مع انتهاء الحرب قد نجد عائلات في المجتمع العربي تحت خط الفقر أو متورطة في ديون
منذ بداية العام الحالي2024 ، والبلاد تعيش حالة من غلاء المعيشة التصاعدي بشكل جنوني، حيث شهد المواطن ارتفاع الكهرباء والماء وارتفاع الوقود بمقدار شيكل واحد على ثلاث مراحل خلال خمسة أشهر، بالاضافة لارتفاع أسعار السلع الغذائية والحليب والألبان وادوات التنظيف ومستحضرات العناية الشخصية للنساء، وايضاً تم الاعلان عن رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 17% إلى 18% بدءًا من العام القادم، وهناك حديث عن تبكير الموعد قبل نهاية العام، كل هذا الغلاء جاء مع ارتفاع طفيف في الحد الأدنى للأجور الذي لا يتجاوز الـ 270 شيكل بمعدل 32.30 شيكل لساعة العمل، وهذا المبلغ لا يتناسب مع غلاء المعيشة الذي لا يتوقف.
أمام التحديات التي يواجهها المواطن في البلاد في ظل غلاء المعيشة والارتفاع الجنوني للأسعار وكيفية التعامل مع هذا الغلاء الذي لا يعلم أحد متى سيتوقف، التقى موقع وصحيفة “الصنارة” مع مدقق الحسابات محمود محاجنة في هذا الحديث.
الصنارة: ما زلنا نشهد ارتفاعا جديدا للأسعار بين وقت وآخر، الى متى ستستمر هذه الظاهرة برأيك؟
محاجنة: تحدثنا سابقاً ومنذ بدء رفع الأسعار مع نهاية العام الماضي ومع بداية هذا العام، وحذرنا أننا نشهد ارتفاعا جنونيا بالأسعار والحكومة ستستمر برفع أسعار حاجيات المواطنين الأساسية مثل الكهرباء والماء والضرائب، كذلك ستقوم الشركات أيضاً برفع أسعار منتوجاتها في ظل أوضاع الحرب التي نعيشها. هذه الظاهرة ستستمر معنا على أقل تقدير حتى نهاية العام وأشهر بعد انتهاء الحرب، لأن كافة تكاليف الحرب ستكون من جيوب المواطنين في نهاية المطاف، وجميعنا نشعر بذلك وهذا أمر طبيعي، لهذا الغلاء مستمر والمواطن هو ضحية كل ما يحدث.
الصنارة: تم رفع الحد الأدنى للأجور الشهر الماضي، ومع مطلع هذا الشهر تم رفع الأسعار، كيف تفسر ذلك؟
محاجنة: قبل أعوام كانت هناك خطة لرفع الحد الأدنى للأجور حتى يصل الى 6000 شيكل، ولكن لم يكن من المخطط ان ترتفع الأسعار بهذه الوتيرة، ومع ذلك فإن هذه الخطة لم تبصر النور مع تغيّر الحكومة، وأما عن الإضافة البسيطة للحد الأدنى للأجور ورفع كافة الأسعار للأمور الأساسية والحياتية في البلاد، فهذا مؤشر ان الوضع الاقتصادي للمواطنين لا يشغل بال الحكومة ولا الشركات، ولا يوجد من يتضامن مع المواطن في ظل ظروف الحرب الصعبة التي نعيشها.
الصنارة: هل تعتقد أن سبب معظم موجات الغلاء هو الحرب وتكاليفها؟
محاجنة: لا شك أن الحرب سبب من أسباب غلاء المعيشة، ولكن لو لاحظنا، فان السنوات الماضية شهدت ارتفاعاً كبيرا بكافة الأسعار. وإذ قارنا اسرائيل مع دول أوروبية او حتى مع أميركا او دول الجوار، فانها تعد من أغلى الدول على مستوى العالم، وهذا يظهر جلياً باسعار المشروبات او الطعام وحاجيات المنزل وأسعار الوقود والكهرباء والماء قبل ان يتم رفع أسعارها هذا العام، ولهذا أعتقد ان موجة الغلاء هذه لها علاقة مع الحرب ولكن الحرب ليست السبب الرئيسي لها.
الصنارة: حسب رأيك كيف يستطيع الأشخاص الذين يعتاشون على الحد الأدنى للأجور التعايش مع كل هذا الغلاء؟
محاجنة: بكل تأكيد، من الصعب ان يعتاش شخص يصل مرتبه الـ 5600 شيكل ولديه زوجة وأطفال، ويتحمل كل هذه المصروفات من كهرباء وماء ووقود وأرنونا وخضار وفواكه واحتياجات منزلية، ولهذا أعتقد أن كلمة التوفير والاقتصاد لم تعد تكفي لأن الأمور تخرج عن السيطرة، خاصة في المجتمع العربي الذي يتلقى معاشات مالية أقل بكثير من المجتمع اليهودي وفقاً للمعطيات والاحصائيات، فلهذا قد نتفهم أن يبحث المواطن عن عمل اضافي خلال الأسبوع او حتى في عطلة نهاية الأسبوع من أجل ايجاد مصدر دخل اضافي له، مع التشديد على تطوير الذات والبحث عن مرتب مرتفع على الأقل ان يكون أكثر من الحد الأدنى للأجور.
الصنارة: بمَ تنصح المواطنين العرب في هذه المرحلة؟
محاجنة: نحن اليوم نعيش في مرحلة ” جاء وقت قرشك الأبيض في يومك الأسود”، فعلياً هذا المثل جاء وقته ونعيشه في هذه الأيام الصعبة وغلاء المعيشة الذي نمر فيه في الأشهر الأخيرة، ولهذا نقول للمواطنين، ان أي شخص يمتلك مبلغا من المال عليه توفيره وادخاره، وكل شخص يعاني من ضائقة الـ “مينوس” في البنك نقول له خفف من استخدام بطاقات الاعتماد وشراء الطعام الجاهز ومصاريف الوقود، لأن هذه هي اكثر الأمور التي يصرف عليها المواطن العربي أمواله، وأعود وأكرر وأشدد على أهمية ادراك ان هذه المرحلة حساسة، لأنه مع انتهاء الحرب قد نجد عائلات وخاصة في المجتمع العربي، تحت خط الفقر او متورطة في ديون تزيد من صعوبة حياتها اكثر مما هي صعبة في المرحلة الحالية.
الصنارة: ما هي توقعاتك بالنسبة للأوضاع الاقتصادية في البلاد حتى نهاية العام؟
محاجنة: حتى الآن لا نرى الضوء في آخر النفق كما يقولون، والأوضاع لا تبشر بخير وفقاً للاحصائيات والمعطيات على صعيد المحال التجارية والشركات في مجال البناء وغيرها من المجالات، ولكن نأمل خيراً وان يقوم كل مواطن يريد الاستثمار بعقار او محل تجاري او أي استثمار مالي بمراجعة مستشار مالي لدراسة السوق والتطورات التي تحدث على مدار الساعة .