شادي يصمم أزياء تتجاوز الجسد وتعبره إلى أعماق الهوية والشخصية والانسانية

0 11٬377

شادي فرنسيس مجلطون مصمم ازياء شاب اختير من بين 5 مصممين عرب مبدعين في مجالاتهم لعرض أعماله في متحف اسرائيل في القدس.

في هذا اللقاء المثير والمؤثر يأخذنا شادي في جولة مع عواطفه ومصادر إلهامه ومجموعاته, من خلالها يناقش القضايا المجتمعية التي يحاكيها من خلال تصميماته. بالاضافة الى معاركه الشخصية بعد وفاة والدته حين كان عمره 9 سنوات, وكيف ياخذها من خلال فنه الى جولة في شوارع القدس ويحدثها عن شعوره حين يمرّ في شارع عربي مهجّر.


شادي يصمم أزياء تتجاوز المظهر والجسد وتدخل في أعماق هويتنا ان كانت الوطنية او الاجتماعية او الشخصية.

 لدى شادي أستوديو في نيشر بجانب حيفا ولديه موقع بيع اونلاين ويمكن التواصل معه عن طريق الانستغرام SFM between art and design


الصنارة: ما هي الأمور التي تفضل تصميمها؟

شادي: الحقائب والبدلات.

الصنارة: بدلات نسائية أم رجالية؟ في صفحتك على انستڠرام لاحظنا أن تصميماتك الرجالية فيها نوع من الأنوثة والأقمشة شفافة..

شادي: البدلات التي أصممها هي يونيسكس (تناسب الجنسين), هي ليست محددة لا للرجال ولا للنساء إنما هي للجميع.

الصنارة: تقليدياً نحن معتادون على أزياء رجالية أو نسائية..

شاديحسب اعتقادي لقد انتهى هذا العصر! نحن نعيش فترة Post Individualism, في السابق كان على الشخص أن يعبّر عن نفسه من خلال الملابس بينما اليوم عبرنا هذه المرحلة, فالشخص يستطيع التعبير عن نفسه من خلال ملابسه وأكثر من ذلك فهو يعرض نفسه وشخصيته عن طريق ملابسه. عندما يسير في الشارع عملياً هو Show كامل, كل شيء هو يرتديه وكل حركة يقوم بها, صوته وساعته وخاتمه, كل هذه الأمور هي هويته. أنت تقرر أين تريد أن تكون على الطيف.

الصنارة: هل فعلاً تعتقد أن هذه الأزياء التي تعرضها هي مناسبة لمجتمعنا؟

شاديأنا أصمم ما أراه مناسباً ولا أفرض هذا الأمر على أحد. في نهاية الأمر أنا عبارة عن إنسان ولديّ رؤيتي الخاصة التي ممكن أن تلائم البعض بينما لا تلائم البعض الآخر, قسم من الناس ستجد أن تصميماتي تمثلها.. كل إنسان يعبّر عن شخصيته بما يلائمه من أزياء.

أصمم أزياء يونيسكس لأنني أستوحي التصميمات من مصادر مختلفة وأبدأ التصميم بشكل عفوي, وقد أركز بأفكاري على بعض التصميمات أكثر من غيرها. عندما أستلهم الإيحاء من شيء غير ملموس مثل فكرة أو شعور فعندها أدرس التصميم أكثر ومن ثم تظهر الرسومات بشكل عفوي وينتُج عنها هذه الشخصيات الخارجة عن المألوف.

أمر آخر, الإيحاء قد يصدر من مكان عميق في داخلي أو من عمق حالات اجتماعية, أو من دراسة فئات مجتمعية تسمى للأسف “أقليات”, فبشكل عام هي ليست التيار المتبع أو التقليدي وهي ليست الملابس التي سترينها غداً في الشارع على كل الناس.

الصنارة: ما هي مراحل التصميم حتى ينتج زيّ او كولكشن؟

شاديعندما أتعامل مع الجسد فمن الممكن أن أتعامل معه كشخصية محتشمة أو بتصميم مكشوف أكثر, مثلاً مع شخص متدين أو غير متدين, مع ذكر أو أنثى, فنفس اللباس ممكن أن أُغلق أزراره أو افتحها أو أن أستخدم لنفس اللباس قماشاً شفافاً أو غير شفاف. التصميم النهائي ينتُج عن دراسة كاملة لأن بيئتنا مختلطة جداً. حينما يوجد دين فيوجد تواضع, ألوان هادئة أو سوداء, يوجد حشمة.

الصنارة: هل صممت مرة كولكشن للمتدينات أو تعد لذلك مستقبلا؟

شاديتصميمات كولكشن “ليندا” المعروض في متحف إسرائيل من ضمنه ثوبان عُرضا على عارضتين محجبتين.

الصنارة: ما رأيك بعروض الأزياء اليوم التي أصبحت تعتمد أكثر على Show من التصميم؟

شاديأنا لا أرى الحياة بمنظار أبيض أو أسود, بل الحياة مليئة بالرمادي في الوسط. الأزياء ليست مجرد ملابس لأن عالم الأزياء هو عالم فني أيضاً مثل أي مجال فني آخر وأنا أرى أن الجسد هو الچاليريا خاصتنا. كل قطعة نرتديها من أزياء أو مجوهرات تُعبّر عنا وترتبط بمشاعرنا وأفكارنا. وعرض الأزياء هو نفس الفكرة وإنما بحرية أوسع. عندما أصمم قطعة لعرض أزياء فلست مجبراً بأن أجعلها مريحة للبس فأنا يحق لي التعبير عن أفكاري مثل الأعمال الفنية التي من خلالها نُجري ثورة أو نُعبّر عن رأي معيّن فنفس الشيء يحصل في عروض الأزياء.  جزء من العروض هدفها الانتشار في التيك توك كوسيلة نشر بالذات مع اكتظاظ المصممين في هذه الأيام والمنافسة, وجزء من العروض مدروسة فعلاً.

الصنارة: بما انك ذكرت المنافسة فنجد أن الكثير من الأشخاص في مجتمعنا الصغير والمحدود أصبحوا يعملون في مجال تصميم الأزياء وبعضهم ليست له الخلفية التعليمية أصلاً, فما رأيك بهذا الأمر؟

شاديقبل 10 سنوات حين قررت دراسة مجال تصميم الأزياء لم يكن هناك أكثر من 10 أسماء معروفة لمصممي أزياء محليين, بينما في السنة التي تخرجت فيها دخل قسم التصميم 13 تلميذاً عربياً في السنة الأولى! قبل 10 سنوات كان الوضع مختلفاً والسوشيال ميديا كانت في بدايتها وكأننا كنا على كوكب آخر!

من خلال مجموعة “أمومة” أقول:

الأمومة لا تأتي فقط من الأم البيولوجية, بل هي عبارة عن حالة حب

وهو أكثر نوع حب مقدس!!

الصنارة: ما هي بصمتك بالتصميم؟

شاديأحب أن أعطي معنى للأمور المرمية أو الناس المهملة سياسياً أو اجتماعياً, ولذلك دائماً اتكلم عن الأقليات. بخصوص المواد المهملة فتجدون حقائبي صممت من آلات موسيقية لم تعد مستعملة. كولكشن ستريت مثلاً صممته من مواد رُميت في الشارع.  مجموعتا “ليندا” و”أمومة” تتحدثان عن ناس مهملة اجتماعياً وهما معروضتان في متحف إسرائيل في القدس.

“ليندا” هو مشروع يناقش مشكلة شخصية بي وهي وفاة والدتي (بعمر 37 سنة) عندما كنت بعمر 9 سنوات وواجهت مشكلة في تقبُل الأمر. بعد وفاتها انتقلنا للسكن من الناصرة للقدس مما صعب عليّ الأمور أكثر وما حصل هو أن عقلي بطريقة ما تخلّى عن ذكراها كوسيلة مواجهة لولد صغير خسر والدته ويواجه صدمة ومحنة.

كولكشن “ليندا” مكون من 13 قطعة كلُ منها تحمل اسم شارع في القدس وكأنني آخذ والدتي الى جولة في القدس وأشرح لها شعوري كيف يكون حين أمرّ في كل واحد من الشوارع. من خلالها أتكلم عن زوايا هويتي وما هو شعوري حين أمرّ في شارع عربي أو في شارع عربي مهجّر او في شارع إسلامي او مسيحي الى آخره. فكل قطعة أزياء معينة وتحكي قصة شارع وهو فعلياً جولة لأمي في القدس.

الصنارة: وماذا عن مشروع “أمومة”؟

شادي: “ليندا” هو أكثر مشروع شخصي ويتحدث عني, بينما مشروع “أمومة” يتكلم عن أمي الثانية بما أن أبي تزوج بعد وفاة والدتي ودخلت على حياتي أم ثانية أصبحت أعزّ صديقة لي وما زالت. فهذا المشروع من خلاله أقول شكراً لأهلي الثلاثة وهو عبارة عن فساتين زفاف والدتايّ الاثنتين حوّلتهنّ الى بدلات رجالية تتزوج, بدلة بيضاء وبدلة سوداء. حوّلتها الى بدلات رجالية لأنني ضممت والدي إليهما. الهدف هو أن نتكلم عن عائلة فيها أكثر من أب وأم, إذ يوجد أم ثانية, ولديّ أخ من والدي وأمي الثانية وهو أعزّ صديق لي.

الهدف هو عرض الفكرة أنه يوجد عائلات مختلفة وغير تقليدية ولا ينفع أن نجلد بالسوط كل عائلة مختلفة عن المعهود, مثلاً اذا كانت عائلة فيها طفل متبنى أو عائلة فيها أب بدون أم أو العكس, أو عائلة فيها الوالدان مطلقان أو منفصلان أو عائلة فيها امرأة معنفة. هدف مجموعة “أمومة” أن يعكس لمجتمعنا الاختلافات مثل أن الأب ممكن أن يكون أم أيضاً أو أن تحكي عن الأمومة التي ليس شرطاً أن تصدر من الأم البيولوجية بل من امرأة,  فلفترة طويلة حين كانت والدتي مريضة كان  والدي هو بمثابة أمي أيضاً. وفي فترة ما كانت جدتي هي والدتي ومن ثم زوجة أبي أصبحت بمثابة والدتي. بمعنى أن الأمومة لا تأتي فقط من الأم البيولوجية بل هي عبارة عن حالة وعن نوع حب وهو أكثر نوع حب مقدس.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا