كيف نجح فيلم “بيت الروبي” جماهيريا رغم استسهال الحبكة؟

ملصق فيلم بيت الروبي (الجزيرة)
0 7٬707

فكرة جيدة غير مستهلكة وقضية حيوية وتمثيل جيد لكن الحبكة ضعيفة، تختصر هذه العبارة الفيلم المصري “بيت الروبي”.

ورغم ذلك كله، يُحسَب للفيلم أنه تمكّن من إعادة الجمهور إلى دور العرض مجدداً وتصدّر إيرادات الموسم السينمائي الحالي منذ بداية عرضه في عيد الأضحى، ليحقّق حتى الآن 89 مليوناً و165 ألف جنيه، متفوقاً على سائر الأفلام التي تُعرض حالياً مثل “البعبع” و”تاج” و”مستر إكس”، بحسب بيان شركات التوزيع في مصر.

نجاح “بيت الروبي” في تصدر الإيرادات لم يقتصر على مصر فقط، إذ نجح الفيلم أيضاً في إزاحة الفيلم الأجنبي “ذا فلاش” (The Flash) عن المركز الأول في السعودية، بحسب موقع “فارايتي”. وتخطت إيرادات الفيلم في السعودية 84 مليون جنيه، ليكسر حاجز الـ150 مليون جنيه في مصر والوطن العربي خلال أسابيع قليلة من عرضه، ويصبح من الأعمال التي استطاعت تحقيق إيرادات ضخمة في السينما المصرية.

توليفة ذكية

تصدُّر “بيت الروبي” الموسم السينمائي لم يكن وليد المصادفة، ولكنه رهان صانعي العمل، سواء الشركة المنتجة أو مخرج الفيلم بيتر ميمي، على صناعة توليفة ذكية لجذب الجمهور، وهو العنصر الأساس الذي ساهم في تحقيق هذا النجاح.

وتكمن هذه التوليفة في اختيار أبطال العمل والجمع بين نجمين لكل منهما شعبية وجماهيرية عريضة، سواء الفنان كريم عبد العزيز الذي حققت أفلامه الأخيرة نجاحات مثل “الفيل الأزرق” و”كيرة والجن”، أو كريم محمود عبد العزيز الذي حصل على فرصته في البطولة المطلقة في السنوات الماضية وحقق من خلالها شعبية كبيرة. ولا شك في أن الكيمياء بين الثنائي في الفيلم من العناصر التي ساهمت في إنجاح التجربة، بالإضافة إلى ظهور محمد عبد الرحمن كضيف شرف في عدد من المشاهد الكوميدية.

ولعبت قصة الفيلم الحيوية والطازجة دوراً مهماً في نجاحه، التي تتناول انتشار مهنة “الإنفلونسر” (المؤثّر على وسائل التواصل الاجتماعي) خلال السنوات الماضية. وتدور القصة حول زوجين يقرران الابتعاد عن صخب الحياة في العاصمة، والعيش في مدينة ساحلية هادئة، لتخطي أزمة مرّت بها الزوجة، لكن الـ”سوشال ميديا” تغيّر حياتهما تماماً.

نجح صانعو العمل في مغازلة الجمهور بتقديم فيلم عائلي خالٍ من أي مشاهد خادشة للحياء ومناسب لجميع أفراد الأسرة، في توليفة اجتماعية كوميدية وبعض مشاهد الأكشن، فضلاً عن أغنية جمعت بطلي الفيلم للمرة الأولى تم الترويج بها للفيلم .

قضية حيوية يعيبها الاستسهال

آنية القضية التي يناقشها الفيلم وطرحه قصة عصرية من خلال وصول الكثيرين إلى الشهرة عبر الـ”سوشال ميديا”، وتأثير ذلك على شخصيات في أعمار مختلفة ساهم في نجاح “بيت الروبي”، غير أن الاستسهال الذي وقع فيه كاتبا السيناريو محمد الدباح وريم القماش أضعف العمل عموما.

فعودة بطل الفيلم إبراهيم الروبي (كريم عبد العزيز) إلى القاهرة مضطراً لإنهاء مهمة لشقيقه إيهاب الروبي (كريم محمود عبد العزيز) لم تكن كافية لتورط الجمهور في قرار الشقيق الأكبر للعمل كـ”أنفلونسر”، لا سيما أن قرار الابتعاد جاء لحماية أسرته مما لحق بها من أضرار في الماضي، فكيف تخلى في أيام قليلة عن قراره؟ إلى جانب حصوله على شهرة واسعة تفوق المشاهير على أرض الواقع بعد فيديو ظهر خلاله بالمصادفة اعترض فيه على أحوال الحياة عموما ليتحوّل إلى بطل بشكل غير منطقي.

بدا الاستسهال بشكل أكبر في السيناريو في النصف الأخير من “بيت الروبي”، حين قرّر المؤلفان إنهاء التفاصيل بشكل سريع غير متوازن ومن دون ربط بين الأحداث، رغم رسالة الفيلم التي جاءت في النهاية لتؤكد أن الهرب لم يكن حلاً، وكان الأفضل مواجهة الأزمة وحلها.

خفة ظل أم تنمّر؟

اعتمد صانعو “بيت الروبي” على وجود نجمين يتّسمان بخفة الظل وتقديمهما لأعمال كوميدية، فتم الزج ببعض المشاهد غير الضرورية في الأحداث، مثل مشهد فرح أحد الجيران من كبار السن وتنمُّر البطلين عليه كونه رجلاً تجاوز السبعين من العمر، ومن ثم تقديم العزاء لابنه بأسلوب كوميدي.

لم يكن هذا المشهد الوحيد الذي اعتمد على خفة الظل بعيداً عن سياق الأحداث، فثمة مشهد آخر اعتمد على تعنيف البطل (إبراهيم الروبي) لأحد الأشخاص في سيارته لمجرد أنه شعر بانزعاج منه، وكلها مشاهد “حشو” بعيدة عن جوهر الفيلم وموضوعه الأساس.

نجح المخرج بيتر ميمي في إدارة فريق العمل واختيار فنانين مناسبين للشخصيات، ليست فقط في الثنائي بين كريم عبد العزيز وكريم محمود عبد العزيز، ولكن أيضا الفنانة نور في تقديمها لشخصية الزوجة الطبيبة والأم، وتارا عماد التي وظفها المخرج في شخصية “الأنفلونسر”، وكذلك الطفلين معاذ جاد ولوسيندا، وضيف الشرف محمد عبد الرحمن.

ويمكن اعتبار التصوير أيضا من العناصر الجذابة للفيلم، خصوصا في المشاهد التي ظهرت في بداية العمل في المدينة الساحلية، غير أن المونتاج تورَّط في إغلاق الأحداث المفتوحة بشكل سريع ومتلاحق.

لكن كل ذلك لا يمنع أن فيلم “بيت الروبي” تجربة خفيفة الظل وتحمل عناصر الجذب الذي جعلته يتصدر الموسم السينمائي الحالي.

المصدر : الجزيرة

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا