وبهذه المناسبة التقت “الصنارة” الدكتور أسامة وبعد التهنئة سألته ماذا يعني له شخصيا الحصول على هذه الجائزة الرفيعة؟ فقال: الجائزة بالنسبة لي كلمة تقدير لعملي على مدار سنوات طويلة في التعليم (38 سنة). هي لفتتة تقدير لعملي مع الطلاب وتمكني من الوصول معهم إلى التميز، حتى لو كانوا ذوي مقدرة بسيطة في المدرسة، والعمل على اكتشاف قدرات الطلاب وتحفيزهم من خلال نقاط القوة الكامنة فيهم. كلنا يذكر زملاء له أو طلابا لم يظهروا اجتهادا كبيرا في المدرسة أو تفوقا ما، لكننا نراهم في مراحل عليا وكذلك في مجالات الحياة، أصحاب قدرات هائلة، وهذا يعني أنه ليس الفيزياء أو الرياضيات هو المقياس للنجاح في الحياة، انما هناك مواهب كامنة في الطلاب وعلينا اكتشافها وتطويرها، من أجل تطوير مجتمع كامل بالتالي، رغم ظروف العمل الصعبة التي يمر فيها المعلم، منها الراتب المحدود قياسا لساعات العمل والتحضير، مما يضطره للجوء لعمل اضافي أو التدريس لساعات اضافية”.
خدم الدكتور أسامة سنوات طويلة في المدرسة المعمدانية في الناصرة، واليوم يدرس موضوع الفيزياء في المدرسة الثانوية الأنجليكانية في الناصرة وتحديدا منذ أربع سنوات. ونوهت إدارة المدرسة في بيان لها بعد اعلان فوز المدرسة والدكتور أسامة بالجائزة “إننا نفخر بوجود شخص مثل الدكتور أسامة في فريقنا التعليمي، ونتطلع لمزيد من النجاحات والإنجازات تحت إشرافه الرائع. مبروك لهذا الإنجاز الرائع، ونتمنى له المزيد من التقدم والنجاح في مسيرته المهنية”. ويعلق الأستاذ أسامة بدوره ” تشجع المدرسة الأنجليكانية طلابها على العلم والتفوق، وربما تكون من المدارس النادرة التي يدرس فيها طلاب الفيزياء 15 وحدة دراسية، هذا يجعلنا كمعلمين نبذل جهودا كبيرة مع الطلاب ايمانا منا بقدراتهم، وسنويا لدينا 5-6 طلاب يجتازون الوحدات التهليمية بنجاح، وهم لا يقضون كل الساعات في التعليم الوجاهي، انما يقضون أوقاتا كثيرة في المختبر وإعداد الأبحاث العلمية، مما يفتح أمامهم أبوابا جديدة ومثرية”.
وردا على سؤالنا حول تقييمه لتجربته الطويلة والغنية في التعليم، وخاصة في جعل موضوع الفيزياء قريبا من الطلاب، قال الدكتور أسامة المعلم: ” ما عملت عليه طوال سنوات عملي هو تقريب موضوع الفيزياء إلى الطلاب. من ينظر للموضوع من بعيد يظن أنه عبارة عن أرقام ومعادلات وما شابه، لكن الفيزياء يدخل في كل مناحي حياتنا ونقابله يوميا، فكل شيء في الكون تقريبا تدخل فيه الفيزياء وهذا ما عملت عليه مع الطلاب وجعلت الموضوع قريبا منهم، فعلى سبيل المثال أحدثهم عن الهاتف الخلوي الذي يحملونه وأن عملية شحنه هي عملية فيزيائية وبالتالي أشرح لهم عن البطارية وعملها وأنواعها”. ويضيف الدكتور أسامة ” في السابق كنا ننظر للمعلم كمصدر أساسي ووحيد للتعليم والمعرفة، لكني عملت على أن لا يقبل الطلاب كل ما يتعلموه كمسلّم به، وأن ينظروا للمعلم كقدوة وليس كقديس، وأن عليهم أن يعملوا تفكيرهم وعقلهم في كل أمر يتعلمونه أو يرونه ويسمعون عنه، وأن يحاولوا الوصول للمعلومة الصحيحة ولا يقبلوا الأمور على علاتها”.
ونعود لنسأل الدكتور أسامة عن معنى الجائزة وما يقوله للطلاب بهذه المناسبة، فيرد بهدوء وروية: ” كثيرا ما نخسر طلابنا، وقد خسرنا الكثير في السابق، نتيجة اطلاق الأحكام عليهم مثل اتهامهم بالضعف والكسل وعدم المعرفة وغيرها، أي نطلق عليهم وصمة معينة تلصق بهم تؤدي إلى احباطهم وتقاعسهم. وقد تحدثت عن أمثلة عينية في الاحتفال، عن نماذج ناجحة ومتفوقة في أيامنا ووصلت إلى مراكز علمية عالية، كانت في المدرسة بمستوى المتوسط أو أقل. من هنا أهمية تحفيز الطلاب واكتشاف نواحي قوتهم ومعرفة حقيقة قدراتهم، وبالتالي الاهتمام بهؤلاء الطلاب يضمن نجاحهم، رغم التعب المرافق لتلك العملية”.