ما بين السعي لإحداث ثورة في المبادرات التكنولوجية في المجتمع العربي وقفزة في نسبة الأكاديميين العرب في الهايتك
– ايمن سيف عضو ادارة مركز نورثمد سخنين: “انا متفائل جدا ان عمل هذه المراكز سيكون له تأثير كبير في انخراط المبادرين العرب والأكاديميين بشكل أكبر وأسرع في قطاع الهايتك خلال السنوات القادمة”
– ربيع زيود مدير مركز Hasoub LABS عرعرة: “الميزانية التي تخصصها سلطة الابتكار لدعم مراكز الابتكار تتيح لنا المبادرة لإقامة البرامج للوصول لشرائح واسعة من المجتمع العربي وكشفهم لعالم الهايتك”
– محمد أبو الندى مدير ابتكار BaseCamp كفر قاسم:” الأكاديميون، الأطباء والمهندسين العرب يجتهدون في الأبحاث والأكاديميا ولا يدركون ان منتوج عملهم قد ينطوي على فكرة لمشروع تجاري مربح، ونسعى في المركز للوصول إليهم واستقطابهم”
مع مرور حوالي عام ونصف على بدء عمل مراكز الابتكار في المجتمع العربي، التي تسعى لتعزيز وتشجيع المبادرات التكنولوجية المتعلقة بالهايتك وتعزيز نسبة العاملين في هذا القطاع الصناعي الهام من أبناء المجتمع العربي، وذلك في ظل معطيات تؤكد استمرارية التمثيل العربي المنخفض في هذا القطاع مع العلم ان الأرقام النهائية تشير الى تغيير بطيء لكن واضح في هذا المجال خاصة من حيث التشغيل والتوظيف للأكاديميين العرب في هذا القطاع.
وكانت سلطة الابتكار قد أعلنت مؤخرا عن إقامة 9 مراكز ابتكار في ارجاء البلاد لتشجيع المبادرات المتعلقة بالصناعة والتوظيف والعمل بالهايتك بميزانية تزيد عن 100 مليون شيكل وذلك كثمرة تعاون ما بين وزارة الاقتصاد والصناعة، وزارة النقب والجليل، وزارة حماية البيئة، وزارة الزراعة، وزارة التعاون الإقليمي وسلطة الابتكار.
وفي إطار هذه الخطوة، تم اختيار 9 أصحاب امتياز يمثلون شركات إسرائيلية وأجنبية ومستثمرين وجهات فاعلة لتشغيل مراكز الابتكار المذكورة، بهدف تشجيع إنبات ونمو الشركات الناشئة الجديدة وتعزيز فرص العمل في مجال الهايتك في ضواحي البلاد. تضاف الى هذه المراكز التسعة 3 مراكز ابتكار بدأت عملها العام الماضي وهي مركز “نورثميد” في سخنين، حاسوب لابس في عرعرة، ومركز BaseCamp في كفر قاسم، هذه المراكز التي تم اختيارها في أواخر عام 2022 في المجتمع العربي من قبل سلطة الابتكار بالتعاون مع وزارة المساواة الاجتماعية وسلطة التطوير الاقتصادي في المجتمع العربي.
وتعمل مراكز الابتكار في مجالات الهايتك التي تنطوي على إمكانيات تطور حقيقية على سبيل المثال المتعلقة بالتقنيات المبتكرة في مجال الزراعة والغذاء، والطاقة المتجددة، والبناء الأخضر، تكنولوجيات المياه، والاستجابة لتحديات تغير المناخ والتصحر والصحة.
وتشدد مراكز الابتكار على اتباع برامج وخطط لتسريع المشاريع، واجتذاب أرباب عمل جدد الى قطاع الهايتك، وتعزيز التشغيل في الهايتك لسكان المنطقة من خلال تعزيز التدريبات العملية، وتأهيل العاملين وغيرها. كما ستعمل المراكز على توفير غلاف داعم لإنشاء مشاريع مبتكرة محلية بالتعاون مع جهات ذات صلة في مجالات عديدة.
وتحدث ربيع زيود مدير مركز “حاسوب لابس” Hasoub LABS مشيرا الى ان المركز القائم في عرعرة وضع نصب عينه تعزيز عدد المبادرين في مجال التكنولوجيا والهايتك في المجتمع العربي من خلال تزويد طلاب الجامعات ورواد الأعمال في المراحل المبكّرة بالمعرفة والمهارات للانخراط في عالم الهايتك وبناء شركاتهم الناشئة. ويعتبر المركز ثمرة شراكة بين عدة جهات تهدف الى تطوير وتعزيز المبادرات التكنولوجية من خلال تقديم الدعم المطلوب والمعرفة والخبرة اللازمة والاستثمار لهذه المبادرات.
وأضاف في هذا السياق قائلا:” ان الآليات والوسائل التي يقدمها المركز تتجلى من خلال محورين أساسيين المحور الأول الذي يُعنى بتقديم الدعم والمساندة والاليات وكامل البيئة الداعمة للمبادرين الذين يتواجدون في مرحلة مبكرة في مجال الابتكار والحداثة، هؤلاء الذين يمتلكون فكرة وريادية، وليست لديهم المعرفة والخبرة الكافية حول كيفية البدء بالمشروع وتطويره ليكتمل ويصبح مشروع ريادي يتمثل بشركة ناشئة. هنا يتجلى دورنا في مركز حاسوب لابس كوننا خلية داعمة طيلة مراحل تطوير الفكرة والسيرورة المهنية من خلال مرافقة المبادرين وتوفير حزمة شاملة لهم تشمل تقديم التوجيهات والاستشارة المهنية سواء التكنولوجية المالية القانونية التسويقية والتطويرية”.
وعن اهم المراحل التي يقدم فيها المركز الدعم والمرافقة المهنية قال زيود:” المرحلة الأولى تكمن بمرافقة المبادرين الذين يمتلكون فكرة ريادية وليست لديهم الإمكانيات ولا المعرفة للتقدم الى الامام، ثم المرحلة الثانية حيث نساعد المبادر في تعلم اساسيات تحليل السوق، والتعرف على اهم المنافسين، والوقوف على مميزات الفكرة وقابلية تطويرها. اما المرحلة الثالثة فهي مخصصة للمبادرين الذين يمتلكون شركة ناشئة، لكنهم بحاجة لموجهين ومرشدين بكل ما يتعلق بعملية التسويق والتطوير والمبيعات. المرحلة الرابعة تعنى بالشركات الناشئة التي نرافقها في عملية تجنيد الموارد والأموال سواء من المستثمرين وصناديق الاستثمار ومن سلطة الابتكار. وفي هذا السياق يجب الإشارة الى اننا قمنا بمرافقة 10 شركات من المجتمع العربي في التقدم في مجمل هذه المراحل كل في مجالها. اما الذراع الثانية التي نعمل من خلالها فتتمحور حول تعزيز السيرة المهنية لخريجين مواضيع الهايتك الجدد والمهندسين والأكاديميين وتقديم الأدوات اللازمة والمعرفة المطلوبة للانخراط في مجال الهايتك، هذا العمل أثمر من خلال نجاحنا باستيعاب 30 شخص في صناعة الهايتك مؤخرا”.
وعن المبادرات التكنولوجية البارزة التي اثمرت من خلال مركز “حاسوب لابس” أشار زيود الى ان الحديث يدور عن عدة مبادرات مميزة آخرها كان شركة GO MAKE وهي شركة تأسست على يد مبادرين اثنين من المجتمع العربي وشاركت معنا بعدة برامج والتي قامت مؤخرا بتجنيد مبلغ 210 الاف دولار من منتدى المستثمرين “حاسوب انجيلس” وشاركت بمؤتمرات مهمة في المانيا وانا على يقين انه ينتظرها مستقبل واعد.
وعن العمل والتعاون مع سلطة الابتكار اختتم زيود حديثه مشيرا الى ان الميزانية التي تخصصها سلطة الابتكار لدعم مركز HasoubLABS تعتبر ميزانية حقيقية تتيح لنا في المركز المبادرة لإقامة وتطوير نشاطات وبرامج على مدار العام ويوفر لنا الامكانيات في الوصول الى شرائح واسعة من المجتمع ونكشفهم على عالم ريادة الاعمال ومجال الهايتك والتكنولوجيا وكيفية تحصيل المنح والتمويل التي تمنحها سلطة الابتكار. هذا التعاون يعتبر تعاون مهم جدا واستراتيجي له دور كبير حاسم في تطوير كل منظومة المبادرات التكنولوجية في المجتمع العربي.
وأما في مدينة سخنين فيعمل مركز ابتكار آخر يدعى “نورثمد” NORTHMED للحداثة والابتكار والذي يعتبر عنوان لكل مبادر يود تطوير أي مبادرة تكنولوجية للتزود بكافة الخدمات والأدوات اللازمة لتطوير الفكرة تكنولوجية. وتحدث عضو إدارة مركز “نورثمند” للابتكار في سخنين ايمن سيف عن طبيعة ومميزات مركز الابتكار “نورثمد” مشيرا الى ان اهم ما يميزه اختصاصه بالمبادرات التكنولوجية المتعلقة بمجال الأجهزة الطبية والتقنيات العلاجية والصحية خاصة تطوير منتجات أو خدمات أو حلول تستخدم لإنقاذ حياة الناس وتحسينها.
وأشار سيف أيضا ان الجهات التي اجتمعت معا للتقدم لمناقصة سلطة الابتكار لإقامة هذا المركز تتمتع بخبر واسعة وطويلة في تطوير المبادرات التكنولوجية في عالم الطب بما فيها 5 من المراكز الطبية في المنطقة، ومن هذا المنطلق فان ما يميزنا في هذا المجال هو العلاقة الوطيدة مع المستشفيات في الشمال والأطباء والباحثين والأخصائيين العاملين في المجالات الطبية ممن يودون تطوير مبادرات في مجال الطب”. وعن التعاون مع سلطة الابتكار لما فيه نجاح عمل مراكز الابتكار عامة ومركز “نورثمد” على وجه الخصوص أشار سيف في حديثه مؤكدا ان المبادرات التكنولوجية في المجتمع العربي عامة ما كانت لترى النور دون دعم سلطة الابتكار وبدون الميزانيات التي رصدتها سلطة الابتكار التي توفر لنا كافة المقومات والامكانيات التي نحن بحاجة لها لنقوم بدورنا في هذه المراكز في ان نكون بنية تحتية كاملة وشاملة لاستنبات المبادرات التكنولوجية في المجتمع العربي ورفع نسبة الأكاديميين العاملين في مجال الهايتك.
وأضاف سيف أيضا فيما يتعلق بالتعاون الوثيق مع سلطة الابتكار:” نعمل مقابل مختصين ومهنيين كل في مجاله من قبل سلطة الابتكار لبلورة خطة العمل والميزانية السنوية من خلالها نقوم تحقيق الاهداف التي وضعتها سلطة الابتكار نصب اعينها في تعزيز وتطوير المبادرات التكنولوجية في المجتمع العربي وزيادة الوعي عند المبادرين العرب لدخول عالم المبادرات التكنولوجية ودمج المجتمع العربي في الهايتك في البلاد. كل هذه الأهداف نسعى لتحقيقها من خلال مسارات وخطط وبرامج عديدة على المدار العام تقام ضمن مركز “نورثمد” الذي أقيم قبل نحو عام في مدينة سخنين.
وعن دور مراكز الابتكار عامة التي تعمل في المجتمع العربي في تشجيع الابتكار والمبادرات التكنولوجية وتعزيز نسبة العاملين في الهايتك شدد سيف في حديثه مشيرا الى اننا ما زلنا نتحدث عن نسب منخفضة من المجتمع العرب ممن انخرطوا في مجال الهايتك سواء من خلال إقامة مبادرات تكنولوجية، او من خلال العمل في الهايتك. فحسب معطيات تقرير سلطة الابتكار حول وضع الهايتك 2024، فان نسبة الرجال العرب في الهايتك بلغت %1.4، بينما بلغت نسبة النساء العربيات في هذا القطاع %0.5، في حين ان المبادرات التكنولوجية في المجتمع العربي ما زالت شبه معدومة، لذا انا متفائل جدا ان عمل هذه المراكز سيكون لها تأثير كبير في انخراط المجتمع العربي في المبادرات التكنولوجيا والهايتك في السنوات القادمة. يجب التنويه ضمن عملنا في نورثمد أيضا نبادر على مدار العام لدخول المدارس العربية في المنطقة لزيادة الوعي بين طلاب الثانويات حول أهمية الحداثة والابتكار، وتوجيه الطلاب للتعلم والاستكمال في هذا المجال، بهدف انخراطهم في المستقبل بهذا العالم. لذا اعتقد ان العمل من خلال هذه الوسائل معا من شأنه يخلق التغيير المنشود في المجتمع العربي في المستقبل القريب”.
وتحدث مدير مركز ابتكار BaseCamp في كفر قاسم محمد أبو الندى عن عمل مراكز الابتكار في المجتمع العربي معتبرا إياها رافعة أساسية لتطوير نظام بيئي كامل لتعزيز المبادرات التكنولوجية. وتطرق الى عمل مركز ابتكار BaseCamp مشيرا ان التعامل المهني الشخصي ومرافقة المبادرين من خلال بناء وتصميم برامج خاصة ومبادرات مصممة بشكل شخصي لهم، وهذا ما يفسر العلاقة الوطيدة التي تربطنا معهم اذ نعمل معهم كشخصية بحد ذاتها لها متطلباتها واحتياجاتها، وكمبادر لمشروع بحاجة الى الدعم والمساعدة.
وفيما يتعلق بشح المبادرين العرب، نفى أبو الندى هذا الامر جملة وتفصيلا مؤكدا ان المجتمع العربي يحتوي على طاقات وامكانيات رهيبة، ومبادرات تكنولوجية لافتة، لكن المشكلة في كيفية استقطاب وكشف هذه المبادرات وتوجيهها الى الأطر المناسبة. من هنا نعمل في المركز للوصول الى المبادرين، ولا ننتظر وصول هذه المبادرات الينا، مما يتطلب العمل المكثف والجهد للوصول لهذه المبادرات. اشير ان العديد من الأكاديميين، والأطباء والمهنيين العرب الذين يجتهدون في حقل الأبحاث والأكاديميا، لا يدركون دائما ان منتوج عملهم هذا قد ينطوي عليه فكرة مشروع تجاري لشركة ابتكارية. إذا اخذنا على سبيل المثال عالم الطب فيمكن القول ان الأطباء في المجتمع العربي هم أكثر الشرائح التي من الممكن ان تمتلك أفكار ابتكارية، لكن تفكيرهم لا يتجه دائما نحو تطوير الفكرة وتحويلها الى مشروع تجاري.
وتحدث أبو الندى عن التحديات التي قد يواجهها المركز في عمله ومرافقته الدائمة للمبادرين العرب مشيرا الى ان الصعوبات تكمن في تقبل فكرة التفرغ وتكريس الوقت الكافي والجهد المطلوب من قبل المبادرين العرب لتطوير شركة ناشئة، بعد ان قطع شوطا كبيرا في سيرته المهنية كطبيب او كمهندس على سبيل المثال، والان يطلب منه الانتقال لمرحلة جديدة في ظل مخاوف حقيقية تراوده من احتمال فشل هذا المشروع كونه يتضمن نسبة خطورة معينة، مما يعتبر حاجزا حقيقيا بالنسبة له. وهنا يتمثل عملنا كطاقم مهني في المركز لمرافقته في هذا التخبط والعمل لتحقيق الموازنة بين عمله وبين إنشاء وتطوير الفكرة لمشروع ابتكاري ناجح.
وشدد أبو الندى ان هناك تعامل يومي ووثيق مع سلطة الابتكار وسلطة التطوير الاقتصادي للمجتمع العربي اللذان وضعا الخطوط العريضة لمراكز الابتكار وعملها من خلال مجموعة من البرامج والخطط خاصة اننا نتحدث عن تمويل كامل لجميع لهذه الخطط والبرامج من قبل سلطة الابتكار التي تعتبر بالنسبة لنا كعنوان لكافة التوجهات والمشاكل التي قد نواكبها في عملنا اليومي.
وتطرق أبو الندى لباكورة إنجازات مركز ابتكار في كفر قاسم مشيرا الى عدة مبادرات تكللت بالنجاح ابرزها تطوير احدى الشركات التابعة لاحد المتخصصين العرب في موضوع الكيمياء والنانوتكنولوجيا وحصلت على تمويل من سلطة الابتكار في عملها المتمثل بتطوير نوع من البلاستيك (النايلون الذي يستعمل في الدفيئات الزراعية) حيث باستطاعة هذه المادة التحكم بدرجة الحرارة داخل الدفيئة وكمية الضوء داخل الدفيئة اذ ان درجة حرارة غير مناسبة تؤدي الى تلف المزروعات والنباتات علما ان القطاع الزراعي بأمس الحاجة لهذه الفكرة لضمان سلامة المحاصيل والنباتات الدفيئية.
للإطلاع على مراكز الابتكار وعملها: