ألعاب الكترونية مشبوهة تنمي العنف لدى الأطفال

ألعاب الكترونية مشبوهة تنمي العنف لدى الأطفال

الدكتور عامر جرايسي لـ “الصنارة”: تكمن  خطورة الألعاب بجعل الأولاد يعيشون حالة من الانفصام بين الواقع الافتراضي والواقع الحقيقي

يقبل في الآونة الأخيرة، طلاب المدارس والناشئة، على الاشتراك في ألعاب الكترونية خطيرة وخاصة “روبلوكس” و”فورتنايت” يمكن أن تسبب الأذى لهم، مما استدعى بعض المدارس لأن توجه رسائل تنبيه إلى الأهالي، ومن تلك الرسائل التي وصلت نسخة عنها إلى “الصنارة”، جاء فيها: “ يستخدم العديد من الأولاد وأبناء الشبيبة، ألعاب الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي لأغراض المتعة، التعلّم، والتفاعل الاجتماعي وغيرها. أحيانًا، يستخدمون الفضاءات الرقمية بطريقة قد تعرّضهم لمواقف خطِرة أو للإيذاء. نطلب منكم، أيها الأهل، أن نعمل معًا على رفع الوعي لاستخدامٍ أمثل ومناسب لمرحلة الجيل، وللتعرّف على الحالات التي قد تشير إلى تعرّضٍ لمخاطر محتملة.

جات ناؤت لـ”الصنارة”: ألعاب تشجع على تبادل الكلام العنيف وقد يصل الى العنف الجسدي المباشر

جات ناؤت، مطورة تطبيقات ألعاب ومديرة مشاريع، من مسغاف تحدثت إلى “الصنارة” عن الألعاب المشار إليها فقالت: “تنتشر مؤخرا تطبيقات ألعاب ذات شعبية بين الصغار وهي “روبلوكس” و”فورتنايت”، بحيث يمكن لكل شخص الدخول اليها بسهولة ومجانا وبدون اذن. هذه التطبيقات تحتوي على ألعاب كثيرة وخاصة لعبة سرقة أشخاص، التي تحظى بشعبية بين الأولاد ويقبلون عليها بشغف، وتتلخص اللعبة بالتنافس بين لاعبين على سرقة أكبر عدد من الضحايا، مما يجعلهما يدخلان في منافسة كبيرة، تتطور نحو تبادل الكلام العنيف وقد يصل الى العنف الجسدي المباشر”.

وتعتقد ناؤت بأن اللعبة بحد ذاتها غبية وبعيدة عن القيم التربوية ولا منفعة منها، وفائدتها الوحيد تكمن بالعائد المادي الكبير على مطور هذه اللعبة.

وردا على سؤال في كيفية التصدي لمخاطر كهذه، قالت ناؤت: “الدور الأكبر للأهل حيث يمكنهم مراقبة أبنائهم والتحكم بالشاشة ومنع التواصل مع الآخرين ممن يحملون الشرّ للصغار، خاصة وانه لا يمكن حجب الأجهزة بتاتا عن الأبناء. كما يمكنهم توجيه أولادهم إلى ألعاب جيدة وغير مؤذية، كما فعلت مع ابني البالغ 9 سنوات. وهناك دور أخلاقي للدولة التي يمكنها منع هذه الألعاب ونشرها، كما فعلت بعض الدول مثل السعودية والكويت وغيرهما”.

الدكتور عامر جرايسي لـ “الصنارة”: خطر الافراط في ممارسة اللعبة إلى حد التنمر والعدوانية

توجهت “الصنارة” للمعالج النفسي الدكتور عامر جرايسي لإلقاء مزيد من الضوء على هذه الظاهرة وانعكاساتها على الطلاب، ودور الأهل في التصدي لهذه الظاهرة المزعجة والخطيرة. أشار د. جرايسي بداية إلى اقدام الصغار على هذه الألعاب والتعامل معها بأنه ناتج عن مبنى شخصية كل ولد والظروف الحياتية التي تحيط به فقال: “إذا كان الولد مدللا ولا يتحمل مسؤولية ويميل للعصبية، فهو يميل لهذه الألعاب إلى حد الإفراط، حيث يتحول إلى مدمن عليها لأنها تجعله يبحث عن الاثارة ويطلق فيها العنان لمشاعره خاصة السلبية بالتعبير عن غضبه وحالات التوتر وبالتالي تزداد العصبية عنده، ويقترب الى السلوك العنيف، بحيث لا يقوى بالسيطرة على مشاعره. كذلك الافراط باللعب ينتج عن العيش بحالة النشوة عند الانتصار في اللعبة ويعبر عنها بالصراخ والضجيج وهذا يجعله يقترب من العصبية والعنف ايضا. وهناك الولد الذي ينشأ في بيئة عصبية في بيت لا يوفر له التربية الصالحة، وتسود فيه ثقافة العنف والقوة مما يشجعه على الانخراط في هذا الطريق، وبالتالي فاللعب يعطيه دفعة قوية للتوجه نحو العنف”.

ويشير الدكتور عامر إلى حالة خطيرة لدى الطفل خاصة عندما يعيش الصراع بين واقعين يعيشهما، وهما الواقع الحقيقي والواقع الافتراضي، ويوضح ذلك قائلا: “يواجه الولد واقعا افتراضيا أمام الشاشة، وكلما كان هذا الحيز أكبر كلما تعرض الولد للتشويش بفكره ما بين السلوك على أرض الواقع وعالم الشاشات، ولا يعود يميز بين اللعب الافتراضي واللعب الحقيقي مع اخوته وأصدقائه، ويقدم على استخدام أساليب عنيفة دون شعور منه بأنه يمارس العنف تجاه أقرانه. وهذا يظهر في استخدام اطلاق النار على خصمك في اللعبة، ويكون الأمر متاحا ومقبولا على الشاشة، بينما في الحياة يكون محظورا وممنوعا، لكن الولد لا يميز بين الواقعين”. ويضيف د. جرايسي بأنه كثيرا ما يسمع من الأمهات بأن الأولاد يقدمون على الألعاب ببث مباشر وحي بمشاركة جماعية، وكثيرا ما يسمعن أبناءهن يشتمون ويتلفظون بكلمات نابية مع شركائهم خلال اللعب، وهذا يفسر دور هذه الألعاب في تعزيز السلوك العنيف لدى الأولاد والذي يبدأ من العنف الكلامي وينتقل للعنف الجسدي. كما أن هذه الظاهرة والتي تجعل الولد يعتاد على اشباع رغباته تحوله الى انسان أناني ونرجسي، لا يرى الآخر واحتياجاته، وبالتالي يمارس التنمر عليه ويمكن أن يؤذيه.

ويخلص الدكتور عامر جرايسي إلى الحديث عن دور الأهل في وجه هذه المعضلة، فيقول: من المهم أن يدرك الأهل دورهم وصلاحيتهم، وأن يقوموا بدورهم كما يتوقع منهم. ومواجهة الأمر لا يكون بأسلوبموحد، فهناك فارق الأجيال الذي يحتم التعامل معهم بأساليب مختلفة.يفضل أن يقوم الأهل بمنع صغارهم حتى جيل 10 سنوات عن تلك الألعاب المؤذية، من خلال التطبيقات الخاصة التي تحظر على الأطفال الدخول اليها. ومع جيل فوق 10 سنوات على الأهل مراقبة أولادهم والانتباه لأمرين: ألا يفرط الولد باللعب يوميا لساعات، وتوفير المناخ العائلي الايجابي من خلال غرس القيم الايجابية ورفض العنف، وبالتالي ينشأ الأبناء على قيم انسانية واجتماعية ايجابية.    

“مشبوهة”ألعابالأطفالالعنفالكترونيةتنميلدى
Comments (0)
Add Comment