مصوّر الطبيعة والظواهر الكونية عبيدة جمل لـ “الصنارة”: عشت صراعًا داخليًا بين شغفي نحو عملي وشعوري بالمسؤولية عما يحدث حولي

0 18٬789

في خطوة جريئة ترك عبيدة جمل (33 عامًا) من سكان قرية جت المثلث مهنة التدريس كمعلم رياضة لتحقيق حلم طفولته في تصوير الطبيعة. عبيدة، الذي درس في معهد “فينجيت” للرياضة، قرر في عام 2012 أن يسير في طريق مختلف تمامًا عن مساره الأكاديمي، ليصبح اليوم أحد أبرز مصوري الطبيعة والظواهر الكونية في المجتمع العربي بالبلاد.

زار 20 دولة حتى اليوم, مرّ بمغامرات خطيرة لكن أصعب لحظة كانت تلقي خبر وفاة والده خلال تواجده في القطب الشمالي.

بداية الحلم..

عن بداية شغفه وحبه لهذا المجال قال عبيدة لـ “الصنارة”:”منذ صغري وأنا مفتون بجمال الطبيعة وسحرها،” لكن القرار لم يكن سهلاً، إذ استغرق جمع المال لتمويل حلمه عدة سنوات، مؤكدًا أن “هذا المجال يتطلب صبرًا كبيرًا حتى يصبح مصدر دخل مستدام.” ورغم المفاجأة التي أحدثها قراره، إلا أن أسرته كانت الداعم الأول له.

واضاف:” كان عام 2012 نقطة التحول، بدأ باستثمار مدخراته ليشتري معدات تصوير احترافية، ويخطط لأول رحلاته لتوثيق الطبيعة. يقول: “كان لدي يقين أنني أستطيع تحقيق النجاح إذا كنت ملتزمًا وشغوفًا بما أفعله.”

تحقيق النجاح

خلال 13 عامًا من العمل في هذا المجال، استطاع عبيدة أن يؤسس مصادر دخل متعددة، منها بيع الصور والفيديوهات لوكالات عالمية، تقديم دورات تصوير للطبيعة، وتنظيم رحلات جماعية لمحبي الطبيعة. يقول بفخر: “تمكنت من زيارة 20 دولة حتى الآن، بعضها أكثر من خمس مرات، لرصد ظواهر كونية مثل الشفق القطبي واستمرار النهار أو الليل.”

الى جانب التصوير، يساهم عبيدة في نشر الوعي بجمال الطبيعة وأهميتها من خلال ورش العمل والمحاضرات التي يقدمها، حيث يشارك خبراته مع الشباب والشغوفين بهذا المجال. ويؤكد: “أحب أن أنقل تجربتي للآخرين، وأشجعهم على استكشاف العالم بعيونهم.”

مغامرات وتحديات

وعن تجاربه ومغامراته في السفر يروي لنا واحدة من أخطر تجاربه: “في آيسلندا، مشيت لمدة 7 ساعات لرصد بركان نشط عن قرب. كانت تجربة مذهلة لكنها خطيرة للغاية.” ويتذكر تلك اللحظات قائلاً: “رؤية الحمم البركانية تتدفق أمام عينيك هو شعور لا يوصف. كان عليّ أن أكون حذرًا جدًا لأن أي خطأ قد يكون قاتلًا.”

كما تحدث عن موقف آخر في طرابزون بتركيا، عندما تعطلت سيارته في ليلة عاصفة وباردة، مما اضطره لطلب المبيت في أحد البيوت الريفية. يقول: “كانت درجة الحرارة منخفضة للغاية، ولم يكن لدي أي مكان أذهب إليه. لحسن الحظ، استضافني أحد السكان المحليين وقدمت لي عائلته دفئًا وترحيبًا لن أنساه أبدًا.”

أما عن أصعب لحظاته، فقال عبيدة: “في عام 2020، خلال تواجدي في القطب الشمالي، تلقيت خبر وفاة والدي. كان وقع الخبر صعبًا جدًا، خاصة أنني لم أتمكن من وداعه. شعرت بالعجز والحزن العميق، لكنني قررت أن أكرمه بأن أواصل تحقيق أحلامي التي لطالما شجعني عليها.”

تأثير الجائحة والحرب

عن فترة الكورونا والحرب قال :””جائحة كورونا كانت فترة صعبة. تعرضت للحجر الصحي في الفنادق، وكان العالم مغلقًا تمامًا. لكن بمجرد عودة الحياة إلى طبيعتها، استأنفت السفر بوتيرة مرتفعة وصلت إلى 15 رحلة سنويًا.” يضيف عبيدة: “كانت فترة الجائحة درسًا كبيرًا لي، فقد تعلمت أهمية التكيف مع الظروف غير المتوقعة والاستفادة من الوقت لتحسين مهاراتي وخطط عملي.”

وعن تأثير الحرب الأخيرة، أوضح: “في عام 2024، لم أتمكن من السفر سوى ثلاث مرات فقط بسبب الوضع النفسي والمشاهد الصعبة. شعرت أنني لا أستطيع ممارسة عملي بشكل طبيعي بينما يعاني الآخرون. كنت أعيش صراعًا داخليًا بين شغفي بممارسة عملي والشعور بالمسؤولية تجاه ما يحدث حولي.”

نصيحة للمصورين:

واختتم حديثه بنصيحة للمصورين قائلاً :”مجال تصوير الطبيعة جميل جدًا ولكنه يتطلب صبرًا كبيرًا، لأنه قد يستغرق سنوات حتى يصبح مصدر دخل مستدام. لذا أنصح كل من يرغب في دخول هذا المجال أن يكون لديه نفس طويل، خاصة أن مجالات التصوير الأخرى توفر دخلًا أسرع.”

يشدد عبيدة على أهمية التخطيط والبحث قبل القيام برحلات التصوير، مشيرًا إلى أن نجاح العمل يعتمد على التحضير المسبق ومعرفة طبيعة المكان والظواهر التي سيتم توثيقها. ويقول: “لا تتوقفوا عن التعلم. العالم مليء بالجمال الذي ينتظر من يكتشفه.”

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا
/*
<\/div>
<\/div>
<\/div>
<\/div>
<\/div>
<\/div>
<\/div>
<\/div>
<\/div><\/div>"}; /* ]]> */