مسلسل “سفاح الجيزة” نجاح مبكر واتهامات بالتضليل
حقق مسلسل “سفاح الجيزة” المصري أصداء إيجابية واعتلى مبكرا صدارة الأعلى مشاهدة في مصر وجاء في مراكز متقدمة في دول أخرى، ورافق هذا النجاح المبكر جدل ارتبط بقصة العمل وعلاقتها بالوقائع الحقيقية التي عايشها المصريون قبل سنوات.
وبدأ عرض مسلسل “سفاح الجيزة” الخميس الماضي على منصة “شاهد” ويتكون من 10 حلقات سيتم عرض حلقتين منها كل أسبوع.
ولم تكن ردود الأفعال المتحمسة للعمل مُفاجئة، إذ سبقه الكثير من الدعاية والتمهيد، كما زاد ترقب الجمهور لارتباط العمل بقصة حقيقية مرعبة لسفاح ارتكب جرائمه بدم بارد دون أن يشك به أي من معارفه، في ظل ما هو معروف من حب الجمهور لدراما الجريمة والتشويق.
وراهن الجمهور أيضا على عودة بطل العمل أحمد فهمي للصفوف الأولى من المُبدعين، ولما كان المسلسل بعيدا عن الكوميديا ويتطلب موهبة كبيرة فلن يجد فهمي فرصة أفضل لتعويض ما فاته.
“سفاح الجيزة” من إخراج هادي الباجوري، وتأليف كل من محمد صلاح العزب وعماد مطر، وسيناريو وحوار إنجي أبو السعود، أما البطولة فهي لكل من أحمد فهمي، باسم سمرة، ركين سعد، ميمي جمال، حنان يوسف، صلاح عبد الله.
وتدور الأحداث حول سفاح أجمع على حبه الجميع، فهو الابن البار، والجار العطوف، وزميل العمل الكريم، والصديق المتعاون، والإنسان المتدين المُدافع عن حقوق المرأة. ولكل هذا لم يتصوّر أن يكمن داخل هذا الشخص كل هذا الكم من الشر والقسوة، والأهم الذكاء المتقد لإحكام جرائمه والإفلات منها بمنتهى البساطة دون الاشتباه به.
بداية مبشرة ولكن
جاءت غالبية ردود الأفعال حتى الآن في صالح المسلسل، إذ استطاع هادي الباجوري تقديم عمل يجمع بين الغموض والإثارة دون مبالغة أو صور نمطية، واتسم إيقاع العمل بالهدوء ولكن دون ملل بسبب التصاعد الدرامي وطبيعة الأحداث.
وساعد على إبراز الحالة كل من الموسيقى التصويرية المُثيرة للرعب التي ألفها كريم جابر، والتصوير بمؤثراته وكادراته اللافتة، والديكور المُحاكي للواقع، والإضاءة التي غلب عليها الظلام والوَحشَة، بجانب أزياء ريم العدل التي عبرت عن خلفيات الشخصيات بمهارة واحترافية، وهو أمر تكرر كثيرا مؤخرا حتى بات اسم العدل وحده علامة مميزة بالدراما.
أما على مستوى التمثيل، فقد أجاد ركين سعد وحنان يوسف وميمي جمال تجسيد أدوارهم، بينما سقط صلاح عبد الله في فخ التكرار، ووجد البعض صعوبة بتصديق باسم سمرة كضابط شرطة بعد أن اعتادوا عليه عنيفا وشريرا، كذلك انتقدوا تنميط الشرطي وحبسه في إطار الرجل المُطلّق القاسي.
وبدّل أحمد فهمي جلده تماما في المسلسل، مُتحديا كل الاحتمالات بالفشل، ولمزيد من الإتقان تلقّى دروسا في الطبخ وتعلّم الطريقة الصحيحة لاستخدام السكين، نظرا لأهميتها كأداة دائمة وحاضرة في جرائمه.
وانقسم الجمهور حول أداء فهمي بين مؤيد ومعارض، وإن كانت الأغلبية من المؤيدين الذين أشادوا بأدائه ووصفوه بالناضج والمناسب لشخصية قاتل متسلسل بارد وشديد الهدوء، في حين انتقد آخرون تمثيله واصفين إياه بالباهت وغير المنطقي قبل أن يخرج فهمي بنفسه ليشكر كل من كتب عنه بالإيجاب، ويُطالب المُخالفين بالرأي بالانتظار وعدم التسرّع بالحكم قبل الوصول إلى النهاية.
تصريحات مستفزة
ولأن المسلسل مأخوذ عن قصة حقيقية، كان من المتوقّع أن يبدأ الجمهور بالمقارنة بين الواقع والخيال، وأن يُعاد تداول القصة الأصلية لشخص يدعى قذافي فراج حُكم عليه بالإعدام 4 مرات في قضايا مختلفة، وهو ما قد يأتي مصحوبا ببعض التصريحات لمن تقاطعت طرقهم مع السفاح بطريقة أو بأخرى.
وبعد يومين فقط من بدء العرض، خرجت بعض التصريحات إلى النور، وإن جاءت شديدة الغرابة، إذ أعلنت شقيقة سفاح الجيزة امتعاضها مما شاهدته على الشاشة، واصفة غالبية ما جرى بغير الحقيقي.
وانتقدت شقيقة قذافي صناع العمل قائلة “أحداث الحلقات الأولى من المسلسل لا علاقة لها بالقصة الحقيقية، أخي مجرم وقاتل، لكنه لم يقدم على خيانة صاحب المصنع كما رأينا في المسلسل، ولا قتل عمته في مصحة”. وختمت الحديث بأنه ما من جهة فنية تواصلت معها لمعرفة حقيقة ما جرى سواء قبل الكتابة أو التصوير.
وجاء التصريح الأغرب من والدة نادين إحدى ضحايا السفاح، حيث اعترضت على الأحداث التي لا تُشبه ما جرى على أرض الواقع، فمن جهة لم يكن السفاح موظفا وإنما كان تاجرا وصاحب مصنع لعب أطفال، ومن جهة أخرى تساءلت: من أين للمؤلف معلومة أن السفاح كان يأكل الخضراوات قليلة السعرات، والتي أدرجها بأحد المشاهد، خاصة وأن صانعي العمل اعتمدوا على قصص جاءت على لسان أطراف فرعية شهدت الأحداث عن بُعد؟
الاقتباس لا يعني التوثيق
ومع انتشار التصريحات السابقة على منصات التواصل ومقابلتها من رواد المنصات إما بالسخرية أو الاستهجان، خرج مؤلف العمل محمد صلاح العزب للرد قائلا إن المسلسل مستوحى من قصة حقيقية لكنه ليس وثائقيا.
وذلك لأن الأعمال الدرامية تأخذ من الواقع ما يحلو لها وتزيد إضافات مُختلقة ومثيرة لمُضاعفة درامية الأحداث، ومن ثمّ زيادة شعبية العمل. وبالتالي فإن “سفاح الجيزة” غير معني بسرد الحقائق فقط، وليس سيرة ذاتية لقذافي، وهو ما يجب على كل من أهل الضحايا والسفاح إدراكه جيدا من أجل التوقّف عن انتظار أن تأتي الأحداث متطابقة تماما مع ما عايشوه، وأعرب العزب عن سعادته بردود الأفعال القوية والإيجابية المتداولة خلال الأيام السابقة، ووعد بأن القادم أفضل.