هذا، من الصعب أن نرى كيف يمكن إجراء التعديلات المذكورة أعلاه دون اتخاذ خطوات دائمة لزيادة الإيرادات، مثل رفع ضريبة القيمة المضافة، وغيرها من التدابير التي من المتوقع أن تولد إيرادات كافية. ولهذا من الضروري اعتماد مثل هذه التدابير حتى في الميزانية الحالية من أجل إقناع الجمهور والأسواق بجدية الحكومة في الحفاظ على خطة مالية موثوقة. علاوة على ذلك، وبالنظر إلى الحجم الحالي للتعديلات المطلوبة، سيكون من الصحيح تقديم موعد تنفيذ بعض التعديلات الخاصة بالإيرادات مثل ضريبة القيمة المضافة لعام 2024، ومن المؤكد أنه يجب تنفيذها مع بداية عام 2025 على أبعد تقدير.
أؤكد مرة أخرى: لكي تتحمل الأسواق العجز الكبير في عام 2024، من المهم أن تؤدي قرارات الحكومة في مجال الميزانية إلى تجنب سير إسرائيل نحو استمرار تزايد الديون. إن إدراك الأسواق بأن إسرائيل تتحرك في هذا الاتجاه يمكن أن يؤدي إلى زيادة في العائدات وانخفاض قيمة العملة ورفع التضخم والإضرار بالنمو المستقبلي. لذا فإن الأمر يتعلق بإدارة المخاطر. في هذا السياق أشير إلى أن تأثير رد الفعل السلبي في الأسواق لا يكون دائمًا متسقاً. ومن الصعب التنبؤ بموعد الوصول لنقطة التحول التي تعيد فيها الأسواق تقييم هذه المخاطر، ولكن كلما طال أمد حدوث هذه التعديلات، زاد احتمال حدوث ذلك. إن الحفاظ على المصداقية المالية في ظل الظروف الحالية يتطلب جهداً كبيراً، ولكنه جهد ضروري يشكل جزءاً من إثبات الجدية التي يجب إظهارها للأسواق في هذا الوقت.
إن الاقتصاد الإسرائيلي متين في الأساس ويتمتع بالخصائص اللازمة للتعافي حتى في خضم الحرب. ولكن هذا لن يحدث تلقائياً. من المهم أن نتذكر أن النمو الاقتصادي يعتمد في المقام الأول على استقرار الاقتصاد وثقة المستثمرين فيه. إن سياسة الحكومة في التعامل مع جميع هذه الصعوبات مع الحفاظ على المسؤولية المالية له أهمية حاسمة لمساعدة الاقتصاد على التعافي من آثار الحرب والنمو مرة أخرى بشكل سريع.
في نهاية كلمتي، سيتم نشرها كالمعتاد على موقع بنك إسرائيل
شكراً جزيلاً

من بين أمور أخرى، أشار المحافظ خلال الاجتماع إلى بعض التدابير الفردية في الميزانية. ومنها:
بالإشارة إلى مقترحات أصحاب القرار الفردية المقدمة إلى الحكومة، أود أن أشير إلى أهمية عدة تدابير. إن الترويج لفرض ضريبة الكربون وضريبة السفر على السيارات الكهربائية هي خطوات كان من المفترض تطبيقها حتى قبل الحرب من أجل تعزيز الأهداف البيئية وتقليل الازدحام والأضرار البيئية الناجمة عن المواصلات. تعد ضريبة السفر في الأساس خطوة تهدف إلى الحفاظ على إيرادات الحكومة من الضرائب على المركبات بدلاً من الضريبة على الوقود “البلو”، والتي ستنخفض مع تحول المزيد من السائقين إلى السيارات الكهربائية. بدون ضريبة السفر، من الضروري تحديد مصدر بديل للدخل يتوافق مع الخسارة في إيرادات ضريبة الوقود. وفيما يتعلق بضريبة الكربون، فإن المعدل المقترح ونطاق التغطية منخفض ــ وخاصة بالنسبة للغاز الطبيعي، الذي من المتوقع أن يحل محل استخدام الفحم في الأعوام المقبلة. على الرغم من أنه من المتوقع أن تؤدي الضريبة إلى زيادة أسعار معينة بالنسبة للمستهلك، إلا أن هناك تدابير تكميلية تم تطبيقها بالفعل في الماضي بغرض دعم الفئات السكانية الضعيفة عند تطبيق الضريبة.
في كتيب أصحاب القرار هناك مقترح لتقليل المنح والدعم للمصالح التجارية. وهذا مثال على خطوة ربما كانت تستحق دراسة أكثر تعمقاً لولا الحرب واحتياجاتها، لكنها في الوضع الحالي هي الأسوأ على الإطلاق، إذ أن بعض أدوات المساعدة، كما هو الحال في إطار قانون تشجيع استثمارات رأس المال، تميز بين فروع الاقتصاد المختلفة وبالتالي تمس بتوزيع الموارد في النظام الاقتصادي. وفي المقابل فإن خطة دمج تقنيات الإنتاج المتقدمة في الصناعة هي أداة تعالج قضية مهمة في الاقتصاد، ومن الأفضل فحصها بشكل أعمق قبل إلغائها.
أود أن أشير أيضاً إلى أن اقتراح تخفيض حوالي 15% من ميزانية الخطة الخمسية للمجتمع العربي يمثل إشكالية حتى في هذا الوقت، لأن هذه الخطة مهمة لتعزيز اندماج عرب إسرائيل في المجتمع الإسرائيلي والاقتصاد، وتهدف إلى الحد من نقص الاستثمار في هذا المجتمع. لهذا البرنامج، وللمجتمع العربي بشكل عام، مساهمة محتملة مهمة في النمو المستقبلي للاقتصاد في إسرائيل. وينبغي النظر في بدائل لهذا الاقتراح.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا