“هيل بوي: الرجل الملتوي” محاولة غير ناجحة لإنقاذ البطل المظلوم
ربما لا تحظى شخصية “هيل بوي” كبطل خارق بشعبية سوبرمان وباتمان أو آيرون مان وثور، كما أن لها تاريخا قصيرا نسبيا مقارنة بهذه الشخصيات، وقد ظهرت لأول مرة في النصف الأول من تسعينيات القرن الـ20، لكنها أثبتت نفسها في عالم القصص المصورة، ثم بفيلمين في العقد الأول من الألفية الجديدة من إخراج المكسيكي الحائز على الجوائز غييرمو ديل تورو.
وقد عانت الشخصية بعد انتهاء مساهمة ديل تورو من التراجع السينمائي الشديد، فقد ظلت 11 عاما دون ظهور حتى عام 2019 عند طرح فيلم “هيل بوي” (HellBoy) الذي لاقى انتقادات بالإضافة إلى الإخفاق التجاري، وتعود الشخصية مرة أخرى إلى الشاشة هذا العام بفيلم “هيل بوي: الرجل الملتوي” (Hellboy: The Crooked Man) الذي يُعرض الآن حول العالم في دور العرض السينمائية بالتزامن مع عرض رقمي في الولايات المتحدة.
رعب غير مرعب
“هيل بوي: الرجل الملتوي” من إخراج برايان تايلور، وبطولة جاك كيسي في دور هيل بوي، ويتجاوز العمل عن تقديم ماضي وأصول الشخصية، بل يقفز مباشرة للخمسينيات من القرن الماضي، وهيل بوي يعمل في منظمة حكومية، ويُشرف على نقل عنكبوت قاتل عملاق مع زميلته ذات الأصول الآسيوية بوبي.
ويفترض صناع الفيلم معرفة المشاهدين جميعا بماضي هيل بوي عبر متابعة القصص المصورة أو مشاهدة الأفلام السابقة، وأغفلوا إيضاح طبيعته نصف الإنسانية ونصف الشيطانية، وظهوره لأول مرة خلال الحرب العالمية الثانية، وهي التفاصيل التي ربما لم يدرِ بها مشاهد يتعرف على الشخصية لأول مرة في هذا الفيلم.
وينقسم أعداء هيل بوي سواء في القصص المصورة أو الأفلام بين النازيين وأتباعهم من بعدهم من ناحية، والكائنات الخارقة من جهة أخرى، بينما تتمحور القصة في كل مرة حول محاولة الجانب الشرير استقطاب النصف الشيطاني من هيل بوي بهدف التعاون معهم لإنهاء الحياة على الأرض وإيذاء البشر، فتقع الشخصية تحت ضغط الاختيار بين جانبيها الإنساني والشيطاني.
ولا يختلف فيلم “هيل بوي: الرجل الملتوي” كثيرا في هذه الناحية عن سابقيه، فهو يبدأ بمهمة نقل العنكبوت، ثم بعد هرب الأخير ينتقل إلى مهمة أخرى بشكل عشوائي تماما، وهي البحث عن ساحرة شريرة تُدعى إيفي تسكن الغابات، وعن الكائن الشرير الذي يسيطر على سكان المنطقة، ويهدد حياتهم الآمنة والمسمى “الرجل الملتوي”.
ويدمج فيلم “هيل بوي: الرجل الملتوي” بين نوعي الأبطال الخارقين والرعب، ويركز على الأخير بصورة واضحة، فالصراع الحقيقي بين البشري توم فيريل والرجل الملتوي الذي يحاول الاستحواذ على روحه، بينما يعاونه هيل بوي على درء شر الأخير، وفي خضم هذه الرحلة يقابلون ظواهر مرعبة مختلفة، مثل الساحرة الطائرة إيفي التي تحول والد توم إلى حصان، والساحرة كورا التي تخرج من جسدها إلى هيئة حيوانية ثم تعود له، والموتى الخارجين من القبور، في حين يحاول رجل الدين حماية هيل بوي وأصدقائه من شرهم في فوضى شديدة تدل على محاولة صناع الفيلم لحشد كل سمات أفلام الرعب في عمل لا يتعدى زمنه الساعة ونصف.
وبينما لم يختر هيل بوي هذه المعركة، بل تم توريطه فيها حرفيا نتيجة لفضول زميلته بوي تجاه عالم السحرة والساحرات، فإن الصراع مع الرجل الملتوي يقوده لمعلومات عن ماضيه الغامض، ووالدته التي لم يقابلها يوما، وهي إحدى ضحايا الشرير، ليصبح عليه كالمعتاد اختيار الجانب الذي يقف معه، هل جانب البشر أم الأشرار الذي ينتمي نصفه على الأقل لهم؟
فقر في الإبداع
فيلم “هيل بوي الرجل الملتوي” ذو ميزانية ضئيلة، خصوصا بين أفلام الأبطال الخارقين، فقد تكلف 20 مليون دولار فقط، ولهذا تأثيراته السلبية على العمل بالتأكيد، خصوصا في جانب المؤثرات البصرية التي ظهرت بشكل شديد التواضع، غير أن الميزانية ليست المبرر الوحيد لهذه التجربة السينمائية المخفقة، لأن كثيرا من أفلام رعب استطاعت الإبداع في حدود ميزانيتها الضئيلة منها “مكان هادئ” (A Quiet Place) و”لا تتحدث بشر” (Speak No Evil).
تتحرك شخصيات الفيلم دون دوافع منطقية، فتركوا مهمتهم الأساسية دون سبب حقيقي مفهوم، وانخرطوا في حرب مع الرجل الملتوي بناء على قصة من توم الرجل الذي قابلوه بمحض صدفة.
وقد تضررت شخصية هيل بوي عندما افتقدت أهم سماتها وهي المزج بين قوة الشخصية والحساسية والطفولية وخفة الظل، هيل بوي هنا هو شخص مغلوب على أمره، بداية تزج به بوبي في المغامرة رغما عن أنفه، ثم يتلاعب به الرجل الملتوي مثل قطعة شطرنج صغيرة، في حين غاب حسه الساخر بلا رجعة، وتتمثل أهمية هذا الحس بأنه الأداة التي يواجه بها إحساسه بالاغتراب عن محيطه، سواء لمظهره بلونه الأحمر وجسمه العملاق وقرونه، أو لماضيه الغامض.