المحامي أحمد رسلان، بعد قرار محكمة العدل العليا : القرار يضع حدا للتركيز المفرط في صلاحيات السلطة التنفيذية التي باتت تلامس الحكم الديكتاتوري

0 8٬440

play-rounded-fill
زياد شليوط

أصدرت محكمة العدل العليا، يوم الإثنين الماضي، قرارا يقضي بإلغاء تعديل “قانون أساس: القضاء” لإلغاء “حجة المعقولية”، في قرار صدر بأغلبية 8 قضاة مقابل 7 قضاة، معتبرة أن الكنيست تجاوزت سلطتها “التأسيسية (الدستورية)”، وأن القانون يحد من صلاحيات السلطة القضائية، وذلك في أول مرة في تاريخ إسرائيل تمارس فيه المحكمة سلطتها الرقابية على “قانون أساس”.

وجاء قرار المحكمة بتأييد 8 قضاة على رأسهم رئيسة المحكمة المنتهية ولايتها، إستر حيوت ومعارضة 7 قضاة، أي بأغلبية قاض واحد، مما أثار  موجة من ردود الأفعال في الحلبة السياسية الإسرائيلية، بين مؤيد ومعارض وسط انتقادات وجهها مسؤولون في الحكومة للجهاز القضائي، معتبرين أن نشر القرار أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة، قد يعيد الانقسام المجتمعي العميق في إسرائيل إلى الواجهة.

وجاء في تعليل حيوت، ضمن القرار أن “المراجعة القضائية (الرقابة القضائية على قرارات السلطتين التشريعية والتنفيذية) هي المكابح الفعالة الوحيدة للقوة الكبيرة المركزة في أيدي الحكومة ووزرائها”، وشددت على أن التعديل على “قانون أساس: القضاء يتجاوز سلطة الكنيست، ويتناقض مع مبادئ الديمقراطية، ويقوض جزءا أساسيا من دور المحكمة في الدفاع عن الفرد والمصلحة العامة”.

وهاجم وزير القضاء، ياريف ليفين قرار القضاة وقال:” قرار الحكم لا شبيه له في أية دولة ديمقراطية غربية، ولن يضعف هذا الحكم عزيمتنا “..
وعقب الوزير بيني غانتس قائلا: ” عشية السابع من أكتوبر، وصل المجتمع الإسرائيلي الى أماكن متطرفة، والى حالة من الانقسام والكراهية، وكان من الممنوع أن نصل الى كل هذا. يجب احترام قرار المحكمة، ويجب استخلاص العبر مما حدث في السنة الأخيرة “.
من جانبه، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد: “إن قرار المحكمة العليا يختتم عامًا صعبًا من الصراع، الذي مزّقنا من الداخل وأدى إلى أسوأ كارثة في تاريخنا”، وأضاف “قامت المحكمة العليا اليوم بالوقوف بأمانة عند دورها في حماية مواطني إسرائيل، ونحن نمنحها دعمنا الكامل.”

المحامي أحمد رسلان: محكمة العدل العليا أصبحت المعقل الأخير للحفاظ على الأقليات وسلطة القانون في الدولة

اعتبر المحامي أحمد رسلان، خبير في الشؤون القانونية، في لقاء خاص بصحيفة “الصنارة” هذا القرار تاريخيا لأنه “لم يحدث من قبل” كما قال وأضاف أنه “جاء ليرسم الحدود بما يخص مبدأ فصل السلطات وهو أساس النظام الديمقراطي لهذه الدولة. القرار بخلاصته يعالج عدة مسائل أهمها الصلاحية الموضوعية لمحكمة العدل العليا في التدخل بقوانين أساس وحتى تعديلها”. 

وتابع رسلان: “مقابل أغلبية بسيطة أقرت الغاء قانون حجة المعقولية، قرر 12 قاضيا على صلاحية المحكمة في التدخل بقوانين أساس بمعارضة 3 قضاة فقط”، وأكد اعلان القضاة بأن “ذلك يعني أنه لم يعد للسلطة التنفيذية بعد أو التشريعية أن تتصرف على هواها. فالقانون السابق منح السلطة التنفيذية السيطرة على السلطة التشريعية وسن قوانين تتماشى مع سياستها بتركيز مفرط بيديها إلى حد يلامس الديكتاتورية، وكان الساسة يدعون أنهم سلطة لها حصانة ولا حق لأي سلطة قضائية  التدخل في قراراتهم الإدارية”.

وتكمن أهمية القرار في أنه ألغى وقضى على عملية الانقلاب القضائي، لذلك ينفي المحامي رسلان في حديثه لـ”الصنارة”، أي امكانية للطرف الذي قام بالانقلاب القضائي بالعودة والغاء هذا القرار، وذلك لأن “القانون أكد على أن للمحاكم وبالذات محكمة العدل حق التدخل في القوانين الأساس أو القرارات الادارية الصادرة عن السلطة التنفيذية وحتى التدخل في مشاريع قانونية صادرة عن المشرّع. وبذلك حافظت على مكانة القضاء وعلى مبدأ فصل السلطات وصلاحيتها بأن تراقب عمل باقي السلطات وتمنع ما يسمى تركيز السلطة والصلاحيات المفرطة بين يديها وبالتالي أصبحت المعقل الأخير للحفاظ على الأقليات وسلطة القانون في الدولة”.

وردا على الادعاء بأن القرار اتخذ بأغلبية ضيقة، قال المحامي رسلان لـ”الصنارة” بأن “هذا الادعاء مردود على مروجيه فالأقلية الضيقة هنا تعادل الأقلية الضيقة التي مرّ بها قانون الغاء حجة المعقولية، اضافة إلى أنهم يتجاهلون ما أقرته المحكمة من حق في التدخل بتأييد 12 قاضيا وان 4 قضاة من 7 قالوا بأن حجة المعقولية اشكالية جدا وبالتالي أنقذوا مكانة المحكمة العليا”. 

أما المستحدث في القرار بنظر المحامي أحمد رسلان “بعد اقرار قانون الغاء حجة المعقولية حصلت متغيرات سياسية أثرت على حياة المواطن العادي. وحصل اتخاذ قرارات اعتباطية مثل التي قام بها وزير الأمن القومي من تسليح للمواطنين اليهود وتأسيس ميليشيات، الأمر الذي ترفضه حجة المعقولية لأنها قرارات غير عقلانية. وكذلك التعيينات الجديدة منها ما تم لمفوضة السجون ومنها ما ينتظر لمدير عام الشرطة، فلولا حجة المعقولية كان يمكن ان نصل الى تعيينات سياسية وليست مهنية موضوعية. وجاء قرار المحكمة العليا ليوقف تلك التعيينات وايقاف الفوضى العارمة من قبل السلطة التنفيذية التي لا تتماشى مع الصالح العام انما تخدم سياسة ضيقة لبعض الساسة”.

المستشارة القضائية لن تقدم على طلب إقالة نتنياهو في الوضع الراهن

ومن جهة أخرى أصدرت المحكمة العليا أول أمس الأربعاء قرارا يقضي بتأجيل تعديل القانون الأساس: الحكومة، الاعلان عن العذر القضائي لرئيس الحكومة حتى الدورة الجديدة للكنيست. وعقب المحامي أحمد رسلان بالقول: “سبق للكنيست أن سنت وبتأثير الحكومة قانونا اشكاليا تحافظ فيه على رئيس الحكومة وتمنع اقالته. بينما جاء قرار المحكمة متزنا ولم تلغ القانون بالكامل، انما أبقت عليه من خلال التشريع في الكنيست لكنها أعلنت أنه لا يسري على الدورة الحالية للكنيست انما في الدورة القادمة لأنه يخدم شخصا معينا. وهذا ما سيقرره الناخب في الانتخابات القادمة، فاذا كان معنيا باستمرار الحكومة يعيد انتخابها، واذا ما أراد معاقبتها فانه سيسقطها”. 

وحول رأيه فيما اذا ستقوم المستشارة القضائية للحكومة باستغلال صلاحياتها والاعلان عن التعذر باستمرار نتنياهو في منصبه، أكد رسلان بأنه ” بعد صدور القرار فان جمعيات حقوقية غير حكومية، ستقدم طلبا للمستشارة بأن تعلن عن تعذر رئيس الحكومة الاستمرار في منصبه. لكن برأيي وعلى ضوء الوضع الأمني الراهن فان المستشارة القضائية لن تقدم على هذه الخطوة خاصة وأن الحكومة الحالية وبعد توسيعها تضم وزراء كانوا داعمين للمظاهرات المناوئة للانقلاب القضائي، وبناء عليه تتيح للحكومة مواصلة مهامها”. 

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا