مخرجة “الملكة كليوباترا” ترد على اتهامات المصريين وتفسر سر البشرة السمراء
بعد الهجوم الكبير والجدل المثار في الأيام الماضية بسبب الإعلان الترويجي للمسلسل الوثائقي “الملكة كليوباترا” (Queen Cleopatra) الذي ستبثه شبكة “نتفليكس” في 11 مايو/أيار المُقبل، على أن يستعرض حياة ملكة مصر الفرعونية باعتبارها سوداء البشرة، قررت تينا غرافي مخرجة العمل الخروج عن صمتها والإعراب عن امتعاضها من ردود الأفعال المبالغ بها والتفسيرات الخاطئة التي أُوِّل بها العمل.
محاولة للتصحيح
في حوار أجرته غرافي مع مجلة “فارايتي” (Variety) أكدت أنها ووجهت بردود أفعال عنيفة إثر اختيارها الممثلة السمراء أديل جيمس لتجسيد شخصية كليوباترا في عملها القادم، جاء أغلبها من المصريين رغم أنهم أنفسهم أفارقة، حتى إن أحد المحامين المصريين رفع دعوى قضائية ضد نتفليكس لعدم اختيار ممثل ذي بشرة فاتحة للدور، مُطالبا بحظر المنصة من البث في البلاد، وفق تعبيرها.
واتُّهمت بسرقة التاريخ وتزييفه وعمل “بلاك وشينغ” (Blackwashing)، وهو مصطلح مناقض لعملية “التبييض” (Whitewashing) المعتادة في هوليود حيث يقوم صانعو السينما والدراما بمنح الممثلين البيض أدوارا غير بيضاء لخدمة مصالحهم أو تمييزهم.
ردا على تلك الاتهامات، صرحت غرافي بأن ما يحدث في السنوات الأخيرة هو محاولة جادة حثيثة تعتمد على بذل كثير من الجهود من العاملين بالصناعة في سبيل تصحيح مسار عمليات “التبييض” ومنح الأجيال الحالية والقادمة صورة مغايرة وأكثر تنوعا وربما مصداقية أو حتى خيالا، والأهم حثّهم على إجراء محادثة مع أنفسهم عن التفوق والانتصار للبيض داخلهم الذي قامت هوليود بتلقينه لهم على مدى سنوات، حسب تصريحاتها.
لم كل هذه الضجة؟
“نحن بحاجة إلى تحرير خيالنا، لقد أعدنا تخيل العالم منذ أكثر من ألفي عام حيث كانت هناك امرأة استثنائية تحكم..”.
هكذا صرحت غرافي، قبل أن تتساءل مستنكرة: “كيف لم يُثر الغضب نفسه اختيار الممثلة إليزابيث تايلور لتمثيل دور كليوباترا بفيلم (Cleopatra) الذي صدر عام 1963 وحاز 4 جوائز أوسكار من أصل 13 ترشيحا، إذ إنه اختيار غير دقيق جملة وتفصيلا؟!”.
وعلقت المخرجة بأن نَسَب كليوباترا طالما كان عُرضة للأقاويل المتناقضة على مدار التاريخ؛ فهناك من نَسَبَها إلى الإغريق بينما نسبها آخرون إلى المقدونيين وغيرهم إلى الفُرس.
لكن الأكثر صوابا -وفقا لتصريحاتها- أن كليوباترا كانت على بعد 8 أجيال من أسلاف البطالمة، وأن أسرتها اليونانية المقدونية تزاوجت مع السلالة السلوقية في غرب آسيا وظلت في مصر طوال 300 عام، وذلك يعني أنها مصرية على تنوع أصولها وأن فرصة أن تكون بيضاء البشرة تماما أمرا غير مُرجّح.
أما عن اختيارها تمثيل كليوباترا كامرأة سمراء، فقالت “رغم أن ذلك أيضا ليس أمرا مؤكدا تاريخيا، فلم يكن إلا محاولة منها لتصحيح الأمور ورواية حكاية كليوباترا باعتبارها ملكة مصرية تمتعت بالذكاء والقوة والجانب الإنساني، بعيدا عن تصويرها المعتاد كامرأة ذات أنوثة طاغية وشهوة جنسية عالية أو مدمنة مخدرات”.
كليوباترا والجيش الإسرائيلي
يُذكر أن اختيار النجمة أديل جيمس لتمثيل الملكة كليوباترا لم يكن وحده المثير للجدل تاريخيا أو غضب الجمهور العربي، فالأمر نفسه حدث جراء الإعلان عن فيلم يجري تحضيره حاليا، يتناول حياة كليوباترا أيضا، تقرر إسناد بطولته إلى الممثلة غال غادوت بطلة سلسلة “ووندر وومن” (Wonder Woman) كونها “يهودية صهيونية” وملكة جمال إسرائيل السابقة بل سبق أن خدمت في الجيش الإسرائيلي عامين.
وتعقيبا على ذلك، صرحت بيتس بريان باحثة الأنثروبولوجيا وعالمة المصريات الأميركية، في حوار أجرته مع مجلة “نيوزويك” (Newsweek)، بأن أصل الملكة كليوباترا يخضع لنظريات مختلفة، من بينها أن والدتها من عشيرة كهنة ممفيس وذلك يعني أنها بنسبة 50% يمكن لها أن تكون مصرية الأصل بجانب جذورها المقدونية.
أما عالمة المصريات الدكتورة سالي آن آشتون فأكدت أن كليوباترا حكمت مصر قبل مدة طويلة من الاستيطان العربي في شمال أفريقيا، وإذا كان جانب الأم من أسرتها من نساء الشعوب الأصلية فهذا يعني أنهن أفريقيات، وهو ما ينبغي أن ينعكس في أي تمثيلات معاصرة لكليوباترا على الشاشة.