بقلم : د زياد محاميد- كلمة حق ووفاء للمرحوم الأستاذ خضر ابو خضر جبارين

0 8٬505

عرفته لأول مرة حين كنت بالصف السادس ، في مدرسه “ابو خضر” اندك ولاحقا عمر بن الخطاب في حي المحاميد ، كان هذا عام 1970, عرفناه استاذ خضر ، ابن المدير ابو خضر رحمه الله. استاذ له هيبته ،جدي ،دائم الانشغال .
ولاحقا عرفته عن قرب حين أصبح مربي الصف السابع ا، ومدرس اللغة العبرية لصفي ، ..
كان استاذا رائعا بلطفه معنا ،وكبير بمحبته لنا ، خفيف الظل والدم ، مهتم بكل التفاصيل ،داعم ، لكن كان جديا بالتدريس ، يفرح حين يكون الصف فعالا ودارسا للمادة “وحالا للوظائف” ، وكان جديا وصارما ومنزعجا حين كنا نهمل وغير مبالين.
عاقبنا في احدى المرات بمنع توزيع ثمار الخيار والجزر الذي يوزع للصفوف من إنتاج حديقة المدرسة ، حين قال لحاملي الكرتونة : لا لا توزعوا مش محضرين ولن يأكلوا اليوم من خير المدرسة ولن يحصلوا على جوائز …
طبعا ضحكنا خلسة ، لكننا احسسنا بعقاب من نوع اخر، وهو “زعل” المربي علينا ،
اذكر ان بعد هذه الحادثة اصبح الجميع يُحضر الوظائف كما يجب، فكسبنا محبة الأستاذ خضر ، وكسبناه مربيا ومعلما بحالة انبساط دائمة منا .
لاحقا تقاربنا في الحركة الكشفية ، حين اصبح المسؤول الأول بدلا من استاذ محمد طه رحمه الله،
واحسسنا باهتمامات جديدة لديه كمربي ومدرب. وكان الكشاف آنذاك في قمة تطوره . ربانا على القيادة والانضباط والوفاء والمحبة، واعطانا زخم كبير من المعلومات العامة والمهارات والتدريبات الكشفية، وزرع فينا الثقة بالنفس ، ولا استغرب ان اكثر القياديين في ام الفحم تخرجوا من مدرسة الأستاذ خضر التربوية والكشفية..
مرت السنين ..والتقينا به في مخيمات العمل التطوعي في ام الفحم . كان فعالا ومنظِما رائعا .
انا كنت مع الشبيبة الشيوعية آنذاك ، واحسست باحترامه لنا كشبيه متطوعة ومنظمة.
كنا نواجه مشكلة في طباعة منشوراتنا الداعية للتجنيد للمخيم وللعمل الوطني. فقدم مساعدته لنا بطباعتها على “ستانسل” المدرسة او الكشافة بدون مقابل، واستمر هذا لفتره طويلة ،
وكان هذا اكبر دعم إعلامي لتنظيمنا وللمخيم، مع علمنا انه ليس شيوعيا ولا منظما بحزب ما .
احببناه لروحة الوطنية العالية ،ولحرصه على المجتمع الفحماوي مجتمعا مزدهرا آمنا.
استاذ خضر محبوب الجماهير ، بأخلاقه وتواضعه ،بذكائه وخفه دمه الناعمة، بتطوعه ودعمه للعمل الجماهيري .
ولاحقا نشِط على صفحات التواصل الاجتماعي ناشرا الحكم والمواعظ المفيدة ،والصور التاريخية لام الفحم واهلها .
ولاحقا بادر لإعادة ترتيب الحركة الكشفية بإقامه المهرجان الكبير ليكرم الناشطين بالحركة والمتطوعين، ليكون مهرجانا حضاريا رائعا يفتخر به
استاذ خضر كان جسرا بين الجميع ، وجد المشترك الإيجابي ودعم .. احب البلد والناس ..احب الخير للجميع.
لم يكن لا- مباليا،
بل كان قلقا جدا بما يحصل من عنف وجريمة، وكان شريكا بكل فعاليات ثقافة التسامح والتآخي في البلد ..
أحب الأرض والوطن، وها هو يودع الحياة وهو على تراب أرض الروحة الحبيبة ،مهتما بترابها وشجرها ومحبا لها ولهوائها.
رحم الله الأستاذ خضر ابو خضر ورحم والديه واخوته الكرام والذان لا يمكن ان ننساهما ..
له المجد والخلود..
له الرحمة وجنات الخلد،
انا لله وانا اليه لراجعون .
د زياد محاميد

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا