نفذت السلطات الإسرائيلية في مدينة القدس أمس الإثنين، عمليتي هدم لمنازل غير مرخصة في الأحياء العربية في المدينة بضمنها جبل المكبر. واندلعت في المكان مواجهات بين قوات الأمن والسكان المحليين، حيث قال الهلال الأحمر إنه تعرض نحو 30 شخصًا لحالات الاختناق جراء الغاز المسيل للدموع والبعض أصيب بعيارات مطاطية.
وأعلن سكان الحي الإضراب العام، والنفير العام والخروج إلى الشوارع، ردا على عمليات الهدم وقام البعض بحرق بعض المكاتب التابعة للبلدية والموجودة داخل الحي، بعد أن طالت عملية الهدم أمس منزل عائلة ابراهيم بشير في الحي وعدد من المنشآت التابعة للعائلة، علما أنها أنشأت عام 2015 دون التراخيص المطلوبة.
وتتمثل حساسية الهدم في بلدة جبل المكبر لقربها من المسجد الأقصى وجوارها كذلك لبلدة سلوان التي تعتبر الخاصرة الجنوبية لمسجد الأقصى، على ما أفادت مراسلة i24news. وأضافت “أقيمت تحت هذه البلدة عمليات حفر استعادت أجزاء من المدينة الأثرية القديمة إبان الفترة الرومانية والتي أطلق عليها إسرائيليا “مدينة داوود”، ويخشى الفلسطينيون من سيناريو تعميق ملامح تهويد القدس على حساب هدم منازلهم ودفعهم خارج المدينة. وتعليقا على عمليات الهدم الأخيرة قال صاحب المنزل لمراسل واينت: “يريدون ترحيلنا إلى الضفة الغربية، لكننا سنبقى هنا رغم الصعاب”.
وعلى لائحة الانتظار خمسة منازل تلقى أصحابها إخطارا بهدمها بدعوى إقامتها بدون إصدار تراخيص. من جهة أخرى، يفيد مطلعون أنه ليس من السهل اصدار تراخيص لا سيما أن السلطات الإسرائيلية تعقد الإجراءات بشكل كبير. فالسكان تقدموا فعلا بطلب إصدار تراخيص لهذه المباني ولم يتم اتخاذ قرار بشأن هذا الأمر.
جاءت أوامر الهدم متلاحقة وحازمة على خلفية سلسلة عمليات عدائية ضربت مدينة القدس سقط خلالها عشرة مدنيين إسرائيليين خلال أسبوعين، أوعز وزير الأمن القومي ايتامار بن غفير على إثرها في إطار الرد الحازم والسريع، إلى البدء حالا بهدم كافة المنازل غير المرخصة في المدينة.
ويأتي تحرك بن غفير وسط استياء من اليمين الإسرائيلي المتطرف من أداء الحكومة الإسرائيلية التي باتت مؤلفة من “يمين كامل” علما أن الحكومة قررت هدم البيوت غير المرخصة في القدس وتحديدا في الأحياء العربية المتاخمة للمسجد الأقصى دون الرجوع للمستشارة القضائية للحكومة في محاولة لامتصاص غضب الشارع الإسرائيلي.
وبحسب ما قال لواينت أفيف تاترسكي، الباحث في جمعية “مدينة الأمم”، التي تتعامل مع تعقيدات الحياة في القدس في سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني (وفق تعريفه)، فإنه “لم يتم تحديث الخارطة الهيكلية للحي منذ الموافقة عليها قبل 35 عاما، والبناء ممنوع فوق حوالي ثلثي مساحته ولا خيار أمام السكان سوى البناء دون تصريح”. وأضاف أن “الوضع مشابه في أحياء فلسطينية أخرى في المدينة. إن هدم المنازل كارثة تختار الحكومة إلحاقها بالأهالي بذريعة إنفاذ القانون التي لا أساس لها من الصحة”.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن المفوض السابق للشرطة روني آلشيخ حذر من تداعيات سياسة هدم المنازل التي قرر بن غفير تبنيها حيث قال “الإعلان عبر وسائل الإعلام أن الهدم مرتبط بالهجوم يمس بشكل سلبي بمفهوم واجب الامتثال للقانون من قبل المواطنين أو السكان فضلا عن مخاطر تقويض فرصة رفع مستوى الأمان الشخصي في القدس وتعاون المواطن مع السلطات”.