القس المربي – رضوان شحادة :” اِهتمامُنا اليوميُّ… نصائحٌ حياتيّةٌ عمليّةٌ”

0 4٬755

يتكاثرُ الحديثُ في الآونةِ الأخيرةِ عبرَ قنواتِ التّواصلِ الاجتماعيّةِ والقنواتِ الفضائيّةِ وفي شتّى الوسائلِ المختلفةِ عن هذه السنةِ الجديدةِ وما تخبّئُهُ لنا الأيامُ القادمةُ من أحداثٍ، إن كانت قطريًّا أو عالميًّا. وهل الأمور ستكون أفضل أم أسوأ؟، هل الحياة ستصبو إلى التطورِ أم إلى التدهورِ؟، والحقيقةُ أنّنا لا يمكننا معرفةَ الغدِ، ولا المستقبلِ وخباياهُ الاِقتصاديَّةِ والسياسيَّةِ.

تحدياتُنا اليوميّةُ وأمورُنا الحياتيّةُ تُطالبنا باِهتمامٍ مُتواصلٍ وأحيانًا يكونُ مفرطٌ ومبالغٌ بهِ، فإنَّ الاِهتمامَ المُفرَطُ بالغدِ يشغلُ بالنا ويدخلنا في حيرةٍ وهمٍّ نحن بغنى عنه، يقلقُنا ويزعزعُ سكونَ حياتَنا، ويأخذُ حيّزًا كبيرًا من راحتِنا الحياتيّةِ، مما يُؤدّي إلى بلبلةٍ ولخبطةٍ في مجرى الحياةِ، وتضربُ عرضَ الحائطِ جوانبَ مهمَّةً في حياتِنا لتسبِّبَ لنا ضررًا غيرَ محتمَلٍ لتقودَنا للعملِ جاهدين في تصحيحِ الضرَّرِ أو الترقيعِ واِغلاقِ الثَّغراتِ. يقولُ السّيّدُ المسيحُ:

“فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ”، متى 6: 34.

إنَّ اليومَ الّذي نعيشُهُ مليءٌ بالتحدياتِ والمشاكلَ والصعوباتِ، لنعيشَ كلَّ يومٍ بيومٍ ولنحاولَ التغلّبَ عليها، لأنَّها حتمًا تأخذُ قسطًا كبيرًا من مجهودِنا وطاقتِنا، فمشغوليتانا اليوميّة محتاجة لاهتمامٍ كبيرٍ فلا جدوى بإضافةِ يومَ الغدِ في اهتمامِنا الحياتيّ، الجسديّ، النفسيّ والروحيّ، “خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ”، متى6 : 11.

لذا علَيْنا في هذه الأيّامِ أن نضعَ ترتيبًا خاصًّا في أولوياتِ حياتِنا لنتجنَّبَ الوُقوعَ في أيِّ ضررٍ محتملٍ، وها أنا أَضَعُ نصبَ أعينكم بعضَ النَّصائِحَ الأوليَّةِ لِكيفيَّةِ بناءِ الأولوياتِ والتعاملَ معها في حياتنا اليوميَّةِ وتجنبِ القلقِ المفرطِ، (مِن خِبرتي في الحياة اليومية والتعامل مع الناس وارشاد العائلات في خدمتهم وخدمة المجتمع ) :

أولًا: التفكيرُ الإيجابيُّ: علينا أن نتبنّى التفكيرَ الإيجابيَّ ممّا يجعلُنا نعيشُ في راحةٍ نفسيّة وجسديّةٍ، يجعل فينا روحَ التفاؤلِ، روحَ النًّصحِ والنّجاحِ ، يساعدُنا في أخذِ القرارِ السليمِ بتروٍّ وهدوءٍ، يُعطينا الفرصةَ لنرى الأمورَ بمنظارٍ آخرَ، قالَ أحدُ علماءَ علمِ النّفسِ:

“فكِّر إيجابيًّا يحصلُ معك شيءٌ إيجابيٌّ، فكّر سلبيًّا يحصلُ معك شيءٌ سلبيٌّ” ( نورمان فينسينت – قوة التفكير الإيجابي – 1955 ) .

التفكيرُ الإيجابيُّ يقودُنا لعملٍ ايجابيٍّ ولنتائجَ إيجابيّةً والعكسُ صحيحٌ، لا بدَّ من أنّنا نريدُ أن تحدثَ معنا أمورٌ ايجابيّةٌ، لذا عليها أن تبدأَ فينا نحن وليس بالآخرينَ، التفكيرُ الإيجابيُّ والإيمانُ بمقدرتِكَ يدعمُ خطواتَك البنّاءةَ نحوَ النّجاحِ.

يقولُ الرسولُ يوحنا في رسالتِهِ الثالثةِ، الاِصحاحُ الأولُ والعددُ 2: “أَيُّهَا الْحَبِيبُ، فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرُومُ أَنْ تَكُونَ نَاجِحًا وَصَحِيحًا، كَمَا أَنَّ نَفْسَكَ نَاجِحَةٌ”.

أقولُ: أنا أؤمن أنّني أستطيعُ وسأنجحُ فبالفعلِ سيحدثُ معي هذا الامرُ، مثلًا: كثيرونَ يعيشونَ تحتَ نيرِ الخوفِ، أو نوعٍ أمرٍ معيّنٍ آخرَ، فدائمًا يقولونَ سيحدثُ معي هذا الحدثُ السلبيُّ، سأسقطُ، أو سوفَ أقعُ أو أفشلُ…، وبالفعلِ يحدثُ معهم هذا الأمرُ لأنّهم يفكّرونَ به. أمّا آخرونَ فيعيشونَ روحَ التّفاؤلِ والنجاحِ، فيقولونَ في ذاتِهِم أنا أستطيعُ، سأنجحُ ولن أفشلَ، فبالفعلِ يعبرونَ هذه المرحلةَ بنجاحٍ، لأنّهم آمنوا بأنفسِهم وبمقدرتِهم، ووضعوا نصبَ أعينهم الهدفَ المرجوَّ نحو النّجاحِ.

ثانيًا: المثابرةُ في إتمامِ العملِ، كثيرونَ منّا في حياتِنا اليوميّةِ نقومُ بعدةِ أعمالٍ في آنٍ واحدٍ وأحيانُا لن ننجحَ في إتمامِ العملِ في بعضِ الأمورِ مما يؤولُ للفشلِ واِهماله بشكل قاطعٍ، تحتاجُ المثابرةُ لمحفزِ النشاطِ المبكرِ لإتمامِ وإنجاحِ أي عملٍ أو مشروعٍ، فهذا يزيدُ من سعادتِنا واكتفاؤُنا عندَ انهائهِ، أنا شخصيًّا أُحبّ العملَ المبكرّ وأحبُّ أن أتممَ القسطَ الأكبرَ منهُ باكرًا بحيثُ استغلُّ الساعاتِ الأولى من النهارِ وأنا في أوج نشاطي وحيويّتي وهّمتي. كما ترشدُنا كلمةُ الله: “يَا اَللهُ، إِلهِي أَنْتَ. إِلَيْكَ أُبَكِّرُ. عَطِشَتْ إِلَيْكَ نَفْسِي، يَشْتَاقُ إِلَيْكَ جَسَدِي فِي أَرْضٍ نَاشِفَةٍ وَيَابِسَةٍ بِلاَ مَاءٍ”، (مز 63: 1).

كثيرونَ يقومونَ بأكثرِ من عملٍ ولا يدركونَ مقدرتَهم في الإنجازِ فيجدونَ انفسهُم مقصرينَ في إتمامِ العملِ أو المشروعِ فيخرجونَ دون أن يَنهونَ واحدًا منها، ويكونُ الفشلُ من نصيبِهم فيُضربُ بهم المثل، ” عاد بخفيّ حُنيْن…”، لا أريدُ أن أعممَ لأنّه بالفعلِ يوجد اشخاصٌ لديهم هذه الموهبة في القيامِ بأكثرِ من عملٍ وقد ينجحونَ في إتمامِ كلَّ الاعمالِ معًا في آنٍ واحدٍ، لكنهم قلائلُ.

فأنا أنصحُ كلَّ شخصٍ: اكتشفْ مقدرتَك وطاقتَك في العملِ في أيِّ أمرٍ أو مشروعٍ، كنْ أنت ولا تقلّدَ الآخرونَ، رتبْ أُمورَك بحسبِ مقدرتِك لتسيرَ نحوَ النجاحِ المرجوِّ.

ثالثًا: خُذ المشورةَ: 

“اِسْمَعِ الْمَشُورَةَ وَاقْبَلِ التَّأْدِيبَ، لِكَيْ تَكُونَ حَكِيمًا فِي آخِرَتِكَ.” (أمثال 19: 20).

للحصولِ على النتيجةِ الأفضلِ في أي مشروعٍ أو عملٍ تقومُ به من الضروريِّ اخذَ مشورةٍ ورأيِ آخرٍ، منَ المقربين إلينا، يكبروننا سنًّا أو يفوقونَ عنا خبرةً وحكمةً، ويريدونَ مصلحتَنا ويرغبونَ بأن يرونَنا ناجحونَ فيهمهم أمرنا. وواضح جدا وكما تقول المقولة الشعبية “أربع عينين أفضل من عينين اثنين…”، والعمل بمؤازرةِ، مساعدةِ ومشورةِ الآخرينَ حتمًا سيكونُ أنجحُ وأفضلُ ولا أريدُ أن أبالغُ وأقولُ أنَّه أفضلُ بكثيرٍ، وأحيانًا العملُ الجماعيُّ يأتي بنتائجٍ مرجوَّةٍ أكثرَ بكثيرٍ من توقعاتِنا الأولى قبلَ البدءِ في أي مشروعٍ او عملٍ، فإضافَةً إلى ذلك إنَّ العملَ الجماعيَّ فيه قوةٍ مضاعفةٍ فبِالاتحادِ قوةٍ.

آملُ أنّني اِستطعتُ ولو بقليلٍ أن أسرُدَ امامَكم بعضَ النصائحِ العمليةِ في أخذِ القراراتِ في حياتِنا اليوميةِ وكيفيةِ تعاملِنا في التحدياتِ الّتي نوجهها، طبعًا يوجدُ نصائحٌ إضافيةٌ لما قد سردتُ ولكنني اكتفي هنا بهذه الثلاثةِ، آملُ في الأيامِ المقبلةِ أن تسنحَ لي الفرصةُ للمشاركةِ فيها في مقالاتٍ إضافيّةٍ.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا