فيلم “لا تتحدث بِشر” الوصفة السحرية لإعادة إنتاج فيلم ناجح
يأتي فيلم “لا تتحدث بشر” (Speak No Evil) في عام تكثر فيه الأفلام المعاد إنتاجها، ليقدم مثالا على إعادات الإنتاج التي يحترم صناعها الأفلام الأصلية وحسهم الفني في الوقت ذاته.
يمثل فيلم “لا تتحدث بشر” النسخة الأميركية من فيلم دانماركي حمل الاسم نفسه وصدر عام 2022، أخرج هذه النسخة الحديثة المخرج جيمس واتكينز، ومن بطولة جيمس مكافوي وماكنزي ديفيس وسكوت مكنايري وآشلينغ فرانشوزي.
إثارة وتشويق في عطلة مملة
ينتمي فيلم “لا تتحدث بشر” إلى فئة أفلام الإثارة والتشويق، إذ تبدأ أحداثه في إيطاليا، في منتجع سياحي يجذب عائلات من الطبقة الوسطى من مختلف أنحاء أوروبا. وتركز القصة على عائلة دالتون الأميركية التي تتألف من الأب بن (سكوت مكنايري)، والأم لويز (ماكنزي ديفيس)، والطفلة أغنيس التي تعاني من قلق مرضي متقدم.
تسير العطلة بوتيرة هادئة حتى يتعرفوا على عائلة بريطانية مكونة من الأب بادي (جيمس مكافوي)، وزوجته كيارا (آشلينغ فرانشوزي)، وابنهما الصغير “إنت” الذي يعاني عيبا خلقيا يجعله غير قادر على الكلام. تجلب العائلة البريطانية بعض المتعة والمرح للعائلة الأميركية، مما يضفي أجواء أكثر حيوية على العطلة. وعند انتهاء العطلة، يتلقى الأب “بن” دعوة من “بادي” لزيارة منزله الريفي النائي.
فيلم Speak No Evil المصدر:IMDB
فيلم “لا تتحدث البشر” خفف من حدة الاختلافات الثقافية بين العائلتين (المصدر: آي إم دي بي)
عادة ما تكون مثل هذه الدعوات وعودا لا تتحقق بعد الإجازات العابرة، لكن بن، الذي يعاني حالة إحباط نتيجة لرتابة حياته وخسارته وظيفته، يرى في هذه الزيارة فرصة لتحريك روتينه الممل. رغم تردد لويز، فإن بن يقرر قبول الدعوة.
لكن الأمور تأخذ منحى غير متوقع خلال الزيارة، إذ يبدأ “بادي” وزوجته في القيام بسلوكيات مقلقة وغير مريحة، مما يزيد من توتر العائلة الأميركية. ومع محاولاتهم المتكررة للمغادرة، يكتشفون أن الهروب ليس بهذه السهولة، ليجدوا أنفسهم غارقين في مواقف أشد تعقيدا مما توقعوا.
أحد أكبر عيوب الأفلام الأميركية بشكل عام هي أنها تفصح بالكلام عن مشاعر وأفكار الشخصيات بدلا وضع ذلك على عاتق الصورة والأداء التمثيلي، ويتكرر هذا في فيلم “لا تتحدث بشر”، ويظهر بالتحديد في شخصية الأب “بن” عند مقارنتها مع شخصية الأب الدانماركي في الفيلم الأصلي.
كلتا الشخصيتين تواجه أزمة وجودية مشتركة، إذ تعانيان من فقدان الحماس تجاه الحياة بسبب الروتين والرتابة. يجد كل منهما في الزيارة المرتقبة فرصة لاستعادة بعض الحيوية والنشاط، هذا يجعل أحد الشخصيات يشعر بإعجاب تجاه شخصية الزوج من العائلة الأخرى، إذ يرى في نشاطه وحبّه للحياة نموذجا يحتذى به. وينقل الفيلم الدانماركي هذا الإعجاب بطريقة غير مباشرة، من خلال التعبيرات والنظرات التي توحي بالحسد والانبهار دون الحاجة إلى الحوار. على العكس من ذلك، في فيلم بن دالتون، يتم التصريح بمشاعر الشخصيات وأفكارها بشكل مباشر وصريح عبر حواراتهم مع بعضهم بعضا.