ارتفاع مقلق في نسب إصابة النساء العربيات بمرض الانسداد الرئوي المزمن
قبل نحو عقدين تقريبا، كان مرض الانسداد الرئوي الحاد، حكرا على الرجال ونسبته قليلة بين النساء العربيات. وفي السنوات الأخيرة يحذّر الأطباء والمختصين من تأثير ارتفاع نسبة تدخين التبغ والنرجيلة لدى شريحة النساء، وتحديدا ارتفاع نسب الإصابة بمرض لانسداد الرئوي المزمن.
حول هذا الموضوع تحدثنا مع د. ريم أبو حامد- سلامة، أخصائية الامراض الباطنية وأمراض الجهاز التنفسي في مستشفى سوروكا وصناديق المرضى.
ما هو مرض الانسداد الرئوي؟
الانسداد الرئوي (COPD) هو التهاب رئوي مزمن يتسبب في انسداد الشعب الهوائية وإعاقة تدفق الهواء الخارج من الرئتين بحيث يؤدي الى قصور في وظائف الرئه بشكل متفاقم تدريجيا.
COPD هو عمليا اسم شمولي لمجموعة امراض اشهرها الإنتفاخ الرئوي ( (EMPHYSEMAوالتهاب القصبات الهوائية المزمن ((CHRONIC BRONCHITIS ، عادة ما تحدث الحالتان معاً ويمكن أن تختلفا في شدتهما بين الأفراد المصابين.
التهاب القصبات المزمن: هو التهاب في بطانة أنابيب الشعب الهوائية التي تحمل الهواء من الأكياس الهوائية (الحويصلات الهوائية) بالرئتين وإليها. ويتميز هذا المرض بالسعال اليومي وتكوُّن البلغم.
اما الانتفاخ الرئوي فهو حالة مرضية تتعرض فيها الحويصلات الهوائية الموجودة في نهاية أصغر الممرات الهوائية (القصيبات) في الرئتين للتدمير وبالتالي يسبب ضرر في تبادل الغازات المهمه في الجسم.
جدير بالذكر ان الرئتين تعملان بشكل أساسي على تبادل الغازات، يدخل الهواء الى الرئتين من خلال القصبة الهوائية التي تنقسم بدورها الى مسالك هوائية اصغر تسمى القصبات او الشعب الهوائية وتلك تنقسم الى قصيبات اصغر والتي تنتهي بملايين الاكياس الهوائيه الدقيقه التي تسمى الاسناخ(ALVEOLI) وهي المحطه الاخيرة في الجهاز التنفسي التي يصل اليها الاوكسجين. تحاط الاكياس الهوائية بكميه كبيرة من الشعيرات الدموية وهناك تتم عملية تبادل الاوكسجين مع ثاني أوكسيد الكربون الذي استخرجه جسمنا من عمليات الايض ويتوجب علينا التخلص منه.
تعتمد الرئتين على المرونة الطبيعية لأنابيب الشعب الهوائية والحويصلات الهوائية لإخراج الهواء بحيث يتسبب داء الانسداد الرئوي المزمن في فقدانها لهذه المرونة.
ما هي أسباب مرض الانسداد الرئوي ومدى انتشاره بين شريحة النساء؟
السبب الأساسي لهذا المرض هو التدخين حيث يتسبب التدخين بـ ٨٥٪ من حالات الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن. بينما تنتج نحو ١٥٪ من الحالات عن طريق التعرّض المهني (مثلا، الدخان المنبعث من المصانع والمركبات).
في حالات قليله جدا ممكن ان ينتج المرض عن خلفية وراثية وعادة ما يظهر المرض في جيل مبكر، فاذا كانوا مدخنين يصبح احتمال اصابتهم بالمرض أكبر بكثير.
حسب الاحصائيات الاخيره لعام ٢٠٢٣ التي صدرت عن وزارة الصحه الاسرائيليه فإن نسبة التدخين في إسرائيل هي ٢٠٪ تقريبا. وتنتشر أكثر لدى شريحة من هم فوق ال ٢١ عاما. تصل النسبة بين شريحة الذكور الى ٢٥.٦٪ مقابل ١٤.٨٪ بين النساء.
نسبة التدخين عند العرب هي مرتين اكثر من اليهود سواء كان ذلك عند النساء او الرجال علما بان التدخين في إسرائيل هو اعلى من معدل التدخين بين ٣٦ دولة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لحماية البيئة (OECD) وتُدرج إسرائيل بالمكان السابع بين ٣٦ دوله اوروبية. قبل عقدين كان مرض الانسداد الرئوي المزمن حكرا على الرجال ونسبة قليلة في أواسط النساء عامة والنساء العربيات خاصة لكن نلاحظ في السنوات الاخيرة تزايد في نسب التدخين بين النساء بأنواعه العديدة التبغ، النرجيلة والسجائر الالكترونية مما أدى الى ارتفاع نسبة مرض الانسداد الرئوي وبالتالي تأثيرها العام على صحة المراة.تتجه الاصابه بمرض COPD حول العالم نحو الازدياد بحيث يعتبر المسبب الثالث للوفيات حول العالم.
المصابون الاساسيون بالمرض هم أبناء 55 عاما وما فوق ويعتبر أكثر انتشارا بنسبه قليله بين الرجال وأكثر تسببا بالوفيات لدى الرجال من النساء ولكن من الجدير التنويه ان التدخين ونتائجه المرضية في تزايد مستمر بين النساء في السنوات الاخيرة.
كما وأريد تسليط الضوء على تأثير التدخين على صحة المرأة، وعند ابتلائها بمرض الانسداد الرئوي فان هذا يزيد من احتمال سرطان الرئتين وامراض القلب وهشاشة العظام وكوني لا اعتبر المرأة نصف المجتمع بل اعتبرها المجتمع كله فان مرضها وضعفها يؤدي الى ضعف المجتمع بأكمله لذلك اناشد كل ام وكل امرأه الى اتباع الأساليب المتوفرة والتوجه الى تلقي العلاج المطلوب للإقلاع عن التدخين بشكل نهائي وبدء العلاجات الضرورية لتأهيل الرئتين وترميمها.
ما هي أعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن؟
أعراض الانسداد الرئوي المزمن تتمثل في :
- ضيق بالتنفس ,التعب والوهن عند القيام بالفعاليات اليومية او عندممارسة الرياضة ويشمل ضيق مستمر ونوبات من الضيق الشديد الذي يحتاج زياده في العلاج مع الحاجه أحيانا للتوجه الى الطوارئ او النوم في المستشفى
- السعال المزمن والذي يرافقه عادة البلغم
- خرخره في الصدر او الازيز ( الصفير)
- مرض الانسداد الرئوي لا يقتصر على الرئتين وله تأثير على المدى البعيد بحيث يؤدي الى ضعف في عضلة القلب بسبب النقص المستمر في الاوكسجين ويزيد من احتمال سرطان الرئه والموت.
كيف يتم تشخيص المرض وما هي طرق العلاج؟
عند ظهور الاعراض السابقة يجب التوجه الى الطبيب واجراء فحص وظائف الرئتين وفحوصات جسديه ومخبريه مختلفة.
فحص وظائف الرئتين وهو الزامي لتشخيص المرض، خلال هذا الفحص، يقوم الخاضع للفحص بنفث الهواء داخل أنبوب (مقياس تنفس)، والذي يتم بواسطته قياس مختلف عوامل التنفس.
من المهم البدء بالعلاج فور تشخيص المرض.
المرحله الأولى والاهم في علاج الانسداد الرئوي المزمن هي الإقلاع عن التدخين او الابتعاد عن المسبب الرئيسي للمرض مثل استنشاق المواد الملوثه والسامه كما ذكرت والتي قد تكون مرتبطه بمكان السكن وطبيعة العمل وغيرها.
ليس خفيا ان الإقلاع عن التدخين ليس سهلا ويتطلب علاجا متعدد المجالات يشمل الادويه، ورشات لتعزيز إرادة المدخن وغيرها من الاختصاصات الطبيه والمشجع ان هذا العلاجات مشموله ومموله من قبل صناديق المرضى وهي متاحه جدا لمن يقرر التخلص من التدخين.
المرحلة الثانية بعد الإقلاع عن التدخين هو علاج ما سببه التدخين من أضرار على مر السنين مثل انقباض الشعب الهوائية وتضرر مرونتها حيث يمكن الاستعانة بالادويه والمواد التي تساعد على توسيع الشعب الهوائية، عن طريق استخدام المرشات قصيرة الامد وطويلة الأمد والجدير بالذكر ان معظمها تساعد في تثبيت المرض وتحسين شعور المريض لكن درجة تحسين وظائف الرئه هي قليله جدا حسب معظم البحوثات الطبيه في السنوات الاخيره.
في الحالات الشديدة، هنالك حاجة لعلاج لإعادة تأهيل الرئتين. يتضمن العلاج النشاط البدني المحدود تحت إشراف طبي وكذلك تلقي إرشادات في مجال التغذية.
في الحالات المتقدمه هناك حاجه للتعزيز بالاوكسجين المنزلي وأجهزة التنفس وقد يحتاج علاجات جراحيه مثل تقليص حجم الرئة وزراعة الرئة
صحيح أن جراحة تقليص حجم الرئة تحسّن حالة قسم من المرضى، لكنها ليست واسعة الانتشار لأنها منوطة بالكثير من المضاعفات: نسبة مرتفعة من الإصابة بالأمراض والوفيات.
للأسف، فإن عملية زرع الرئة ليست إمكانية بالنسبة لغالبية المرضى، وذلك في أعقاب النقص الشديد بالمتبرعين ونظرا لكون الكثير من متلقي العلاج أكبر سنّا من أن يكونوا مرشحين لمثل هذا الزرع إضافة الى مضاعفات شديده على المدى القصير والطويل والحاجة الى علاجات ثقيله لتثبيط جهاز المناعه.
وفي النهاية انوه بان مرض الانسداد الرئوي غير قابل للعلاج بشكل تام، تهدف جميع العلاجات المتوفره والتي تجمع بين نمط حياه، التوقف عن التدخين وعلاجات طبية مثل البخاخات أو المستنشقات بمتنوعها الى تحسين قدرة المريض على التنفس والحركه والتقليل من الهبات الحادة قدر المستطاع عادة ما يتعلم المرضى التعايش مع هذا المرض على المستوى اليومي.