مربون سابقون لـ”الصنارة”: المعلم يعاني من فقدان مكانته الاجتماعية والقانونية ويقف وحيدا أمام ظاهرة الاعتداء عليه

0 16٬998

قم للمعلم وفه التنكيلا كاد المعلم أن يكون قتيلا

مربون سابقون لـ”الصنارة”: المعلم يعاني من فقدان مكانته الاجتماعية والقانونية ويقف وحيدا أمام ظاهرة الاعتداء عليه


مضى ذلك الزمان الذي اعتبر فيه المعلم في درجة الرسل والأنبياء، كما قال أمير الشعراء “كاد المعلم أن يكون رسولا”، والزمان الذي حظي فيه المعلم بالتبجيل والتقدير أسوة بسادة القوم، كما جاء في مقولة “من علمني حرفا كنت له عبدا”. وبتنا في زمان عنوانه الجحود ونكران المعروف، خاصة في ظل تصاعد موجات العنف داخل المجتمع العربي، لم تسلم فيه حرمات المؤسسات التربوية، حيث بات المعلم نفسه هدفًا للاعتداءات اللفظية والجسدية، من قبل طلاب أو أهال وطالت تلك الاعتداءات مربيات ومديرين دون وازع من أخلاق أو تربية، ووصل عدد منهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج، حتى صح فيهم قول الشاعر مع تعديل في الكلام: قم للمعلم وفّه التنكيلا كاد المعلم أن يكون قتيلا

ووفقًا لمعطيات الشرطة، تم تسجيل أكثر من خمس حالات اعتداء موثقة ضد معلمين خلال الشهر الأخير فقط، فُتحت بشأنها ملفات تحقيق رسمية. وتشير شهادات ميدانية إلى أن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى بكثير، إذ تُحل العديد من الحوادث بعيدًا عن أعين القانون عبر تدخل لجان الصلح أو وجهاء محليين.

المحامي والنقابي السابق رشدي خاسكية لـ”الصنارة”: المعلمون مكشوفون أمام الاعتداءات دون حماية قانونية ودون رادع للمعتدين

التقت الصنارة المحامي رشدي خاسكية، وهو عضو سابق في إدارة “منظمة المعلمين فوق الابتدائيين”، وسألته رأيه في ارتفاع وتيرة الاعتداءات على المعلمين في مدارسنا فقال: ” ظاهرة العنف تسود مجتمعنا للأسف، وهي ظاهرة مقلقة لجميع الفئات، وباتت آفة تؤرق منام كل انسان. هذه الظاهرة انتقلت لكل مناحي حياتنا لأنها ظاهرة سلوكية سيئة جدا، ولن تبقي أي بقعة خضراء في واقعنا. والاعتداء على المعلمين يشكّل جزءا من هذه الظاهرة”. وأضاف خاسكية: ” كل المحاولات التي قمنا بها لتحصين المعلم من الاعتداء لم تعط ثمارها. 

وردا على سؤال حول تجربته كنقابي سابق ودور النقابات في حماية المعلمين، قال خاسكية: “النقابات لا حيلة لها. وعندما كنت في منظمة المعلمين، أقمنا في حينه لوبي وتوجهنا لأعضاء كنيست ووزراء، لضمان الحماية للمعلم كسائر قطاعات الجمهور من خلال التشريع القانوني. في القانون الجنائي يعتبر الاعتداء على ممثل الجمهور بمثابة اعتداء على الدولة، حاولنا ضم المعلمين إلى هذه الفئة لكن لم ننجح، نتيجة تهرب المشرعين للأسف، فبقي المعلمون مكشوفين أمام الاعتداءات دون حماية قانونية، وهكذا لا نجد أي رادع أو عقاب أو وسيلة تضبط السلوك الاجتماعي السيء تجاه الأبرياء”.

أمام هذا الواقع الأليم، سألنا الأستاذ خاسكية هل أغلقت الأبواب اذن، وماذا يمكن أن نفعله في هذه المسألة، فأجاب: ” أولا علينا ألا نيأس من امكانية سن قانون لحماية المعلمين، ويجب استغلال كل الوسائل والظروف السياسية، ولنا أن نستغل الظروف لتحقيق مطلبنا والضغط لحماية المعلمين وسن قانون، لايجاد رادع لمنع من يقوم بهذه الأعمال، وهي ليست جنائية فقط بل هي إهانة وإساءة الى مكانة المعلم في نظر الطلاب والآباء والمجتمع ككل. والسؤال: معلم يعتدى عليه أمام طلابه، كيف له أن يمارس مهنته بكرامة واستقلالية؟”

أستاذ يونس جبارين، مدير مدرسة سابق وناشط لـ”الصنارة”: مجتمعنا فقد بوصلته بعد ضياع دور البيت وانعدام قوانين رادعة

تحدثت “الصنارة” إلى الأستاذ يونس جبارين من أم الفحم وهو مدير مدرسة سابقا  “يمر مجتمعنا العربي في البلاد بهزة اجتماعية، لم يسبق لها مثيل من قبل، من انعدام في القيم الاجتماعية التي تربينا عليها من احترام للمعلم، قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا. فظاهرة استعمال السلاح ظاهرة مقلقة والجريمة في مجتمعنا تخطت كل الحدود”. 

“عملت أكثر من ٣٨ عاما في التعليم والإرشاد التربوي، وكنا نتعامل مع طلابنا بود ومحبة، ولم نشهد حالات كهذه. فمكانة المعلم آخذة بالتلاشي في نفوس الطلاب بدلا من ترسيخها من قبل الآباء، وهذا ما ينعكس سلبا على التربية والتعليم. نحن نعاني من فراغ كبير في القيم والتسامح، فمجتمعنا فقد بوصلته بسبب ضياع دور البيت، وعدم وجود قوانين رادعة. فالاعتداءات على مديري ومعلمي المدارس وعلى ممثلي الجمهور، ورجال القانون ورؤساء المجالس والبلديات له دلالات خطيرة”.

“كم نحن بحاجة للترابط الأسري، وتواصل الآباء مع أبنائهم باستمرار وليس ترك العنان لهم ليصبحوا فريسة بين أصدقاء السوء. وأناشد نقابات المعلمين أن تكون الحصن الواقي، وأن تجبر ممثلي البرلمان بوضع قانون رادع والسجن لكل من تسول له نفسه في الوصول الى المدرسة للقيام بالاعتداء على أفرادها. كما وأناشد البلديات والسلطات المحلية بابراز يوم المعلم وتكريمه في احتفال يشارك فيه الأهالي. يقول المفكر الجزائري مالك: اذا أردت أن تهدم حضارة احتقر معلما وأذلّ طبيبا، وهمّش عالما واعط قيمة للتافه”.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا