المحامي محمد نعامنة للصنارة: الغاء “حجة المعقولية” بداية الطريق الى حكم شمولي.. وأي تقليص بصلاحيات المحكمة العليا سيضر بمكانة الأقلية أيا كانت

0 7٬668

المحامي محمد نعامنة، رئيس لواء الشمال في نقابة المحامين وعضو لجنة تعيين القضاة، في لقاء مع “الصنارة”: الغاء “حجة المعقولية” بداية الطريق الى حكم شمولي.. وأي تقليص بصلاحيات المحكمة العليا سيضر بمكانة الأقلية أيا كانت

زياد شليوط


وافقت الكنيست بأصوات أعضاء الائتلاف الحكومي، يوم الثلاثاء الماضي، على الغاء “حجة المعقولية” أو “مسوّغ المعقولية” أو “الأرجحية”، تعدّد الأسماء والمصيبة واحدة، الذي يتيح لمحكمة العدل العليا الغاء قرارات الحكومة و/أو وزرائها عندما تتجاوز المعقول والمنطق وكما تسمى بالعبرية “עילת הסבירות” وبينما انشغل الرأي العام بالخطر الداهم على الديمقراطية انشغلت بعض الأوساط عندنا بدقة تسمية القانون الجديد الذي تم التصويت عليه، ففي حين اعتمدت اعلاميا التسمية الشائعة “المعقولية”، نشر د. إياس يوسف ناصر، وهو شاعر ومحاضر في قسم اللغة العربية في الجامعة العبرية على صفحته معترضا ومقترحا تسمية أخرى، قائلا: “شاع في هذه الأيّام مصطلح «المعقوليّة» ليؤدّي معنى المصطلح القضائيّ )סבירות، Reasonability)، وإنّي لَأُوثِر أن تستعمل وسائل الإعلام مصطلح «الأَرْجَحِيَّة» للإشارة إلى المبدأ الّذي تتّخذه المحاكم في دراسة كلّ قرار من القرارات الحكوميّة: أهو قرار راجح مقبول؟ أم قرار ظالم غير سديد؟ ما الأرجح؟”

ويغرف د. إياس من معاجم اللغة والأدب العربيّ، فوجد أنّ “حروف الأصول «ر.ج.ح» تتّصل اتّصالًا متينًا بالرّأي الصّائب والقرار العادل السّديد. فٱلرَّجَاحَةُ في الأمر: إدراكُ وجه الصّواب فيه. ورَجَاحَةُ ٱلرَّأْي: رزانتُهُ واعتدالُهُ. وَٱلرَّاجِحُ: هو من ينظر في الأمور ويهتدي إلى الموقف الصّائب فيها. والأمرُ الأهمّ في هذا الصّدد أنّنا نقول: «رَجَحَ ٱلْمِيزَانُ» بمعنى «مَالَ»، و«رَجَحَتْ إِحْدَى ٱلْكَفَّتَيْنِ عَلَى ٱلْأُخْرَى» بمعنى «مالت»، و«رَجَحَ أَحَدُ ٱلْقَوْلَيْنِ عَلَى ٱلْآخَرِ» بمعنى «كان أَرْجَحَ وأَصْوَبَ منه». ولهذا، يُتّخَذُ مبدأ الأرجحيّة مقياسًا لإبطال القرار الّذي لا يكون راجحًا في ميزان العدل والإنصاف.” 

 

وما بين تفضيل المحامي محمد نعامنة لمصطلح “المعقولية” لأنها تتناسب وتتماشى مع العقل السليم، أو تفضيل “الأرجحية” لدى د. إياس ناصر، فإن الخطر على الديمقراطية وما سيمس المواطنين العرب جراءه هو جوهر الموضوع، فقد أجرت “الصنارة” هذا اللقاء مع  المحامي محمد نعامنة، رئيس لواء الشمال في نقابة المحامين وعضو لجنة تعيين القضاة.

الصنارة: ما هي حجة المعقولية أو الأرجحية؟ وما مدى تأثير الغائها على الديمقراطية وما هي مصلحة الأطراف المؤيدة لها؟ 

م. نعامنة: لا شك أن كل التغييرات القضائية التي نشهدها ليست برنامجا طبيعيا في دولة تدعي الديمقراطية. ويقود تلك التغييرات ثلاثة تيارات هي: الأول اليمين المتطرف المتدين، وينطلق من أن الدولة الديمقراطية بالنسبة له اجراء للسيطرة على مراكز القوى فيها للوصول الى هدف آخر، ما يهمها ليس المعقولية انما السيطرة على لجنة تعيين القضاة، الغاء مؤسسات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق الانسان، وامكانية رفع جميع الحواجز التي تراقب تصرف السلطة تجاه المواطنين، وهذا له انعكاس سلبي على مناطق الضفة الغربية الخاضعة لمراقبة المحكمة العليا التي يمكنها التدخل في أعمال الحكومة في تلك المناطق بواسطة حجة المعقولية، لكن يجب أن يتوفر لديها قضاة متنورين، أما اذا كانوا من تيار معين لن يتدخلوا في أعمال الحكومة. لذا يعمل هذا التيار على الغاء وظيفة المستشار القضائي في المكاتب الحكومية ومنع تدخل المحكمة في قرارات الكنيست.

التيار الثاني يتكون من المتدينين من مجموعة شاس وغيرها، وهو معني بالغاء حجة المعقولية من أجل الحصول على كل الوعود المقدمة له في فترة الانتخابات، وكما نعلم فان المحكمة ألغت تعيين الوزير درعي، اقتراح الحكومة اليوم ليس الغاء المسوغ لعدم المعقولية – مقياس تفحص المحكمة عقلانية التصرف- في حال خلاف بين الفرد والسلطة التنفيذية التي تطبق القانون، يودون الغاء تدخل المحكمة في قرارات الحكومة. 

والتيار الثالث يمثل الأغلبية في الائتلاف الحكومي وبالأساس هو الحزب الحاكم، الذي يحتاج لائتلاف داخلي وآخر خارجي. ليفين اليوم أقلية لكن الحزب يحتاج الى كل الائتلاف (64 عضوا) فهو نوع من الرهينة بأيدي أحزاب الائتلاف. 

الصنارة: لكن الائتلاف يدعي بأن حجة المعقولية غير موجودة في كثير من الدول الديمقراطية في العالم، فلماذا يعتبر عدم وجوده في اسرائيل هجوما على الديمقراطية؟  

م. نعامنة: ما يميز وضع دولة اسرائيل أنه لا يوجد فيها دستور يحكم هيكلية الدولة، ويكون فوق الجميع، كما لا توجد فيها وثيقة حقوق انسان تنظم العلاقة بين المواطن ومؤسسات الدولة. انهم يستشهدون بدول أخرى لكن يتجاهلون بأن بعض تلك الدول تملك أكثر من مجلس تمثيلي (الولايات المتحدة) أو يوجد دساتير في دول أخرى، لذا وبما أنه لا يوجد اتفاق بين التيارات السياسية التي أقامت الدولة على دستور، هذا يحتم وجود صمامات أمان أحدها المستشار القضائي وأخرى حجة المعقولية التي تضع تصرفات السلطة التنفيذية وفق مقياس ما، المحمكة تتدخل في حال كان القرار غير عقلاني بشكل متطرف حفاظا على مبدأ فصل السلطات. من يطالب بالغاء دور المحكمة عمليا يطالب بالحصول على السلطة المطلقة وهذا بداية الطريق الى حكم شمولي.

الصنارة: ما هو تأثير الغاء الأرجحية على المواطنين العرب وفي أي مجالات سيلحق بهم الضرر؟

م. نعامنة: في كل مجال تتوفر أداة، بغض النظر عن جدواها، وجودها أفضل من عدم وجودها، وبواسطتها أي أقلية في أي نظام عندها أدوات شرعية لتحصيل حقوقها مثل البرلمان، الاحتجاج، التغيير من خلال الاعلام  وغيره. وأي تقليص بهذه الأدوات سيضر بمكانة الأقلية، أي أقلية كانت.

الصنارة: وزير القضاء وبعد انتخابات نقابة المحامين، يعمل على تقليص صلاحياتها وايجاد جسم بديل لها، كيف تنظرون الى هذه الاجراءات وكيف تتصدون لها؟

م. نعامنة: هذه محاولة أخرى ضمن الهجوم الشامل على الديمقراطية. لجنة تعيين القضاة لها ممثلين من النقابة (أحدهما المحامي محمد نعامنة – الصنارة) وهي هيئة لها استقلاليتها وتشكل خطرا على من يعمل على السيطرة على الجهاز القضائي، لذا يعملون على تحييد نقابة المحامين والغاء دورها، والمجلس الذي يقترحه الوزير، هو اقتراح موجود على طاولة نقابة المحامين، والمجلس كان موجودا من أيام الانتداب البريطاني، عندها كان الوزير يعين مجلسا لتنظيم شؤون المحامين من قبل الحكومة، لذا فان سياسته تتماشى مع سياسة السلطة التي عينته، هذا يعيد المهنة الى سبعين عاما للخلف، ومن سيتضرر هو الجمهور. 

اليوم كنقابة يحمينا القانون ويحمي معلوماتنا السرية، يمكن للمجلس أن يلغي سرية المعلومات لذا هيئة المحامين  تعتبر من أهم الهيئات التي تدافع عن الأفراد. 

مجلس النقابة سيجتمع قريبا لانتخاب ممثيلها في لجنة تعيين القضاة، ولأن الهجوم علينا ضمن الهجوم على الجهاز القضائي، سنقدم التماسا للمحكمة العليا، وهناك خطوات أخرى سننظر فيها في جلستنا في 31 الجاري.

  

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا