دعت منظمة العفو الدولية (أمنستي) في البلاد إلى فتح تحقيق مستقل في جريمة قتل محمد خالد العصيبي ليل الجمعة 31.3.2023 بيد قوات حرس الحدود قرب باب السلسلة في المسجد الأقصى في شرق القدس المحتلة، مؤكدة أنها لا تثق بالرواية التي نشرتها الشرطة وتعتقد أنه تم استخدام القوة القاتلة بسبق الإصرار ودون الحاجة لذلك. وأكدت المنظمة أن التحقيق يجب أن يتولاه جسم مستقل وذو مصداقية وليس قسم التحقيق مع رجال الشرطة (ماحاش) المعروف بإغلاق الملفات ومنح حصانة لعناصر الأمن مرتكبي الجرائم، لا سيما ضد الفلسطينيين.
وزعمت الشرطة أن العصيبي، الذي يبلغ من العمر 26 عامًا وهو من سكان بلدة حورة في النقب، حاول خطف سلاح أحد عناصر حرس الحدود وأطلق منه رصاصتين على عناصر حرس الحدود الذين تواجدوا في المكان، وزعمت كذلك أن لا توثيق لما حصل لأنه حصل في “مساحة ميتة” (لا تغطيها كاميرات الأمن) وكذلك كاميرات الجسد التي يحملها كل عناصر حرس الحدود لم تكن تعمل في تلك اللحظة. وهذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها الشرطة إلى استخدام مثل هذا العذر في الحالات التي يشكك الجميع بروايتها ويتهم عناصرها بالقتل بدم بارد، خاصة عندما تكون الضحية فلسطينيًا بغض النظر عن أي جانب من الخط الأخضر يعيش.
ومن الفحوصات التي أجرتها منظمة العفو الدولية في القدس الشرقية المحتلة، ومن الصور التي انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي، يظهر أن البلدة القديمة وأبواب المسجد الأقصى ومحيطه مراقب بكاميرات متطورة تعمل على مدار الساعة، وهناك 4 كاميرات في المنطقة التي قتل فيها الجنود العصيبي، بالإضافة إلى كاميرات الجسد التي يحملها عناصر حرس الحدود التي من المفترض أن تعمل.
وقال الناطق بلسان منظمة العفو الدولية، رامي حيدر، إن “رواية تبرئة عناصر حرس الحدود دائمًا جاهزة، فعندما تحتاج إسرائيل وقوات أمنها التغطية على أي جريمة، يصبح المكان “مساحة ميتة” بقدرة قادر، لكن في العادة لا يوجد في القدس المحتلة مساحات ميتة، إنما فلسطينيون ميتون، وعند قمع الفلسطينيين واعتقالهم أو التنكيل بهم تجد الكاميرات على أهبة الاستعداد”.
وتابع “التناقض في رواية الشرطة الرسمية وعناصر الأمن واضح جدًا في الكثير من التفاصيل، مع أنها تبدو لوهلة كأنها منمقة، مرتبة، مجهزة بعناية، بالإضافة إلى تكرار كلمة “مخرب” عشرات المرات عند الحديث عن العصيبي.
لا يمكن الوثوق بروايات الشرطة الرسمية في كل ما يتعلق بقتل المواطنين الفلسطينيين برصاص الشرطة، والجرائم السابقة تثبت مدى كذب الشرطة ومحاولاتها التغطية على هذه الجرائم، على سبيل المثال، نتذكر جريمة قتل المربي يعقوب أبو القيعان من قرية أم الحيران، الذي زعمت الشرطة أنه إرهابي حاول تنفيذ عملية ضد عناصر الأمن الذين أتوا قبيل الفجر لهدم منزله وتهجير عائلته، وثم زعمهم بانتمائه لتنظيم “داعش”، ليتبين كذب الرواية لاحقًا. وكذلك قضية الشاب إياد الحلاق في القدس المحتلة الذي قتله عناصر أمن وزعموا أنه أراد تنفيذ عملية وقالوا عنه لأيام “مخرب”، وزعمت الشرطة كذلك أن لا توثيق لجريمة الشرطة لا بكاميرات الأمن ولا بكاميرات الجسد، ليتبين لاحقًا أن الفتى قتل بدم بارد ودون أن يشكل أي تهديد. وحتى في الموجهات مع مجموعات سكانية أخرى تميل الشرطة الإسرائيلية إلى الكذب والتستر على جرائمها وانتهاكاتها، لكن ضد الفلسطينيين يكون الوضع أسوأ، خاصة أن هذه المجموعات السكانية بأغلبها لا تميل إلى التشكيك برواية الشرطة علنًا ولا تفضل اتهام الشرطة بالجريمة، ولهذا يجب التعامل بحذر شديد مع الروايات الرسمية للشرطة الإسرائيلية.
وقال مدير البرامج في منظمة العفو الدولية في البلاد، د. ياريف موهر، إنه “بسبب علامات السؤال الكبيرة التي تحيط برواية الشرطة الرسمية في جريمة قتل محمد خالد العصيبي، تدعو منظمة العفو الدولية كل الجهات والمؤسسات والأطر والأطراف ذات العلاقة إلى عدم تقبل رواية الشرطة الرسمية، والمطالبة بفتح تحقيق مستقل وشامل في ما حدث ومعرفة كيف ولماذا تم قتل الطبيب الشاب من بلدة حورة. ويجب أن يتولى التحقيق جسم ومستقل وليس قسم التحقيق مع الشرطة (ماحاش) لأن التاريخ يشهد أن ماحاش عملت على إغلاق الملفات ومنح حصانة لعناصر الأمن أكثر من التحقيق المهني والمستقل في الجرائم السابقة، يجب علينا أن لا نسمح بأن بقتل شخص بريء دون محاسبة، ويجب أن نمنع إغلاق التحقيق باتهام الضحية بأنه مخرب”.