تمديد ولاية محافظ بنك اسرائيل لفترة ثانية

0 3٬689

أقيم صباح اليوم (الاثنين) في منزل رئيس الدولة بالقدس، حفل بمناسبة تمديد ولاية محافظ بنك إسرائيل البروفيسور أمير يارون لفترة ثانية، وذلك بحضور رئيس الدولة السيد اسحق هرتسوغ، ورئيس الوزراء السيد بنيامين نتنياهو، ووزير المالية السيد بتسالئيل سموتريتش.

كلمة المحافظ في حفل التعيين:

فخامة رئيس الدولة وعقيلته، السيد رئيس الوزراء، وزير المالية، زملائي في بنك إسرائيل، الضيوف الكرام.

يأتي هذا الحدث بينما يقاتل خيرة أبناؤنا وبناتنا في الجبهة دفاعاً عن دولة إسرائيل. وأنا أتمنى لهم كل التوفيق. أود أن أتقدم بالتعازي لأسر من سقطوا وقتلوا في الحرب، وأتمنى الشفاء التام للجرحى، والعودة السريعة لجميع المختطفين.

أود أن أتقدم لكم بالشكر، فخامة الرئيس، ورئيس الوزراء، ووزير المالية على قرار تعييني لولاية ثانية كمحافظ لبنك إسرائيل. وأود أن أشكر أيضاً موظفي بنك إسرائيل على عملهم المهني والمتفاني. كما أود أن أشكر أعضاء إدارة البنك وأعضاء اللجنة النقدية وأعضاء المجلس الإداري للبنك. أتقدم أيضًا بشكر خاص لزوجتي نوريت، وأبنائي بار وتومر، وأفراد عائلتي، الذين يسمحون لي بتخصيص وقتي وطاقتي لأداء هذا الدور، والذين يقدمون لي الدعم طوال الوقت.

أود في كلمتي أن أستعرض بإيجاز السنوات الماضية، وأحداث الحرب وتبعاتها، وأن أتطلع أيضاً إلى ما هو أبعد من وقتنا الحالي نحو تحديات السنوات المقبلة.

كانت السنوات الخمس التي خدمت فيها كمحافظ لبنك إسرائيل من السنوات الأكثر تعقيدًا التي مر بها الاقتصاد الإسرائيلي: وباء كورونا، الحرب الروسية الأوكرانية، تفشي التضخم، خمس جولات انتخابية، الجدل العام حول التعديلات الدستورية وغيرها. لكن التحدي الأهم، وطنياً واقتصادياً، بدأ بالهجوم المأساوي الذي وقع في السابع من تشرين الأول، والذي أشعل حرب “السيوف الحديدية”.

كان الاقتصاد الإسرائيلي في وضع قوي عشية السابع من تشرين الأول. وانخفضت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، والتي تعتبر أحد أهم مؤشرات قوة الاقتصاد، إلى حوالي 60%، وكان العجز المتوقع في الميزانية منخفضاً، وكان معدل البطالة منخفضاً، وكانت توقعات النمو مشجعة، خاصة عند مقارنتها بالمعطيات الدولية. بالإضافة إلى ذلك، شكل احتياطي النقد الأجنبي الذي بلغ حوالي 200 مليار دولار وسادة أمان حقيقية سمحت بالتعامل مع الانخفاض السريع في قيمة الشيكل عند اندلاع الحرب، وتحقيق استقرار في الأسواق المالية الأخرى أيضًا.

من المهم التأكيد على أن الاقتصاد الإسرائيلي أظهر قدرات متميزة على التعافي من الأزمات التي مر بها على مر السنين. وينطبق هذا على أزمة كورونا، وكذلك على رؤية أبعد للأحداث الجيوسياسية والأمنية. الجمهور الذي يرغب بالحياة، والمشاريع الإسرائيلية القوية، وحقيقة أننا رواد في عالم التكنولوجيا، لكل ذلك تأثير كبير. وكل ذلك يدل على أن الاقتصاد الإسرائيلي يمتلك المقومات اللازمة للعودة والازدهار حتى بعد حرب “السيوف الحديدية”، وأنا أؤكد على ذلك في كل محفل محلي ودولي.

من ناحية أخرى، فنحن نعيش في عالم محدود الموارد. لذلك، ومن أجل تحقيق إمكانات النظام الاقتصادي على ضوء الآثار الاقتصادية والأمنية للحرب، لا بد من إجراء تعديلات على السياسة الاقتصادية. المستثمرون ووكالات التصنيف والأسواق المالية والجمهور ككل يتابعون هذه الأيام السياسة في إسرائيل بتمعن. في هذا الوقت، وأكثر من أي وقت آخر، من الضروري إدارة السياسة الاقتصادية – المالية والنقدية – بمسؤولية كبيرة. سيتعين على الحكومة إيجاد التوازن الصحيح بين تمويل نفقات الحرب والزيادة المتوقعة في ميزانية الدفاع – وبين الحاجة إلى مواصلة الاستثمار في النفقات المدنية الأخرى، والتي انخفضت بالفعل، وخاصة في محركات التنمية مثل البنى التحتية والتعليم. وأود أن أؤكد مرة أخرى على أهمية الحفاظ على هذه المسؤولية، وتجنب النفقات التي لا تتعلق بالمجهود الحربي، أو التي لا تعزز التنمية.

إحدى الطرق الممكنة لتحقيق ذلك هي أن يتم في موازنة 2024، إدراج جميع النفقات العسكرية والمدنية المرتبطة مباشرة بالحرب في صندوق مؤقت، يتم دعمه بما يتجاوز سقف الإنفاق الأصلي لعام 2024. في المقابل، ومن أجل احتواء الزيادة الدائمة المتوقعة في الإنفاق الدفاعي بعد الحرب، يتوجب إجراء ملاءمات بنطاق مماثل – بحوالي 20 مليار شيكل على سبيل المثال، في بنود أخرى من الميزانية – ويفضل أن يتم ذلك في بنود ذات طبيعة مستمرة، ويمكن القيام بذلك من خلال خفض نفقات الحكومة وزيادة الإيرادات، بحيث يتم تحديد سقف العجز عند مستوى يؤدي إلى انخفاض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بعد الحرب. ومن الأفضل أن يتم إجراء هذه التعديلات في أسرع وقت ممكن، حتى يكون واضحاً للأسواق أن إسرائيل ستكون قادرة على مواجهة العبء الأمني ​​المتزايد مع الحفاظ على التزاماتها المالية.

أود أيضًا أن أشير إلى الواقع الاقتصادي بنظرة نحو المستقبل، فهناك أهمية حاسمة للاستمرار في دعم القطاع الخاص القوي والمزدهر الموجود في إسرائيل. وعلينا أن نواصل تعزيز الابتكار التكنولوجي الذي يعد محركاً للنمو الاقتصادي. لا توجد طرق مختصرة لتحقيق ذلك، وكانت أسس ذلك وستظل متجذرة بعمق في الاستثمار في التعليم الجيد والملائم لأبنائنا. إن التغيرات التكنولوجية، بما في ذلك ثورة الذكاء الاصطناعي، تجلب المزيد من التحديات أمام الاقتصاد ومن المحتمل أن تجبر المواطنين والعمال أيضاً على التكيف معها بشكل أسرع – وهو أمر يتطلب تعزيز المهارات ذات الصلة. في عالم كهذا، تزداد أهمية تعليم التخصصات الأساسية لجميع الطلاب الإسرائيليين. إن التعليم هو المفتاح لتحقيق النمو، وتوسيع الإمكانيات، والحد من عدم المساواة. نريد أن تكون هذه الفرص متاحة لجميع أطفال إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، يجب على إسرائيل الاستمرار في الاستثمار وتطوير البنى التحتية المادية والرقمية. فلهذه المكونات تأثير على الإنتاجية، وعلى سوق الإسكان، وجودة خدمات القطاع العام، وغير ذلك. هذه هي المفاتيح لغد إسرائيلي يتحرك فيه الاقتصاد نحو الأمام.

استقرار الأسعار هو شرط ضروري للنشاط الاقتصادي السليم. ولا خلاف على ذلك. تحتاج السياسة النقدية لاقتصاد صغير ومفتوح مثل إسرائيل إلى إيجاد التوازن المناسب والتنقل الصحيح بين حجم التجارة والنشاط العالمي وبين الاحتياجات الفريدة للنظام الاقتصادي الإسرائيلي. يتمتع كل نظام اقتصادي بظروف وهيكيلية محددة تسمح له، بل وتفرض عليه في بعض الأحيان، سياسات معينة. ونحن في بنك إسرائيل سنواصل إدارة هذه السياسة بمسؤولية، مع استخدام أدوات السياسة المتاحة لنا من أجل الحفاظ على استقرار الأسعار والأسواق المالية، ودعم ازدهار ونمو الاقتصاد.

في الفترة التي سبقت وباء كورونا، واجهت العديد من البنوك المركزية بيئة تضخم أقل من الهدف. ومن ناحية أخرى – فإن تراجع العولمة، والفائض في سلاسل التوريد العالمية، والزيادة المتوقعة في الاستثمارات المتوافقة مع اقتصاد الطاقة النظيفة – قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية، حتى بعد نهاية جولة التضخم الحالية. تدعم هذه الرؤية التحليلات التي أجراها بنك إسرائيل خلال العامين الماضيين فيما يتعلق بترك هدف التضخم دون تغيير – بين واحد وثلاثة في المائة – مما يتيح المرونة اللازمة لنظام اقتصادي مثل نظامنا. وسنواصل بالطبع متابعة التطورات العالمية في هذا الشأن.

