– ما ينتجه المجتمع العربي للدولة أضعاف ما ينتجه المجتمع المتدين، بالمقابل يمنحون المجتمع المتدين هبات وميزانيات أكثر وهذا رضوخ من اليمين للمتدينين
– وضع العرب لا يسمح لهم بشراء العقارات لأنهم أكثر شريحة متضررة اقتصاديا، وأكثر من 60% منهم تحت خط الفقر، فيعجزون عن تسديد القرض الاسكاني
– كي يشجع بنك اسرائيل الناس على عدم الاستهلاك الإضافي يرفع الفائدة المصرفية، فلا تعود الناس تأخذ قروضا.
زياد شليوط
نجحت الحكومة، فجر أمس الأربعاء، بالحصول على موافقة الكنيست باقرار ميزانيتي العامين الجاري والمقبل، وهي الميزانية الأعلى منذ 75 عاما، بقيمة اجمالية فاقت 14 مليار شيكل في العامين معا، وأعلنت الحكومة مسبقا، أنها ستجري تقليصات في الميزانية بعد إقرارها، ويبلغ حجم الميزانية المباشرة، للعام الجاري حوالي 432 مليار شيكل، وفي العام المقبل 2024 حوالي 453 مليار شيكل.
للوقوف على بعض جوانب الميزانية الجديدة وخاصة ما يتعلق منها بالمجتمع العربي التقت “الصنارة” مدقق حسابات ومحاضر في العلوم الاقتصادية في عدة كليات، جهاد بلعوم الذي علق على الميزانية الجديدة قائلا: ” الصراع واضح حول الهبات التي تقدمها الميزانية للشرائح غير المنتجة على حساب الشرائح المنتجة. الهبات والميزانيات للتلميذ المتدين والحريدي تفوق الهبات الممنوحة للتلميذ العادي في المدارس الرسمية. اي ان الشرائح العاملة والمنتجة ستمول الشرائح غير المنتجة وهذا هو الخلاف الرئيس بين أقطاب الأحزاب الاسرائيلية”.
من الواضح أن انعكاسات الميزانية الجديدة تعود بالضرر على مجتمعنا العربي أولا، وعن ذلك يقول جهاد: “الضرر الواقع هو استمرار للنهج في عدم تقديم ميزانيات في الأمور الأساسية مثل البنى التحتية غير المتوفرة. حتى الميزانية التي وعد بها المجتمع العربي في الحكومة السابقة والتي بلغت 53 مليارد، كانت مجرد وعود، لم يصرف منها 10% وهي موزعة على عدة نواح وليس في جانب واحد كما أشيع. أضف إلى ذلك أن الادعاءات بتقديم الحقوق مقابل الواجبات، لا تتفق وما ينتجه المجتمع العربي للدولة أضعاف ما ينتجه المجتمع المتدين، بالمقابل يمنحون المجتمع المتدين هبات وميزانيات أكثر وهذا رضوخ من اليمين للمتدينين، لأنه لا يتوفر له بديل آخر ومجبر بالاعتماد على الأحزاب المتدينة والمتشددة”.
ولا ينصح جهاد بلعوم بالاقدام على شراء بيوت أو عقارات في المرحلة الحالية ويؤكد أن “أكبر عام اقتصادي لا يمكنه التنبؤ بما سيحدث في الفترة القريبة القادمة وهناك ضبابية واضحة، لكن تبقى أقل ضررا من الشراء حاليا، أضف الى ذلك أن وضع العرب لا يسمح لهم بالشراء لأنهم أكثر شريحة متضررة اقتصاديا، وأكثر من 60% منهم تحت خط الفقر، فلا يمكنهم الحصول على قرض اسكاني لعجزهم عن تسديده”.
ويرى بلعوم أن “الميزانية مفروض أن تبنى على أسس استثمارية حتى تزيد من المنتوج المحلي. لكن دعم شرائح لا تنتج تؤثر على ارتفاع الأسعار وانخفاض في القيمة العملة المحلية، وكي تحارب هذه الآفة يدخل بنك اسرائيل الذي يلعب بمفرده لأن الدولة لا تساعده في اعادة عجلة الانتاج والحد من ارتفاع الأسعار، ولا يتوفر أمام البنك غير اللجوء الى رفع الفائدة البنكية، مما يؤدي الى تراجع المستهلك عن استهلاكه العادي، ولا يحدث طلب في السوق نتيجة ارتفاع الأسعار، وكي يشجع البنك الناس على عدم الاستهلاك الاضافي يرفع الفائدة المصرفية، فلا تعود الناس تأخذ قروضا”.
في الحرب المجتمع الأكثر ضعفا سيكون الأكثر تضررا
وعما اذا ما لجأت الحكومة الى شن حرب لايجاد حل اقتصادي، نوّه بلعوم الى أنه “في الحرب تعود الأوراق وتتشكل من جديد، فلو نظرنا الى أي حرب في أي بقعة في العالم، يكون تأثير سلبي للحرب خاصة للمجتمعات الضعيفة وقليلة الانتاج، مثال على ذلك جائحة كورونا التي عادت بالضرر الأكبر على المجتمع العربي وهكذا في الحرب فان المجتمع الأكثر ضعفا سيكون الأكثر تضررا”.
يذكر أن المجتمع الاسرائيلي يعاني من تضخم مالي منذ أشهر ينعكس في موجات الغلاء، وعن ذلك يقول بلعوم بأن: “التضخم المالي يعني أنه كلما ارتفع سعر المنتوج انخفضت قيمة العملة. هو ارتفاع مستمر في أسعار المنتوجات وبالمقابل انخفاض في قيمة العملة. وهذا يحدث عندما لا يكون لدى الدولة انتاج كاف، وقيمة العملة تستند على القوة الانتاجية للدولة”. ويضيف ” ارتفاع الأسعار لا يرتبط بالعوامل الداخلية فقط بل الخارجية. مررنا بجائحة كورونا التي أدت الى ارتفاع بأسعار المنتوجات، وبعدها الحرب الروسية – الأوكرانية، وكلتاهما أثرتا على الاقتصاد العالمي، كذلك انسحب التأثير على السوق المحلي. فأكرانيا تعتبر مورد رئيسي للقمح، وتراجع المنتوج ارتفعت أسعاره فأثر على السوق المحلية. اذا كان اقتصاد الدولة قويا، يمكن ان تتفادى التأثير السلبي، لكن حدثت قضايا داخلية أثرت على قيمة الشيكل”.
وأهم القضايا الداخلية التي أثرت على التضخم المالي هي “الانقلاب القضائي الجديد الذي أحدث حالة من الضبابية، عندها المستثمر الخارجي يفضل عدم الاستثمار في اسرائيل نظرا للحالة الضبابية في التحولات القضائية وتقييد في القوانين، في هذه الحالة يحصل هروب للأموال الصعبة من البلاد”.