ستيفاني بشارة: الهايتك مجال عالمي والشباب يهربون من اللااستقرار!

0 20٬135

منذ اندلاع الحرب في تشرين الأول 2023 وحتى تموز 2024، غادر نحو 8,300 عامل في قطاع الهايتك الإسرائيلي البلاد لفترة تجاوزت العام، ما يشكّل 2.1% من مجمل العاملين في هذا القطاع. هذا ما كشفه تقرير جديد حول “وضع التشغيل في قطاع الهايتك لعام 2025” الصادر عن “هيئة الابتكار”، الذي يعكس صورة مقلقة عن مستقبل هذا القطاع الحيوي في ظل استمرار الهجرة وتباطؤ النمو.

التقرير أشار إلى أن عدد العاملين في شركات الهايتك الإسرائيلية خارج البلاد بلغ نحو 440 ألف موظف، مقابل 400 ألف موظف فقط داخل إسرائيل، في انعكاس مباشر لحالة اللااستقرار السياسي والأمني التي تعصف بالبلاد.

حاورنا ستيفاني بشارة, خبيرة توظيف تكنولوجي وصاحبة خبرة 10 سنوات في مجال الهايتك في شركات عالمية مثل “غوغل”, حاليا تعمل مستقلة في مشروعها الخاص Career Spark بكل ما يخص التوجيه المهني وتقدم محاضرات وترافق أشخاصا فرديين كما ترافق شركات كبيرة, والتي القت الضوء على ازمة الهايتك الحالية. وفي ذات الوقت ترى ستيفاني الفرص الاتية بعد عبور الازمة.

 

أرقام تنذر بالخطر: ذروة الهجرة في ظل الحرب

يبلغ المعدل الشهري لمغادرة العاملين في القطاع نحو 826 موظفًا، وسُجلت الذروة في تشرين الأول 2023 مع 1,207 مغادرًا، مقارنة بـ966   موظفًا فقط في آب من نفس العام. ووفقًا لبيانات سلطة السكان والهجرة، فإن الهجرة طويلة الأمد لموظفي الهايتك باتت نمطًا متكرراً، خاصة في ظل الظروف الراهنة.

الخبيرة ستيفاني بشارة:

الهايتك مجال عالمي والشباب يهربون من اللااستقرار

في هذا السياق، قالت ستيفاني بشارة، خبيرة التوظيف التكنولوجي من شركة Career Spark، لموقع وصحيفة “الصنارة”، إن العمل في مجال الهايتك يمتاز بمرونة فريدة تجعله خيارًا مفضلًا للهجرة: “العمل في مجال الهايتك مريح على المستوى العالمي لأن لغة البرمجة واحدة في كل العالم، بعكس مجالات مثل المحاماة التي تتطلب تعلم قوانين كل دولة. لذلك، من السهل على العاملين في هذا المجال الانتقال لأي مكان بالعالم دون حواجز مهنية”.

وأضافت ستيفاني أن شركات الهايتك توفر بيئة عمل جاذبة جدًا: “غالبًا ما تُقدّم الشركات ظروفًا مناسبة للشخص وعائلته، مثل تغطية تكاليف السفر والإقامة وحتى المدارس أحيانًا. وهذا يشجع الأزواج الشابة والشبان في مقتبل العمر على خوض تجربة العمل في الخارج، خاصة في ظل الحروب، الضغوط السياسية، وغلاء المعيشة داخل البلاد”.

وأشارت بشارة إلى أن كثيرين يفضّلون العمل في الخارج رغم انخفاض الأجور مقارنة بإسرائيل، وذلك بحثًا عن جودة حياة أفضل:

“حتى لو كانت المعاشات في البلاد مرتفعة في مجال الهايتك، إلا أن تكاليف المعيشة أصبحت مخيفة. لذلك، يختار البعض العمل في الخارج براتب أقل مقابل حياة أكثر راحة واستقرارًا اقتصاديًا”.

 

المجتمع العربي في الهايتك: خطوات بطيئة وتحديات كبيرة

وتحدثت بشارة عن التمثيل الضعيف للمجتمع العربي في هذا القطاع، قائلة: “رغم التقدّم، إلا أن نسبة العرب في مجال الهايتك لا تتجاوز 1.9% من مجمل العاملين في البلاد. أما النساء العربيات، فالنسبة أكثر انخفاضًا، حيث بين كل 100 موظف هناك امرأة عربية واحدة فقط”.

وأرجعت جزءًا من هذا الواقع إلى البعد الجغرافي والمواصلات:“معظم شركات الهايتك تتركز في منطقة المركز، ما يصعب على أبناء المجتمع العربي، خاصة في المدن والبلدات البعيدة، الوصول إليها يوميًا في ظل شبكة مواصلات عامة غير مريحة”.

رغم التحديات، ترى بشارة بارقة أمل في تغيّر التوجهات التعليمية: “اليوم نشهد توجهًا متزايدًا من الطلاب والطالبات العرب لتعلم البرمجة والانخراط في عالم التكنولوجيا، بعكس الماضي حيث كانت التوجهات نحو التمريض، المحاماة، أو التدريس. كذلك تغيّرت نظرة الأهالي، فغالبية العائلات باتت ترغب بأن يكون أبناؤها مبرمجين لأن المستقبل في هذا المجال”.

 

الراتب المرتفع: دافع رئيسي لكن ليس الوحيد

وعند سؤالها إن كان العائد المادي هو السبب الرئيسي لاختيار هذا المجال، أجابت: “بلا شك، المعاشات في الهايتك عالية جدًا سواء في شركات كبيرة أو ناشئة. لكن ما يجعل هذا المجال مميزًا أيضًا هو تطوره المستمر، خاصة مع دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يدفع العاملين لتطوير أنفسهم بشكل دائم”.

 

الركود يضرب القطاع: لا نمو منذ ثلاث سنوات

منذ عام 2022، يشهد قطاع الهايتك الإسرائيلي ركودًا واضحًا. وبعد أن ارتفعت نسبة العاملين فيه بين 2012 و2022، ثبتت عند 11.5% فقط من مجمل القوى العاملة دون أي ارتفاع يُذكر. بل سُجل في عام 2024 انخفاضٌ بـ5,000 عامل، رغم وجود نقص يقدّر بنحو 17 ألف موظف.

وما زاد الطين بلة، هو توجه الشركات الإسرائيلية نحو توظيف موظفيها خارج البلاد. شركات مثل Waze وSync تشغّل أكثر من نصف قوتها العاملة في الخارج، أما شركات مثل Check Point وNICE فلا توظف في إسرائيل سوى 60 ألف موظف من أصل 260 ألف.

 

فجوة الأجور: 2.8 ضعف باقي القطاعات

في عام 2024، بلغ متوسط راتب العامل في الهايتك 32.3 ألف شيكل، أي ما يعادل 2.8 ضعف متوسط الأجور في بقية القطاعات. ويُعزى هذا الفارق إلى سيطرة وظائف البحث والتطوير مرتفعة الأجر، مقابل تراجع أدوار الدعم الإداري والمساندة.

 

هيئة الابتكار: “نحتاج إلى حوافز وضمانات للاستقرار”

أوصت “هيئة الابتكار” في تقريرها بضرورة استقرار بيئة العمل داخل البلاد، وتحديث منظومة الحوافز الضريبية، وتوفير تسهيلات لعودة المهاجرين. وفي ظل الأرقام المقلقة، تؤكد الهيئة أن المطلوب الآن هو خطوات استراتيجية حقيقية لإنقاذ القطاع.

رغم الأوضاع الحالية السيئة وتوجه العاملين في هذا القطاع الى العمل خارج البلاد, الا ان ستيفاني توضح: “قطاع الهايتك معتاد على الصدمات وهذه ليست المرة الاولى التي يمر بمرحلة تزعزع ثباته. كل من درس وخاض مجال الهايتك والهندسة هو في المجال الصحيح لكن التوقيت ليس صحيحا. لكن الامل دائما موجود بان يجدوا عملا ودائما توجد إمكانية ان يتحسن السوق, بالذات مع الـ AI فانا لو كنت مكانهم كنت قرأت الخارطة بشكل افضل وبحثت عن نوع الوظائف الجديدة التي تظهر وبحثت عن تلك التوجهات”.

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا