د. سليم بريك : “لا يوجد خلاف حقيقي بين نتنياهو وغالانت والسبب الحقيقي لتغييره هو مسألة تجنيد الحريديم”
الدكتور سليم بريك لـ”الصنارة”: لا يوجد خلاف حقيقي بين نتنياهو وغالانت والسبب الحقيقي لتغييره هو مسألة تجنيد الحريديم
زياد شليوط
انشغلت وسائل الاعلام والأوساط السياسية الاسرائيلية، الأسبوع الماضي، بتطورات تعيين رئيس حزب “اليمين الوطني”، غدعون ساعر وزيرا للأمن بديلا للوزير الحالي يوآف غالانت، بناء على رغبة رئيس الحكومة، نتنياهو اثر الخلافات المتجددة بينه وبين غالانت.
واعتبرت أوساط في البيت الأبيض في واشنطن، بأن إقالة وزير الأمن الإسرائيلي، غالانت ستكون “قرارا جنونيا” من قبل نتنياهو. كذلك اعتبر رئيس حزب “معسكر الدولة” المعارض، بيني غانتس أن اعتزام نتنياهو إقالة غالانت يعبر عن “انفصام بالشخصية”. ورأى محللون سياسيون أن “هذه الخطوة قد تكون بمثابة استجابة لضغط سياسي بدلا من معالجة القضايا الأمنية”.
وفي خضم الترتيبات لتنفيذ التعديل الوزاري، جاء “تفجير آلات الاتصال” لنشيطي حزب الله في لبنان يوم الثلاثاء الماضي، لتسدل الستار مؤقتا عن تلك الخطوة، والانشغال بالتفجيرات وانعكاساتها على الوضع العسكري والسياسي في المنطقة، وخاصة الخطر باندلاع حرب مفتوحة على الحدود الشمالية.
وما يؤكد أن تعيين ساعر ما هي إلا مسألة وقت، ما كشف من أن نتنياهو أطلع ساعر على التطورات الأمنية في لبنان، على الرغم من أن ساعر لا يحمل أي صفة رسمية حتى الان.
للوقوف على تطورات تعيين ساعر وزيرا للأمن وانعكاسات ذلك على الحلبة السياسية الاسرائيلية، التقت صحيفة “الصنارة” مع المحلل السياسي في الشؤون الاسرائيلية، الدكتور سليم بريك.
الصنارة: ماذا ستكون الانعكاسات السياسية على خارطة الأحزاب الاسرائيلية، في حال تعيين ساعر وزيرا للأمن بدلا من غالانت؟
د. بريك: أولا لن تجري انتخابات برلمانية حتى انتهاء مدة ولاية الحكومة الحالية أي بعد عامين ونصف، وثانيا فان غدعون ساعر سيعود إلى صفوف الليكود ويحفظ له ولزميله الكين، مقاعد في قائمة الليكود. لكن السؤال ماذا سيحدث بعد انتخابات الكنيست القادمة؟ باعتقادي أن ساعر لن يكون لاعبا في المشهد السياسي، وهذا قد يؤدي الى تقوية الليكود ومكانة نتنياهو في الانتخابات القادمة، وسنعود الى نفس السيناريو الذي شهدناه في العام 2022.
الصنارة: اذن كيف تفسر هذا التقارب الفجائي بين ساعر ونتنياهو والتفاهم بينهما، بعد انسلاخ ساعر عن الليكود ومهاجمته لنتنياهو مرارا وبقسوة؟
د. بريك: هذه انتهازية كلاسيكية في السياسة، وهناك مقولة بأن السياسة المهنية لا تتعلق بالقيم والأخلاقيات. وأحيانا كي تتقدم في السياسة يجب أن تتخلى عن قيمك ومبادئك والتزاماتك. ساعر هاجم نتنياهو أكثر من مرة وادعى أنه خطر على دولة اسرائيل، وعند اقالة غالانت في المرة الأولى معتبرا اقالة وزير دفاع يحذر من كوارث أمنية هو خيانة للدولة وأمر غير مقبول. والآن ساعر ليس أنه يوافق نتنياهو على إقالة وزير دفاع فحسب، وانما يوافق على الحلول محله، لسبب بسيط ان ساعر لن يستطيع اجتياز نسبة الحسم في الانتخابات القادمة حسب كل الاستطلاعات، كما لم تعد هناك أي امكانية لانضمامه لأي حزب آخر. بينيت لا يريد ساعر إلى جانبه لأنه لن يحرز أصواتا، وليبرمان غير راغب بانضمام ساعر اليه، كذلك لن يكون بامكانه العودة إلى حزب غانتس- أيزنكوت. ولا يبقى أماه سوى أن ينتحر سياسيا أو يبيع نفسه لليكود، وهذا ما قرره.
بالنسبة لنتنياهو فانه يرغب التخلص من غالانت، لأن الحريديم يرغبون بتمرير قانون التجنيد وساعر على استعداد لأن يمرر هذا القانون، الى جانب أنه يميني مثل الصهيونية الدينية، فلا مشكلة حقيقية بانضمامه لهذه التركيبة.
الصنارة: صرحت الاعلامية غئولا ايفن، زوجة ساعر، ردا على أقوال المعارضين لتعيين زوجها بحجة عدم امتلاكه خبرة عسكرية، بأنه مع المجربين وصلت اسرائيل إلى السابع من أكتوبر. فهل التجربة المهنية والخبرة العسكرية صحيحة في كل الحالات؟
د. بريك: ليس شرطا أن يكون وزير الدفاع رجل أمن. لكن المتعارف عليه أنه لا يتم تغيير وزير دفاع في حالة حرب، واسرائيل موجودة في حرب في غزة ولبنان، ولهذا خطأ تغيير وزير دفاع اليوم، خاصة وأنه لا يوجد خلاف حقيقي بين نتنياهو وغالانت، والسبب الحقيقي لتغييره هو مسألة تجنيد الحريديم. ومن ناحية أخرى، صحيح أنه وجد في الماضي وزير دفاع دون خلفية عسكرية وهو موشيه آرنس، لكن آرنس كان بروفسورا مقربا من المؤسسات العسكرية، وكان لفترة طويلة رئيس لجنة الأمن والخارجية البرلمانية، إلى جانب ذلك، فالظروف التي وجدت آنذاك تختلف عن الظروف الحالية. واذا أخذنا بكلام غئولا ايفن فان نتنياهو يجب أن يكون أول المقالين من مناصبهم لأنه المسؤول الأول عن الحالة التي وصلت إليها البلاد.
الصنارة: إلى أي مدى تؤثر سارة على نتنياهو في اتخاذ القرارات/ التعيينات داخل الحكومة، وما هي انعكاسات ذلك على عمل الحكومة؟
د. بريك: هناك باحث صديق وهو ايلان بن عامي، أجرى بحثا عن نساء رؤساء الحكومة وتوصل إلى نتيجة واضحة، بأن أكثر امرأة مؤثرة هي سارة نتنياهو، التي فرضت على زوجها اتفاقا يحظر عليه بموجبه من اجراء تعيينات دون موافقتها، وليمور لفنات في كتاب جديد لها تكشف كيف كانت تلتقي نتنياهو سرا خشية معرفة سارة بذلك، كما أفاد قادة أمنيون أنهم عندما حضروا لاجراء مقابلات معهم قبل تعيينهم، وجدوا سارة هناك وأنها كانت تتدخل وتوجه إليهم أسئلة. أضف إلى ذلك ما سمعناه من سارة في حديثها مع عائلات المخطوفين وتوجيه اتهامات للجيش، واذا أضفنا ما عرضه فيلم “ملفات نتنيهو” بشكل واضح، مدى التأثير الكبير لسارة وابنها يئير على قرارت نتنياهو، يتبين لنا أن عائلة نتنياهو تتصرف كعائلة مالكة وليست عائلة في نظام ديمقراطي.
الصنارة: هل تتوقع أن يتم التعديل الوزاري في ظل التطورات العسكرية والسياسية الأخيرة، متى وكيف؟
د. بريك: في السياسة الاسرائيلية لا يمكنك التوقع بأي شيء. تعيين ساعر جاء في وقت متأخر وتم الاتفاق على كل البنود ولم يتبق سوى التوقيع، وفجأة سمعنا تصريح سارة أنها توافق ثم عادت واتهمت ساعر بالخيانة. وهناك الضغط من الشارع وفي وسائل التواصل الاجتماعي على ساعر للتراجع عن خطوته، في نهاية المطاف قد يخشى نتنياهو و/أو ساعر من تنفيذ الاتفاق ويتم التراجع عنه.
يضاف إلى ذلك الموقف الأمريكي الواضح بالهجوم على نتنياهو، الذي اتهم غالانت بأنه ينسق مع الأمريكان. وهذا صحيح فأمريكا تريد التأثير على الحكومة، والوزير الذي يتجاوب معها هو غالانت لذا نرى معارضة من الولايات المتحدة لإقالته.