[This post contains advanced video player, click to open the original website]
المطران رفيق نهرا لـ”الصنارة”: هناك آلام كثيرة ومعاناة واضحة لذا ستكون احتفالاتنا هذا العام دينية ومن خلال الصلوات
بسيم عصفور لـ”الصنارة”: وفي هذه السنة نؤكد على الرموز الميلادية من خلال فعاليات دينية واجتماعية
“في العام الماضي، ومن منطلق الوقوف بجانب الضحايا الذين عانوا من ويلات الحرب التي اندلعت في ديارنا، اتخذنا نحن، بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، قرارًا مشتركًا ندعو فيه رعایانا إلى الامتناع عن إظهار الزینة والأضواء الخاصة بعید المیلاد في الأماكن العامة، إضافة إلى اختصار الاحتفالات المرتبطة بالشعائر الدینیة.”
هذا ما جاء في بيان بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، الصادر يوم ٢٢ تشرين ثاني 2024، مما يعني الغاء الاحتفالات الشعبية والجماهيرية في موسم الأعياد الميلادية القادمة للعام الثاني على التوالي. وأعلنت الهيئات المدنية والدينية في مدينة الميلاد، بيت لحم، عن الغاء الاحتفال باضاءة الشجرة في ساحة المهد هذا العام والامتناع عن الاحتفالات العامة واقتصار إحياء العيد على المراسيم الدينية. كذلك في مدينة الناصرة، مدينة البشارة، تقرر العمل وفق هذا البيان والالتزام به.
بسيم عصفور لـ”الصنارة”: لا يمكن أن نعيش بشكل طبيعي عندما يكون كل شيء حولنا غير طبيعي
التقت “الصنارة” مع المحامي بسيم عصفور، رئيس مجلس طائفة الروم الأرثوذكس في الناصرة، للوقوف على أبعاد قرار الغاء الاحتفالات الجماهيرية، وكيفية إحياء عيد الميلاد في الظروف الحالية الصعبة.
الصنارة: علمنا أنه لديكم قرار بالغاء احتفالات عيد الميلاد لهذا العام أيضا. لماذا اتخذتم هذا القرار وما هي انعكاساته المختلفة؟
عصفور: تم الغاء الاحتفالات الجماهيرية والشعبية لهذا العام، وستقتصر ذكرى الميلاد على برامج هادفة داخل أسوار الكنيسة، من خلالها نؤكد على رسالة الميلاد وهي السلام والتسامح والعطاء والرحمة والنور والأمل والتآخي، وهذه القيم نفتقدها في أيامنا، ونتمنى أن تعود لبلدنا ومنطقتنا، بروح رسالة الميلاد القائلة “المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة”. واضح أن المسرة غير متوفرة، ليس لدى من تأثر مباشرة من الحرب ولا لدى من تأثر بشكل غير مباشر جراء تداعيات الحرب على النفسيات والأوضاع العامة مثل الاقتصادية وغيرها. نحن نقول بأن جوهر عيد الميلاد يتجلى في الطقوس الدينية والاجتماعية الهادفة.
الصنارة: تلك معان وقيم جميلة، لكن هذا العيد معروف بأنه عيد الأطفال الذين ينتظرون الفرح وشيخ العيد والهدايا، ماذا أعددتم من برامج خاصة للأطفال؟
عصفور: بالتأكيد أننا لا ننسى أطفالنا واولادنا. ستكون هناك برامج خاصة وهادفة للأطفال يشاركون فيها في عيد الميلاد، من خلال الفرح ورسالة الميلاد التي تنطلق من المدينة خاصة وأنهم تحولوا إلى أجيال تنمو في أجواء الحرب وتداعياتها السلبية. أعددنا للأطفال ليس برامج احتفالية انما هادفة وفعاليات يعيشون من خلالها أجواء الميلاد ومفهوم ومعنى الميلاد فعلا، ليس بالرموز الشكلية والاحتفالات الخارجية، انما الميلاد برسائله الحقيقية التي يهمنا أن يدركها أولادنا على حقيقتها.
الصنارة: وماذا عن إضاءة الشجرة، هل تم الغاؤها ومتى ستقيمون برامجكم المختلفة؟
عصفور: لن نقوم بنصب الشجرة الكبيرة في الساحة الخارجية للكنيسة هذا العام أيضا، انما سنقيم شجرة صغيرة داخل أسوار الكنيسة أطلقنا عليها أسم “شجرة الأمنيات”، تحمل رموز الميلاد وزينة من المصطلحات والتعابير التي تتلاءم مع معاني العيد، وذلك في منتصف الشهر القادم كانون الأول. أما بالنسبة للبرنامج التي ذكرناها ونتيجة الاكتظاظ والتنوع، أحببنا أن نفسح المجال للرعايا الشقيقة أيضا باحياء برامجها، لذا سنبدأ في تنفيذ برامجنا في 25/12، بين عيد الميلاد الغربي والميلاد الشرقي، وبذلك حتى تكون فعاليات وبرامج الأطفال والصغار موزعة زمنيا ومكانيا كي يستفيد منها أكبر عدد من الأطفال والعائلات.
الصنارة: هل هذا القرار خاص بكم في الناصرة، أم هناك تنسيق بين الكنائس والهيئات المختلفة في الناصرة وخارجها؟
عصفور: لقد صدر قرار وبيان من قبل رؤساء الكنائس منذ أسبوعين، وكنا قد دعونا الى ذلك قبل البيان المذكور. الموقف مشترك ومتفق عليه من قبل الجميع، لكن طريقة التطبيق تخضع لرؤية ووجهة نظر كل هيئة ورعية. نحن متفقون أنه لا يمكن أن نعيش بشكل طبيعي عندما يكون كل شيء حولنا غير طبيعي. لقد قلت وأكدت ذلك في عدة مواقف، بأنه لا يجوز أن ننقطع عن الواقع وكأن الأمور عادية وبخير. لم يعد هناك مستقبل واضح وآفاق جليّة، كل شيء يدمر أمام أعيننا وهذا يؤلمنا، وتداعيات الحرب وآثارها الجانبية تؤثر على الناس وخاصة الاقتصادية منها، لذا ندعو لأن نستغل طاقاتنا وجهودنا لمساعدة عائلات مستورة وإسعاد أطفال محرومين نتيجة الحرب المستمرة على مدار عام ونصف، فهذا عمل مقدس ويتطابق مع رسالة الميلاد بألا يكون طفل جائع، منكوب، وما لا نرضاه لأطفالنا يجلب ألا نرضاه لأطفال من حولنا. نعود ونؤكد على أن قلوبنا مع كل طفل جوعان ومحروم في منطقتنا والعالم، وفي هذه السنة نؤكد على الرموز الميلادية من خلال فعاليات دينية واجتماعية، لفهم معنى العيد بالشكل الصحيح وخاصة على الصعيد الروحي.
الصنارة: إضافة إلى كل ما ذكرناه، يمر عيد هذا العام بأجواء غير طبيعية في الناصرة أيضا، ماذا تقول لأهالي المدينة بهذه المناسبة؟
عصفور: الأجواء التي تعيشها الناصرة والمنطقة متشابهة لكن من مصادر مختلفة. رسالتنا لكل انسان يحب بلده ومنطقته هي رسائل الميلاد وهي من ثلاث كلمات سلام للشعوب، سلام للبلد وسلام للعائلات. هذه ليست مجرد أمنيات انما علينا العمل على تحقيقها في الحارة والمدينة والبلاد والعالم، لأنها تحمل معان عميقة جدا ونحن نطمح لمجتمع متنور ومشرف لمدينتنا، ونعمل على تحقيق هذه المصطلحات وأن نصل فعلا لمدينة آمنة يجدر العيش فيها. رسالتنا واضحة وهي العيش بخير وسلام وأمان.
المطران رفيق نهرا، النائب البطريركي اللاتيني العام لـ”الصنارة”: يمكن تزيين الشجرة لكن بتواضع وبدون احتفالات ومسيرات وضجيج
في حديث خاطف مع المطران رفيق نهرا، النائب البطريركي اللاتيني العام لـ”الصنارة” أكد على “أننا نرغب الاحتفال بعيدنا، ونشر الفرح في أوساط عائلاتنا المحتاجة له، لكن مع الانتباه لحساسية الوضع الحالي. هناك آلام كثيرة ومعاناة واضحة سواء لأهالي غزة أو أهالي المخطوفين، وكذلك المتضررين من الحرب بأشكال مختلفة، لذا ستكون احتفالاتنا هذا العام دينية ومن خلال الصلوات”. وأضاف المطران نهرا أنه “يمكن تزيين الشجرة لكن بتواضع وبدون احتفالات ومسيرات وضجيج، فالزينة واضاءة الشجرة لا تؤذي، انما تؤكد معاني العيد وهذا ما نهدف إليه”.
ودعا النائب البطريركي الرعايا والشعب إلى الاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح، له المجد، كما جاء في بيان الأساقفة “بتعبیرات تعكس رجاءنا المسيحي. وفي الوقت نفسه، ندعوهم إلى أن یتم ذلك بروح تتسم بالحساسیة تجاه المعاناة الشدیدة التي لا تزال تعصف بملایین من أبناء دیارنا. ویتعین أن یشمل ذلك رفع ذكرهم دومًا في صلواتنا، والتقرب إلیهم بأعمال الرحمة والعطاء، واستقبالهم بمحبة، تمامًا كما قبلنا المسیح نفسه. بهذه الطريق، نعكس رسالة المیلاد ذاتها، حیث بشرت الملائكة الرعاة بالبشرى السارة لولادة المسیح في أوقات عصیبة مشابهة كانت تمر بها منطقتنا، مقدمة لهم وللعالم أجمع رسالة أمل وسلام إلهي”.