في كلِّ عملٍ تشارك به الممثِّلة رنين مطر، تتركُ بصمةً مميَّزةً نظيرَ قدرتها على التنويعِ في أداءِ الشخصياتِ المختلفةِ المُسندةِ إليها. هذا ما ظهرَ جلياً في عديدٍ من المسلسلاتِ التي عملت بها منذ بدايةِ مسيرتها في التمثيلِ وحتى الآن، لاسيما في أعمالها الأخيرةِ «عروس بيروت»، و«للموت» الذي عُرِضَ في موسمِ دراما رمضان 2023، و«ع أمل» في رمضان الفائت، وأخيراً «لعبة حب» الذي يُقدَّم حالياً، وغيرها من الأعمال. «سيدتي» التقت رنين في حوارٍ عن أحدثِ أعمالها، تخلَّله تطرُّقها لمشاهدَ خاصَّةٍ، عاشتها بمسلسلِ «عنبر 6»، وأعادتها إلى أحداثٍ مؤثِّرةٍ في عمرِ العاشرة عندما تعرَّض وجهها لحروقٍ، كما أفصحت عن حبِّها مجالَ التقديم، والبرنامجِ الذي تريدُ الظهورَ به للمشاهدين.
تنسيق | ساره مرتضى Sarah Mourtada
حوار | كلودين كميد Claudine Kmeid
تصوير | كفاح بلاني Kifah Ballani
شعر ومكياج | زينة ابراهيم Zeina Ibrahim
موقع التصوير | InterContinental Phoenicia Beirut Hotel
الأزياء من ميزون مكارم Maison Makarem
رنين مطر- تصوير- كفاح بلاني
متى اكتشفتِ موهبةَ التمثيلِ لديكِ؟
في صغري، لم أكن أشعرُ بأنني أمتلكُ موهبةَ التمثيل، لكنْ عندما خضتُ العملَ في المجال، اكتشفتُ أنها موجودةٌ في داخلي. في الواقع، حصلَ الأمرُ صدفةً، فوالدي أنتجَ مسلسلَ «مدرسة الحب» في تجربته الأولى بالمجال، وخاضها من أجلي، لأنني كنت أحبُّ الفن. عملتُ حينها Art Director خلفَ الكاميرا في «مدرسة الحب»، لكنْ حصلت مشكلةٌ مع إحدى الممثِّلات، فحللتُ مكانها كيلا يتوقَّف التصوير. مشاهدي كانت قليلةً، ومع ذلك شعرتُ بأنني أحبُّ التمثيل. وحقاً خضت بعدها تجاربَ أخرى، كانت صغيرةً في الفترةِ الأولى، واستمرَّ ذلك إلى أن اشتغلتُ على نفسي، وأخذتُ دوراتٍ في التمثيلِ والصوت، لأنطلق في عالمِ الفن.
إذاً الصدفةُ غيَّرت حياتكِ، وأدخلتكِ عالمَ التمثيلِ والشهرة. هل تعدِّين نفسكِ محظوظةً؟
عملتُ تقريباً سبعةَ أعوامٍ Art Director خلفَ الكاميرا في كثيرٍ من الأفلام، منها أفلامٌ للفنَّان زياد برجي، ومسلسلِ «مدرسة الحب». بالتأكيدِ أنا محظوظةٌ، وما زلتُ أؤمن بأن هناك أموراً في الحياة، تختارنا لا العكس. أحياناً نريدُ شيئاً معيَّناً، ونعملُ على تحقيقه، في المقابل، هناك قصصٌ مخبَّأةٌ، تظهرُ فجأةً في حياتنا، وهو ما حصل معي بدخولِ التمثيل، الذي أعدُّه عالماً جميلاً، وغيَّر الكثيرَ في حياتي. اليوم أنا سعيدةٌ جداً، وراضيةٌ به.
نينا تشبهني كثيراً
شاركتِ عامَ 2011 في مسابقةِ ملكةِ جمال لبنان، لو فزتِ باللقب، ما الذي كان سيتغيَّر في حياتكِ؟
لا أعرفُ ما الذي كان سيتغيَّر حينها، لأنني لا أعلمُ نوعيَّة التغييرِ الذي يُحدثه لقبُ ملكةِ جمال لبنان في حياتنا. الكثيراتُ فزن باللقب، لكنهن غير موجوداتٍ في أي ساحةٍ حالياً! في المقابل، هناك ملكاتُ جمالٍ، قدَّمن أشياءَ رائعةً. هذه المعادلةُ، تجسِّدُ الحياةَ تماماً. لو فزت باللقب حينها، لا أعرفُ حقاً أين كان سيأخذني مجرى الحياة، لكنَّ الجمالَ، يساعدُ بالتأكيد في مجالِ التمثيل، فهو أساسي للبروز، ويسهِّلُ الأمورَ في أدوارٍ معيَّنةٍ، لكنْ ليس كلّها، لأن الجمالَ نسبي، وهناك أدوارٌ تتطلَّبُ جمالاً مختلفاً.
جسَّدتِ أخيراً، وبشكلٍ مميَّزٍ، دورَ «نينا» في مسلسلِ «لعبة حب»، النسخةُ التركيَّة المعرَّبة من «حب للإيجار»، حدِّثينا عن الشخصيَّة؟
أحببتُ الدورَ بمجرَّد الانتهاءِ من قراءته. هذه كانت المرَّةَ الأولى التي أقدِّمُ فيها شخصيَّةً عفويَّةً، ومتصالحةً مع نفسها، وسعيدةً بحياتها. مهما كانت النتائجُ، تبقى «نينا» فتاةً واثقةً من نفسها، ومستقلَّةً، وحرَّةً، وهي شخصيَّةٌ جديدةٌ كلياً بالنسبةِ لي، وأحببتُ تجسيدها. أنا أعلمُ أن المسلسلاتِ التركيَّة المعرَّبة، تحظى بقاعدةٍ جماهيريَّةٍ عريضةٍ، لذا شدَّني خوضُ هذه التجربة.
كم تشبهكِ «نينا» في حياتكِ اليوميَّة؟
شخصيَّتها تشبهني كثيراً. أصدقائي، وعائلتي الذين يعرفونني جيِّداً، يعلمون أنها قريبةٌ مني لناحيةِ حيويتها، وضحكتها، وعدمِ توقُّفها عند أمرٍ معيَّنٍ. أنا هكذا في الحياةِ، لا أعقِّدُ الأمور. «نينا» فتاةٌ طيِّبةٌ وغير مؤذيةٍ، ومع ذلك بعضُ المنشوراتِ في «السوشال ميديا»، تقولُ: «كان من المفترضِ أن نكرهها»! لكنَّ المعلِّقين، يُجمعون على أنهم لم يستطيعوا إلا أن يُحبُّوها.
ذكرياتٌ مؤثِّرةٌ من الطفولة
صرَّحتِ مرَّةً أن بعضهم، يرى أنكِ اعتمدتِ على شكلكِ الجميلِ في التمثيل، كيف غيَّرتِ هذا الاعتقاد من خلال أعمالكِ؟
أوَّلُ دورٍ، برزتُ فيه بعد الصدفةِ التي تمَّت في حياتي، وأدخلتني التمثيل، كان في مسلسلِ «الحب الحقيقي»». في هذا العملِ، تعرَّف عليَّ المشاهدون، لأن دوري فيه كان طويلاً. هذا الدورُ، بُني على الجمال، بالتالي كان من المفترضِ أن تكون الشخصيَّة التي أجسِّدها جميلةً، لكنني استطعت بعد ذلك تقديمَ أدوارٍ مختلفةٍ مثل شخصيتي في مسلسلِ «عنبر»، إذ ظهرتُ في العملِ بوجهٍ محروقٍ، وهذا الأمرُ أعاد إلي ذكرياتٍ مؤثِّرةً في طفولتي. كذلك قدَّمتُ دورَ سيدةٍ، ترتدي النقابَ، ولا تضعُ المكياجَ في مسلسلِ «بيروت 303»، وفي أغلب المشاهدِ، لم يظهر مني سوى عينَي، وأحياناً وجهي، وكان متعباً، ودون مكياجٍ. معنى ذلك أنني قدَّمت أدواراً، لم تكن مبنيَّةً على الجمالِ الخارجي، بل إن مكوِّناتِ الجمالِ لم تكن متوفِّرةً في بعضها.
ذكرتِ أن المشاهدَ التي جسَّدتها في مسلسلِ «عنبر»، أعادتكِ بالذاكرةِ إلى الطفولة، ما السبب؟
شاركتُ في مسلسلِ «عنبر 6» بموسمَيه الأوَّلِ والثاني. الموسمُ الأوَّلُ، كان جميلاً بالنسبةِ لي، أمَّا الثاني، فكان متعباً كثيراً، لأن دوري فيه، فرضَ عليَّ أن أطلَّ بوجهٍ محروقٍ، وهذا أعاد إلي ذكرياتٍ مؤلمةً، وقعت في طفولتي، وتحديداً في عمرِ العاشرة حيث تعرَّضتُ لحروقٍ في كلِّ وجهي، إذ انسكب ماءٌ ساخنٌ عليه، ما اضطر الأطباءَ إلى تقشيرِ الجهةِ اليسرى منه، ولزمتُ المنزلَ نحو عامٍ ونصفِ العامِ، لأنني مُنِعتُ من التعرُّضِ للشمس. عندما عملتُ في «عنبر 2»، اجتاحتني المشاعرُ نفسها التي عشتها في تلك الفترةِ، وكأنَّني عُدت 20 عاماً للوراء. شعرت كأنَّني أعيشُ التجربةَ ذاتها فقد كنت أخضعُ للمكياجِ لمدة ساعتَين في اليوم، وبعد انتهاءِ التصوير، تتمُّ إزالته باستعمالِ موادَّ خاصَّةٍ، ما أصابَ وجهي بالحساسيَّة، لا سيما أنني أعاني من مشكلاتٍ عدة في الجهة اليسرى، ومنذ عامين أعالجُ بشرتي بسببِ المكياجِ الخاصِّ بالحروقِ الذي وُضِعَ لي في المسلسل.
رنين مطر- تصوير- كفاح بلاني
أراقب ما أقدّم
تعدِّين نفسكِ ناقدةً قاسيةً على نفسكِ، هل هذا الأمرُ يُحمِّلكِ مسؤوليَّةً كبيرةً في عملكِ؟
عندما أشاهدُ نفسي في دورٍ، أقولُ أحياناً: «كان يجبُ أن أقدِّمَ هذا المشهد بهذه الطريقةِ، أو بتلك». حتى عندما أشاهدُ أي مسلسلٍ لغيري، أراقبُ أداءَ الممثِّلين فيه. التمثيلُ هو إحساسٌ في داخلنا، وهو خبرةٌ أيضاً على غرارِ أي شيءٍ في الحياة. اليوم عندما أشاهدُ أعمالي، أنتقدُ نفسي، وبالتأكيد أراقبُ ما أقدِّمه، لأنني وضعتُ نصبَ عينَي أن أتطوَّر دائماً، وأن أشتغلَ على نفسي، وأن أصحِّحَ أموراً عدة في تمثيلي وشكلي. على سبيلِ المثال، أكتشفُ أحياناً أن مكياجاً ما، لم يكن لائقاً بي، أو أن تسريحةً، كانت غير مناسبةٍ للدور! نحن اليوم، ومع اكتسابِ الخبرة، صرنا نعرفُ ما يليقُ بنا وما لا يليق، ونعلمُ الصحيحَ والخاطئ، وجميلٌ أن يتعلَّم المرءُ من أخطائه.
رنين مطر- تصوير- كفاح بلاني
هل هناك فنَّانٌ كبيرٌ، عملتِ معه، وقدَّمَ لكِ نصيحةً، وأخذتِ بها، وما زلتِ تطبِّقينها؟
أكثر نصيحةٍ سمعتها من كلِّ الذين عملتُ معهم ألَّا أغيِّر من ملامحِ وجهي. منذ خمسة أعوامٍ وأنا أفكِّر في تغييرِ شكلي، لكننا أحياناً نقتنعُ بما يقوله لنا المحبُّون، ونتراجعُ عن قراراتنا، وهذا ما حدثَ معي. مثلاً، لم أخضع لعمليَّةِ تجميلٍ لأنفي مع أنني أراه مرَّاتٍ أعوجَ قليلاً، وأريدُ تجميله، كذلك لم أحقن شفتَي، ولم أرفع عينَي، ملتزمةً في ذلك بنصائحِ بعض الناس، إذ أقولُ لنفسي: لماذا أغيِّر من شكلي الطبيعي طالما أن الكثيرين، ينصحونني بأن أحافظ عليه؟ كلامُهم، يعطيني ثقةً كبيرةً بنفسي، ويدفعني لأن أبقى كما أنا، فهم يحبُّونني بهذه الصورة. نحن الفنَّانين بشرٌ في النهاية، ونتأثَّر بمَن حولنا، والقناعةُ بالنفس مهمةٌ أيضاً، والجمهورُ هو الأساسُ في نجاحِ أي عملٍ، ومن جهتي، أحبُّ التفاعلَ مع المشاهدين في كلِّ ما أفعله. أحياناً إذا نُشرت لي صورةٌ على «السوشال ميديا»، ولم تلقَ إعجابهم، أتساءلُ عن السببِ وراء ذلك، وأسعى إلى معرفته، وتخطيه، فرأي الجمهور يهمُّني، ويعني لي الكثير.
“أخضع لدورات تدريبية في الصوت وألتزم بدروس في التمثيل فأنا أحب تطوير نفسي والاشتغال عليها “
الغناء ليس ضمن خططي
تخضعين لدوراتٍ تدريبيَّةٍ للصوت، هل تريدين الغناءَ أيضاً إلى جانبِ التمثيل؟
صحيحٌ، أخضع لدوراتٍ تدريبيَّةٍ للصوت، وأتلقَّى أيضاً دروساً في التمثيلِ بأوقاتِ فراغي، وعندما لا يكون عندي تصويرٌ. أنا أحبُّ أن أعملَ باستمرارٍ على نفسي. الغناءُ ليس ضمن خططي، ولا أريدُ امتهانه، لكنني أخضعُ لتمارين الغناءِ حتى أستفيدَ منه في أعمالي التمثيليَّة المقبلةِ إذا ما تطلَّب مني الأمرُ ذلك، ولكي أكون مرتاحةً حينما يُطلَبُ مني أداءُ أغنيةٍ في مشهدٍ ما. أخضعُ لهذه التدريباتِ في أكاديميَّة إلياس الرحباني، لكنني في الحياةِ العاديَّة، لا أغيِّر صوتي. أنا أفترضُ أنني قد أؤدي مشهداً تمثيلياً، يتطلَّبُ مني أن أكون حزينةً، وعليه من الجيِّدِ أن أعلمَ أي طبقةٍ من صوتي، يتوجَّبُ عليَّ استخدامها لأعطي المشهدَ حقَّه. والعكسُ صحيحٌ، أي استخدامُ طبقةٍ أخرى في حال كان المشهدُ «سعيداً». جميلٌ أن يتعرَّف المرءُ على كلِّ طبقةٍ في صوته، ويمكنه فعلُ ذلك من خلال التمارين، ونوتاتٍ معيَّنةٍ. كذلك ألتزمُ بدوراتٍ في التمثيل، وكنت أفعلُ ذلك سابقاً مع المجموعة، أمَّا اليوم فأعملُ مع مدربٍ للتمثيل على أي شخصيَّةٍ تُسند إلي. هذا الأمرُ يساعدني في تقديمِ الدورِ بإتقانٍ.
رنين مطر- تصوير- كفاح بلاني
إلى جانبِ كونكِ ممثِّلةً، هل تحبِّين أن تكوني مذيعةً، تماماً كما كنتِ في مسلسل «ع أمل»؟
نعم، أحبُّ أن أقدِّمَ برنامجاً اجتماعياً، يتضمَّن توعيةً مباشرةً وحسَّاسةً، ويكون له معنى وهدفٌ.
إذاً هل سنراكِ في برنامجٍ تلفزيوني قريباً؟
كلا، لأنني أركِّزُ حالياً على التمثيل، وعندما يأتيني عرضٌ جيِّدٌ في الوقتِ المناسب، ومع فكرةٍ جميلةٍ، عندها يمكن أن أوافق.
قدَّمتِ دورَ المذيعةِ «ياسمين عز» في «ع أمل»، كيف وجدتِ ذلك؟
إذا اعتبرنا أن الفنَّانة ماغي بوغصن، أدَّت دور المذيعةِ رضوى الشربيني، فأنا أدَّيتُ في المقابلِ دورَ المذيعةِ ياسمين عز، وكانت تجربةً جميلةً.
ما هواياتكِ اليوميَّة؟
أمارسُ الرياضةَ، واليوغا، وأسافرُ كثيراً. كذلك أسَّستُ عملاً خاصاً بي، وهو عبارةٌ عن خطِّ مجوهراتٍ، فأنا أؤمن بـ «علم الطاقة»، لا سيما طاقةُ الأحجارِ في مجالِ المجوهرات، وأسعى حالياً إلى تعزيزِ عملي أكثر، إذ أصمِّمُ مجوهراتٍ بأحجارٍ خاصَّةٍ، تناسبُ كلَّ شخصٍ، حسبَ طاقتِه، وما يطلبه، والحجرِ الذي يتوافقُ مع برجه.
رنين مطر- تصوير- كفاح بلاني