الرئيس اللبناني يعلن رسمياً الموافقة على اتفاقية الحدود البحرية مع إسرائيل

0 270

أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون الخميس موافقة بلاده على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، بعد مفاوضات مكثفة قادتها واشنطن، في خطوة أجمع البلدان المتنازعان على وصفها بأنها “تاريخية”، ومن شأنها إزالة العقبات أمام استثمار حقول الغاز في شرق البحر المتوسط.

وقال عون في كلمة وجهها الى اللبنانيين عبر الشاشة “بعد إبلاغي من الرئيس الأميركي جو بايدن موافقة إسرائيل، وبعد إعلان الحكومة الإسرائيلية موافقتها، أعلن موقف لبنان بالموافقة على اعتماد الصيغة النهائية التي أعدها الوسيط الأميركي لترسيم الحدود البحرية الجنوبية” مع إسرائيل.

وتسارعت منذ بداية حزيران/يونيو التطوّرات المرتبطة بالملفّ بعد توقف لأشهر جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها. وبعد لقاءات واتصالات مكوكية بين الطرفين، قدم الوسيط الأميركي آموس هوكستين، الذي تقود بلاده وساطة منذ عامين، عرضه الأخير مطلع الأسبوع الى البلدين اللذين يعدان في حالة حرب.

واعتبر عون أن “من حق لبنان أن يعتبر أن ما تحقق هو إنجاز تاريخي لأننا تمكنا من استعادة مساحة 860 كيلومتراً مربعاً كانت موضع نزاع”، مؤكداً أن “الاتفاقية غير المباشرة تتجاوب مع المطالب اللبنانية وتحفظ حقوقنا كاملة”، من دون تقديم “أي تنازلات جوهرية”.

وجاء إعلان عون بعد يومين من وصف رئيس الحكومة الإسرائيلي يائير لبيد الاتفاق بـ”التاريخي”.

واعتبر لبيد الأربعاء، بعد مصادقة حكومته على الاتفاق، أنه “يبعد إمكان (اندلاع) مواجهات مسلحة مع حزب الله”، العدو اللدود لإسرائيل، الذي كان هدد خلال الأسابيع الأخيرة بتصعيد عسكري، وحذر إسرائيل من الإقدام على أي نشاط في المنطقة المتنازع عليها، قبل التوصل إلى اتفاق.

والثلاثاء، أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الذي هدد مراراً إسرائيل خلال المفاوضات، أن حزبه سيؤيد الاتفاق عندما يعلن عون “الموقف الرسمي اللبناني الموافق والمؤيد للاتفاق”.

وتعليقا على الاتفاق، قال هوكستين في مقابلة مع قناة “أل بي سي” التلفزيونية مساء الخميس “اعتقد أن الاتفاق ليس فقط تاريخياً لناحية ما هو عليه، لكنه أيضاً اتفاق سيعود له الفضل في منع الفوضى والمزيد من الصراع في أنحاء المنطقة”.

واعتبر أن الاتفاق سيوفر “الازدهار الاقتصادي للبنان.. وضمان أمن الحدود الشمالية لإسرائيل، وهو ما يعني عدم نشوب حرب بين إسرائيل ولبنان”.

قانا مقابل كاريش
وبحسب نص الاتفاق الذي اطلعت وكالة فرانس برس على نسخة منه، سيدخل الاتفاق حيز التنفيذ عندما ترسل الولايات المتحدة “إشعاراً يتضمن تأكيداً على موافقة كل من الطرفين على الأحكام المنصوص عليها في الاتفاق”.

ويجدر بكل طرف أن يقدم رسالة تتضمن قائمة بالإحداثيات الجغرافية المتعلقة بترسيم الخط البحري الى الأمم المتحدة، لتحلّ مكان تلك التي أرسلتها الدولتان في العام 2011.

لم يكن التوصل إلى اتفاق بالأمر السهل، إذ إن المفاوضات التي بدأت في العام 2020 تعثرت مرات عدة، قبل أن تتسارع منذ بداية حزيران/يونيو إثر وصول سفينة إنتاج وتخزين على مقربة من حقل كاريش، الذي كان لبنان يعتبر أنه يقع في منطقة متنازع عليها.

وبموجب الاتفاق الجديد، يصبح حقل كاريش بالكامل في الجانب الإسرائيلي، فيما يضمن الاتفاق للبنان حقل قانا الذي يتجاوز خط الترسيم الفاصل بين الطرفين.

وقال عون في هذا السياق “استحصلنا على كامل حقل قانا من دون أي تعويض يدفع من قبلنا على الرغم من عدم وجود كامل الحقل في مياهنا”، باعتبار أن جزءاً منه يقع جنوب خط الترسيم.

وستحصل إسرائيل، وفق الاتفاق “على تعويض من مشغل البلوك 9″، أي الشركات المستثمرة، “لقاء الحقوق العائدة لها من أي مخزونات محتملة في المكمن المحتمل”.

وستشكل الرقعة رقم 9 حيث يقع حقل قانا منطقة رئيسية للتنقيب من قبل شركتي توتال الفرنسية وإيني الإيطالية.

وأعلن رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي الثلاثاء إثر لقائه وفدا من شركة توتال إنه “تم الإتفاق على البدء بمراحل التنقيب فور الإتفاق النهائي”.

“بداية واعدة”
ورغم الاتفاق، يرى خبراء أن لبنان لا يزال بعيداً من استخراج موارد النفط والغاز، الذي قد يحتاج من خمس إلى ست سنوات.

وتعوّل السلطات اللبنانية على وجود ثروات طبيعية من شأنها أن تساعد البلاد على تخطي التداعيات الكارثية للانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد منذ ثلاث سنوات، وصنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850. وقد بات أكثر من 80 في المئة من اللبنانيين تحت خط الفقر، وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة أمام الدولار.

وأمل عون في كلمته الخميس أن “تكون نهاية هذه المفاوضات بداية واعدة تضع الحجر الأساس لنهوض اقتصادي يحتاجه لبنان من خلال استكمال التنقيب عن النفط والغاز، ما يحقق استقراراً وأماناً وإنماء يحتاج إليها وطننا لبنان”.

ويشترط المجتمع الدولي على لبنان إجراء إصلاحات جذرية مقابل دعمه مالياً.

وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا الخميس مخاطبة السياسيين اللبنانيين “لا يسعنا أن نفعل شيئا ما لم تجرَ الإصلاحات”، مؤكدة أنّه “لا يمكن إيجاد حل إلا إذا وضع اللاعبون السياسيون انقساماتهم جانبا ووضعوا أنفسهم في خدمة الشعب اللبناني الذي لا يستحق أقل من ذلك”.

ولم يتأمن الخميس النصاب القانوني في البرلمان لانتخاب رئيس جديد خلفاً لعون الذي تنتهي ولايته في نهاية الشهر الحالي. وحالت الانقسامات السياسية منذ الانتخابات النيابية في أيار/مايو دون تشكيل حكومة جديدة.

وتلتقي وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا التي وصلت مساء الخميس الى بيروت ابرز المسؤولين. وقال بيان عن الخارجية الفرنسية إنها ستشدد على ضرورة أن “يقوم لبنان بالإصلاحات الاقتصادية والمالية” التي تعدّ “ضرورية جداً في السياق الذي تشهده البلاد والذي يثير الكثير من القلق”.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا