(ممول) – 6 معتقدات خاطئة عن مرض السكّري يجب التخلّص منها
على الرغم من أن الكثيرين من مرضى السكّري يعيشون في البلاد، هناك الكثير من المعتقدات الخاطئة التي قد تحيّرنا بالنسبة لمسبّبات المرض وطرق علاجه. إليكم بعض المعتقدات المغلوطة عن واحد من أكثر الأمراض الشائعة في العالم (والمعلومات الصحيحة التي قد تحتاجونها).
السكّري هو مرض شائع جدًّا، والأشخاص الذين يعانون منه يواجهون واقعًا معقّدًا ومركّبًا يشمل الكثير من العلاجات والمضاعفات والفحوصات المتكرّرة. أهم هورمون لضبط وتنظيم قيم السكّر في الجسم هو الإنسولين، علمًا أنه ليس الوحيد. يتمّ افراز الإنسولين من خلايا بيتا في البنكرياس وصولًا إلى الدورة الدّموية، عندما ترتفع مستويات السكّر في الجسم. ولاحقًا يرتبط بمستقبلات موجودة على سطح الخلايا في أعضاء الجسم المختلفة، وهكذا تنتج عملية خفض مستويات السكّر في الدم.
السكّري هو أيضًا مرض معقّد- له عدّة مسبّبات ويؤثّر على مختلف الأشخاص بطرق مختلفة. وعلى ضوء كلّ هذه الأمور، من غير المفاجئ أن تنشأ على مدار السنين معتقدات خاطئة وغير دقيقة عن المرض، أو مغلوطة وقد تسبّب البلبلة والحيرة والخوف لدى مرضى السكّري.
طلبنا من الدكتور يوئيل طوليدانو، المدير القطري لمجال السكّري وعلم الغدد الصمّاء في صندوق المرضى “مئوحيدت”، أن يتحدّث عن 6 من هذه المعتقدات الخاطئة:
“السكّري من نوع 2 هو نتيجة الوزن الزائد فقط”
هذه المعلومة غير دقيقة. صحيح أن السكّري من نوع 2 له علاقة بالسّمنة، ولكن السّمنة هي ليست السبب الوحيد. ويشرح د. طوليدانو: “السكّري هو مرض قد يكون له عدة عوامل خطر، مثل الخلفية العائلية، السمنة/ الوزن الزائد، نمط الحياة الغربي الذي يتميّز بالتغذية غير الصحيّة وكثيرة السعرات والسكّر، وأيضًا النشاطات التي ترتكز على الجلوس، مثل ثقافة الترفيه وقضاء الوقت التي ترتكز على مشاهدة الشاشات، وبالتالي نكون غير فعّالين بما فيه الكفاية”.
ويضيف د. طوليدانو: “من المدهش أن هناك أيضًا تأثيرًا لانكشافنا على بيئة غير صحيّة منذ وجودنا في رحم الأم. بحسب عدد من الأبحاث، إذا كانت الام تعاني من وزن زائد وسكّري خلال الحمل، يزداد خطر إصابة الجنين بهما أيضًا”. كذلك فإن العمر أيضًا قد يعتبر واحدًا من عوامل الخطر، إذ أن مقاومة الانسولين تزداد عند كل شخص مع التقدّم بالعمر، وعندها ترتفع نسبة تطوّر السكّري.
وبالرغم من وجود عدة عوامل تؤثّر على السكّري، من الجدير بالذكر أن الوزن الزائد أو السمنة المفرطة تعتبر عوامل خطر كبيرة. ويوضّح د. طوليدانو: “وباء السمنة يرتبط بوباء السكّري. في المؤتمرات الأخيرة حول العالم عن موضوع السكّري تم التركيز على منع ومعالجة السمنة. علاج هذه المشكلة قد يحسّن جدًا من توازن السكّر وحتى إنه قد يمنع تطوّر المرض. بالفعل، نحن نعرف من بعض الأبحاث أنه في الحالات التي تم تشخيص مريض بالسكّري، وخسر هذا المريض 10% من وزنه، قد تتراجع لديه أيضًا حالة المرض”.
“يمكن تشخيص السكّري من نوع 1 في جيل الطفولة فقط”
غير صحيح بتاتًا. يوضّح د. طوليدانو: “في السابق أطلقوا على هذا المرض اسم “سكّري الأطفال”، إلا انه عندما أدركوا أنه لا توجد علاقة واضحة ما بين العمر الذي يظهر به المرض وبين تطوّره، سمّوا المرض بـ “سكّري من نوع 1”.
ينتج السكّري من نوع 1 عن عملية مناعية ذاتية. يقوم الجهاز المناعي بمهاجمة خلايا البنكرياس التي تفرز الإنسولين. وبموازاة ذلك، تم تغيير اسم “سكّري البالغين” لـ “سكّري من نوع 2″. منذ أن قمنا بالبحث عن أجسام مضادّة في الدم ضدّ خلايا بيتا في البنكرياس، اكتشفنا أمرًا مفاجئًا. العديد من مرضى السكّري البالغين، والذين تمّ تشخيصهم كمرضى سكّري من نوع 2، يعانون من عملية مناعية ذاتية مع نسبة عالية من الأجسام المضادّة في الدم، أي أن التشخيص المناسب لهم هو سكّري من نوع 1. عمليًا، تحديد نوع مرض السكّري تغيّر مع مرور السنين إذ أصبحت لدينا أدوات جديدة للفحص. من الممكن أن يزورنا شخص عمره 70 عامًا وقد نشكّ بأن تشخيصه غير ملائم لسكّري من نوع 2، وعندها نجري فحص الأجسام المضادة في الدم، ونكتشف بأنه يعاني من سكّري من نوع 1 تطوّر لديه في عمر متقدّم. عمليًا، قد يكون هناك خلل وتشويش في عمل الجهاز المناعي في كل مرحلة من مراحل الحياة وقد تنتج عن ذلك عملية مناعية ذاتية”.
“مَن يُعالَج بالإنسولين، يجب أن يداوم عليه مدى الحياة”
هذا أيضًا غير دقيق. يحتاج الأشخاص الذين يعانون من سكّري نوع 1 لتلقّي الإنسولين دائمًا، بسبب نوعية مرضهم، لكن لدى الأشخاص الذين يعانون من سكّري نوع 2 فإن الوضع مركّب أكثر. ويشرح د. طوليدانو: “بالنسبة للأشخاص مع سكّري من نوع 2، فقد تغيّر العلاج في العقد الأخير، إذ أنه قد تمّ ادخال حقن GLP1 التي تحسّن من مستويات السكّر وتقلّل الوزن. نحن اليوم نبقي العلاج بالإنسولين لمرحلة متقدّمة أكثر حيث وسائل العلاج الأخرى لا تضبط مستويات السكر لدى المريض. ولكن من المهم أن نعرف أنّ هناك مجموعة كبيرة من مرضى السكّري الجدد، وهم يشكّلون حوالي 20% من إجمالي المرضى، وتوازن السكّري لديهم سيّء جدًا، وعليهم أن يتلقّوا الإنسولين منذ اللحظة الأولى”.
ومع ذلك، بعد مرور عدّة أسابيع أو أشهر على البدء بتلقّي الانسولين، قد تتعافى خلايا بيتا في البنكرياس وعندها من الممكن الانتقال إلى علاج آخر. ويوضح د. طوليدانو: “يتخلّل مرض السكّري عمليّة هدم متقدّمة لخلايا بيتا. بالإضافة، عندما تكون مستويات السكّر في الدم مرتفعة جدًا، تتوقّف خلايا بيتا في البنكرياس التي لم تهدم عن إفراز الانسولين. أي أن هذه الخلايا لا تموت وإنّما تتوقّف عن العمل مؤقتًا. وفي اللحظة التي تتحسّن بها مستويات السكّر في الدم، مثلًا بفضل العلاج بالإنسولين، هناك احتمال لتعافي الخلايا وإفراز الانسولين من جديد”.
“للإنسولين بالضّرورة آثار جانبية صعبة”
يقول د. طوليدانو إنه يصادف في بعض الأحيان مرضى لا يحبّذون الانسولين لأنهم يعرفون أشخاصًا قد ساءت حالتهم بعد تلقّي العلاج. ويوضح د. طوليدانو: “عمليًا، ما لا يدركه هؤلاء الأشخاص هو أن حالة المرضى قد تدهورت بسبب السكّري غير المتوازن ومضاعفات المرض، وليس بسبب العلاج بالإنسولين. على العكس، العلاج بالإنسولين يساعد على خفض قيم السكّر في الدم وتقليل مخاطر مضاعفات المرض”. ويضيف: “يعتقد الكثيرون أن بداية العلاج بالإنسولين هي “نهايتهم” وقدرهم، إلا أنه من المهم الادراك أن هذا العلاج يساعد على تحسين الشعور العام والمزاج، وهنالك إمكانيّة لتقليل الجرعة مستقبلًا أو استبدال الانسولين بعلاج آخر. هرمون الانسولين موجود لدينا جميعًا، ولكن عند مرضى السكّري يكون نشاطه ناقصًا. في الحقيقة، العلاج بالإنسولين يعيد للمتعالج نشاط الهرمون الناقص”.
“من يحتاج إلى الانسولين “يفشل” في موازنة المرض”
يؤكّد د. طوليدانو على أن الأساس لكل علاج، قبل تناول الأدوية، هو الحفاظ على نمط حياة صحّي من ناحية التغذية، النشاط الجسماني المنتظم وخفض الوزن. ويقول: “من المهم أن يحظى كل متعالج بمرافقة من قبل أخصائيّة تغذية، ويحرص على المتابعة مع الممرضة، وأحيانًا يحبّذ تلقّي الدعم العاطفي من عاملة اجتماعية او طبيب نفسي. العلاجات الطبيّة تتغيّر ويتم تحديثها دائمًا، ووفقًا لذلك يجب الحصول على استشارة مهنية بخصوص التغذية الملائمة”.
“السكّري هو مرض وراثي ولا مفرّ منه”
هذا أيضًا غير صحيح. بالرّغم من أن السكّري هو مرض مع مركّب عائلي، ولكنه ليس وراثيًا تمامًا. ويشرح د. طوليدانو: “الأمر لا يتعلّق بحالة وراثية لا يمكن الإفلات منها، وما يجب معرفته هو أنه إذا ارتفعنا بالوزن، والتاريخ المرضي للعائلة يشير إلى السكّري، تزداد خطورة الإصابة بمرض السكّري. إذا نجحنا بالحفاظ على تغذية صحيّة والحرص على نشاط جسماني منتظم، فإن هذه الخطورة تقلّ بشكل كبير”.
ومن الجدير بالذكر أنه بالنسبة للمرأة الحامل التي تعاني من مرض السكّري هنالك خطورة تصل حتى 50% أنه خلال 10-20 سنة بعد الولادة قد تعاني هذه السيدة من السكّري نوع 2. ويقول د. طوليدانو: “الحمل هو شبيه باختبار إجهاد للبنكرياس، إذ أنه يدور الحديث عن مقاومة عالية للإنسولين. ولذلك المرأة التي كانت لديها أعراض سكّري الحمل في السابق عليها الحفاظ على نمط حياة صحّي”.