أود أن أتطرق إلى التطورات في النظام المالي. من المهم أن نفهم أن هذا النظام هو السكة التي تربط  بين عجلات الاقتصاد، وتربط بين الإدخار والاستثمار – وكلما كان النظام أكثر كفاءة، كلما كان ذلك أفضل للاقتصاد ككل. لقد ساهمنا في إحداث تغيير جذري في عالم المدفوعات والابتكار المالي في إسرائيل. قبل خمس سنوات، لم نتمكن من الدفع عن طريق الهاتف المحمول، وكان انتقال الزبائن بين البنوك أمراً معقدًا ولم يكن ممكناً عبر الإنترنت، ولم تكن بيانات التصنيف ومؤشرات الائتمان متوفرة، ولم يتم إنشاء أي بنوك جديدة في إسرائيل منذ أكثر من 40 عامًا. ساعدت جميع هذه العناصر في المقام الأول الأسر والمصالح التجارية الصغيرة، والتي تعد هدفاً مركزياً رئيسياً لأفكارنا وأفعالنا.

سنستمر بقيادة مثل هذه التطورات والدفع بخطوات أخرى تتعلق بالمنافسة والابتكار في النظام المالي. سأعمل على وضع خطة استراتيجية لبنك إسرائيل للسنوات القادمة. وسنتعامل، من بين أمور أخرى، مع عالم المدفوعات والخدمات المصرفية للمستقبل – سنستكمل دراسة إمكانية إصدار شيكل رقمي، وتسهيل وزيادة كفاءة المدفوعات عبر الحدود، وتطوير العالم المالي المستقبلي.

أريد أن استغل هذه المنصة لأؤكد مرة أخرى على أهمية استقرار النظام المالي. وتحقيق هذا الاستقرار ليس بالأمر السهل، ومن المؤسف أن هناك من يتهاون في هذا الموضوع. يُظهر التاريخ الاقتصادي أن الصدمات المصحوبة بأزمات مالية تصبح أعمق وأشد ضرراً من الناحية الاقتصادية. ولهذا السبب أيضاً اتخذنا خطوات حاسمة وسريعة مع بداية أحداث كورونا ومع اندلاع الحرب الحالية. إن نموذج الأعمال في العالم المالي يتغير، ولكن الخطر الذي يهدد البنوك والمؤسسات المالية يصبح أكثر تحدياً في العالم الحديث والرقمي. وليس من قبيل الصدفة أن يتم منح جائزة نوبل في الاقتصاد العام الماضي في هذا المجال.

من خلال نظرة إلى المستقبل، وكجزء من الدروس المستفادة من الأزمة المصرفية في الولايات المتحدة الأمريكية في العام الماضي، هناك حاجة أيضًا إلى إعادة فحص إجراءات التسوية في النظام المالي، وطريقة دمج هيئات مصرفية ومالية جديدة فيه. سنواصل تعزيز الخطوات والأدوات المختلفة التي يصيغها البنك لصالح ازدهار وتطوير النظام المالي في السنوات المقبلة أيضاً، مع الحفاظ على الاستقرار وزيادة المنافسة.

قبل أن أختتم كلمتي، أود أن أؤكد على أهمية قوة واستقلالية المؤسسات المختلفة، ومن بينها بالطبع بنك إسرائيل. شهدنا في الآونة الأخيرة تصريحات ومحاولات متكررة للتدخل في آليات السوق فيما يتعلق بالعمل المصرفي والمالي، وحتى فيما يتعلق بالسياسة النقدية، من خلال مقترحات تشريعية. من المهم أن نفهم أن الأضرار التي ستلحق بهذه المجالات ستؤثر أيضاً على الاقتصاد الإسرائيلي. هناك العديد من الأمثلة على الأضرار التي لحقت بالأنظمة الاقتصادية نتيجة تمرير مثل هذه المقترحات. تولي الأسواق والهيئات الدولية أهمية قصوى لاستقلالية ومهنية البنك واللجنة النقدية. رئيس الوزراء يدرك جيداً أهمية هذا الموضوع، وقد اضطر للأسف للتدخل عدة مرات في هذا الشأن، وأنا أشكره على ذلك.

في نهاية كلمتي، آمل أن تكون الأيام التي تلي الحرب أياماً ننطلق فيها في مسار جديد، مسار يتعلم من الماضي، ومن النجاحات والإخفاقات. أتمنى الرخاء للمجتمع الإسرائيلي برمته، وأن يصبح مجتمعاً يعمل من أجله الجميع ويشاركون فيه ويستمتعون بثماره.

إن الاستمرار في العمل كمحافظ لبنك إسرائيل هو فخر ومهمة كبيرة بالنسبة لي، خاصة في هذا الوقت المصيري. وسأبذل قصارى جهدي للاستمرار والعمل لصالح الاقتصاد الإسرائيلي ولصالح دولة إسرائيل.

شكراً لكم

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا