الخبير الأقتصادي أسامة حسن للصنارة :” نحن أمام ركود إقتصادي وقد ندخل الى وضع صعب جداً

 

  • نحن أمام ركود اقتصادي واذا استمرت الحكومة بسن وتغيير القوانين سندخل الى وضع اقتصادي سيء جداً لا أعرف أبعاده ولكن قد يُعيدنا الى الوراء 10 – 15 سنة
  • في البلاد لا يوجد خطر لأن يحصل لأحد البنوك  مثلما حصل في أمريكا لأن وضع البنوك في إسرائيل متين وقوي جداً جداً..
  • على المجتمع العربي أن ينتبه جيّداً  بالذات في رمضان لأننا لا نعرف الى أين سنصل, ولا حاجة للدخول في مغامرات وقروض مُكلفة
  • لا حاجة للصرف الزائد ويجب شراء الاحتياجات فقط. في هذه المرحلة أهم شيء هو تجنّب الصرف على حساب القروض في البنك أو على أساس السحب الزائد.

 محمد عوّاد

يحلّ شهر رمضان هذا العام على البلاد في ظروف اقتصادية صعبة يسودها ارتفاع أسعار السلع والاحتياجات الأساسية والوقود والكهرباء والماء ويكتنفها غموض وقلق ممّا ستسبّبه التغيّيرات في الجهاز القضائي في حال تمّت المصادقة عليها ، رغم المظاهرات الصاخبة ضدّها المستمرة منذ حوالي 3 أشهر. كذلك تتجه الأنظار الى بنك “وادي السيليكون” (S.V.B.) في الولايات المتحدة الذي انهار بين عشية وضحاها بعد أن سحب أصحاب الحسابات نقودهم ومعظمهم من شركات الهايتيك بعد أن فقدوا الثقة بالبنك, في الوقت الذي بدأت البنوك في البلاد تتعقّب وتتابع أي زبون يحوّل مبالغ من حساباته الى الخارج, وكل ذلك في ظل التضخم المالي المتسارع وارتفاع سعر الدولار ورفع قيمة الفائدة البنكية.

حول هذا الموضوع أجرينا هذه المقابلة مع الخبير الاقتصادي مدقّق الحسابات والرئيس السابق لنقابة مدققي الحسابات فرع الشمال أسامة حسن.


الصنارة: الأوضاع الاقتصادية في البلاد سيئة ويسودها الغموض وقد بدأ مستثمرون بسحب مدخراتهم. هل من الممكن أن يحصل في البلاد ما حصل للبنك الذي انهار في الولايات المتحدة وما هي الإجراءات التي يترتّب على البنوك لحماية نفسها؟

أسامة حسن: ما يحصل اليوم في الاقتصاد الإسرائيلي هو  نتيجة لعدة عوامل بدأت في فترة الكورونا عندما توقف الاقتصاد  العالمي وانشلّ، الأمر الذي جعل الحكومات والبنوك في العالم تضخّ سيولة في الأسواق بشكل غير مسبوق. مئات مليارات الدولارات لتلافي الأزمة التي حصلت والجمود الاقتصادي ولإعطاء هبات للناس ولدعم البنوك والمصالح الصغيرة والكبيرة. وضخ الأموال بهذه الكميات الهائلة أوجد بين الناس أموالاً نقدية كثيرة وبالأساس تركزت بين يدي الأغنياء. وهذا الأمر كان في وضع كانت فيها قيمة الفوائد في البنوك منخفضة جداً (أقل من 0,5%), هذا التزامن سهل عملية الاستهلاك لدى الناس وسهل الاستثمارات وشراء السيارات والبيوت الأراضي والعقارات بسبب الفائدة المنخفضة, والاستهلاك الزائد مع فائدة منخفضة أدّى الى تضخم مالي, بالإضافة الى الأزمة التي حصلت بسبب حرب روسيا على أوكرانيا وسوق النفط الروسي والقمح الأوكراني, الذي كان أيضاً محفّزاً لارتفاع الأسعار, ومن أجل كبح التضخم اضطر بنك إسرائيل الى رفع الفائدة البنكية.  وذلك من أجل أن يحفّف الناس من المصاريف والاستهلاك على أمل أن يؤدي ذلك في نهاية المطاف الى وقف غلاء الأسعار والتضخم المالي..

 

الصنارة: وهذه الخطوات أثقلت كثيراً على كاهل المواطنين..!

أسامة حسن: الفائدة البنكية ارتفعت في إسرائيل خلال سنة من 0,25% الى اكثر من 5%. ومن كان يدفع  لقرض الإسكان 3000 شيكل سيدفع الآن أكثر من 4 آلاف. وهذه الإجراءات مفروض أن تعطي نتائج ولكن لا نعرف ما الذي سيحصل. اليوم البنك المركزي الأمريكي سيصدر قراره بالنسبة للفائدة لهذا الشهر و بنك إسرائيل سيصدر قراره بعد عدة أيام..

 

الصنارة: هل التوجّه هو مواصلة رفع الفائدة البنكية؟

أسامة حسن: التوجّه هو كذلك الى أن تظهر مؤشرات بأن الأسعار توقفت عن الارتفاع.

 

الصنارة: وما هي تأثيرات خطة الإصلاحات القضائية التي هي عبارة عن انقلاب قضائي؟

أسامة حسن: كل التغييرات التي تجريها الحكومة من تغيير قوانين وتحويل إسرائيل الى دولة أوتوقراطية ودكتاتورية تسيطر عليها الحكومة, كل ذلك سيؤدي الى خفض التدريج الاقتصادي للدولة, وفي هذه الحالة سترتفع الفائدة على السندات التي أصدرتها واشترتها الكثير من الشركات في دول العالم وعندها ستدفع الدولة من خزينتها مبالغ هائلة فقط لتغطية هذه الفوائد للسندات الحكومية الإسرائيلية. بالإضافة الى أن الاستثمار في إسرائيل سيقلّ لأن الاستثمار ورأس المال يحتاج الى دولة قانون واستقرار سياسي, واذا تم إضعاف محكمة العدل العليا لن يبقى ملاذ للمستثمرين كي يلجأوا إليه  في  حال احتاجوا ذلك, وهذا سيؤدي الى سحب مليارات المستثمرين الى الخارج وهذا الأمر قد بدأ ولكن ليس بشكل كبير.

الصنارة: وما هي النتيجة المباشرة لذلك؟

أسامة حسن: هذا سيؤدي الى ارتفاع في سعر الدولار والى انخفاض في سعر الشيكل ويرفع أسعار الاستيراد ويضعف خزينة الدولة. هذا هو الوضع الذي يسوده الغموض ولا نعرف اذا ما تم تغيير القوانين ماذا سيحصل.

الصنارة: في مثل هذه الظروف المواطنون بحاجة الى ترشيد اقتصادي خاصة أننا في رمضان والمصروفات تزداد كثيراً في هذا الشهر؟

أسامة حسن: لا حاجة للصرف الزائد ويجب شراء الاحتياجات فقط. في هذه المرحلة أهم شيء هو تجنّب الصرف على حساب القروض في البنك أو على أساس السحب الزائد. يجب تجنب  الدخول الى ديون وأن يكون المصروف فقط حسب الإمكانيات المتوفرة لدى كل شخص وكل عائلة. في هذه المرحلة لا أنصح بتجديد سيارات أو عفش البيت على حساب قروض, خاصة أننا مقبلون على عيد. أنصح بأن يكون الصرف فقط من النقود المتوفرة وعدم اللإعتماد على قروض من البنك التي سيدفع عليها فوائد عالية, خاصة أنه لا يوجد أي ضمان أن يتحسّن الوضع.

 

الصنارة: هناك مؤشرات لانخفاض كميات شراء المواطنين العرب من شبكات التسويق كما كان في السابق في رمضان!

أسامة حسن: هذا طبيعي وهذا ما يجب أن يكون. ومن تجربتي مع الزبائن الجميع يتحدثون عن انخفاض بالاستهلاك وتقلّص في حجم الدورة المالية وفي المبيعات. هناك هبوط معيّن ونوع من الجمود ولكن لا نعرف بالضبط ما هو حجمه. على المجتمع العربي أن ينتبه جيّداً  بالذات في رمضان لأننا لا نعرف الى أين سنصل, ولا حاجة للدخول في مغامرات وقروض مُكلفة..

 

الصنارة: هل اتخذت البنوك إجراءات معيّنة مثل إبطال أو تحديد بطاقات اعتماد أو تقليص إطارات السحب الزائد؟

أسامة حسن: في إسرائيل لم نلاحظ  أن البنوك اتخذت إجراءات كهذه فالنظام البنكي ما زال كما هو ولغاية الآن لم تفتح البنوك الاعتمادات.

 

الصنارة: هل في هذه الظروف الغامضة قد يفقد أصحاب المدّخرات والاستثمارات العالية الثقة بالبنوك ويسحبون أموالهم؟

أسامة حسن: البنك مبني على الثقة وإذا قرّر, على سبيل المثال, 50% من زبائن أقوى بنك في إسرائيل سحب أموالهم فإن البنك سينهار وأي بنك في العالم حتى لو كان لديه حصانة ومناعة مالية سينهار إذا سحب نصف الزبائن أموالهم. وحسب قانون البنوك في العالم وقانون بنك إسرائيل فإن الاعتمادات التي يعطيها البنك للزبائن من قروض واعتمادات تعادل 10 أضعاف رأس مال البنك.. والبنك يستثمر الأموال عادة بسندات حكومية.

 

الصنارة: هل من الممكن أن يحصل لأحد البنوك هنا ما حصل لبنك (S.V.B.

أسامة حسن: ما حصل في بنك (S.V.B) هو أن كل تعامله  كان في شركات الهاي تيك, أي في فرع اقتصادي واحد بينما في البنوك هنا في البلاد ممنوع أن يصل التعامل في فرع البناء اكثر من 10% وفي التجارة العامة 10% وفي الهاي تيك أيضاً 10%. أي أن التعامل موزّع على عدة فروع واذا انهار فرع معيّن لا خوف من انهيار البنك كله. وعندما بدأت شركات الهاي تيك بسحب أموالها بدأت تتسرّب معلومات بأنّ هناك صعوبات في البنك, وكي يعطي الشركات أموالها كان عليه بيع سندات البنك التي كانت قيمتها منخفضة . في بداية الهجمة خسر البنك من بيع المستندات 1,8 مليارد دولار, المشكلة بدأت عندما تسرّبت من داخل البنك بأن الوضع ليس على ما يرام في البنك فحصلت  حالة من الهلع وهذا ما أدى الى انهيار البنك.

 

الصنارة: من سيعوّض الزبائن التي لم تتمكن من سحب أموالها؟

أسامة حسن: الحكومة الأمريكية ستعوّض الزبائن عن إيداعاتهم كما قرّرت إيجاد صندوق كي يتمكن باقي البنوك من أخذ نقود للزبائن التي قررت سحب الأموال إذا وصلوا الى وضع يشبه وضع (S.V.B). وبتقديري هذه الأزمة أصبحت من ورائنا وفي البلاد لا يوجد خطر لأن يحصل لأحد البنوك  مثلما حصل في أمريكا لأن وضع البنوك في إسرائيل متين وقوي جداً جداً..

 

الصنارة: ولكن لا مؤشر لتحسن قريب في الأوضاع الاقتصادية؟

أسامة حسن: نحن أمام ركود اقتصادي واذا استمرت الحكومة بسن وتغيير القوانين سندخل الى وضع اقتصادي سيء جداً لا أعرف أبعاده ولكن قد يُعيدنا الى الوراء 10 – 15 سنة.

 

 

 

 

أسامةأمامإقتصاديالأقتصاديالخبيرالىجدًاحسنخبر رئيسيركودصعبللصنارةنحنندخلوضعوقد
Comments (0)
Add Comment