المطران يوسف متى لـ”الصنارة”: جاء الغاء احتفالات عيد الميلاد هذا العام نظرا للأوضاع العامة التي نمر بها وكي نعيش جوهر الميلاد الحقيقي
وجاء هذا البيان في أعقاب إعلان بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، عن إلغاء جميع الفعاليات الاحتفالية بعيد الميلاد المجيد لهذا العام، وقال بطاركة ورؤساء الكنائس في بيانهم، إن “الأوقات التي نعيشها هذه الأيام ليست أوقاتا عادية. منذ بدء الحرب على غزة، نعيش أجواءً أليمة وحزينة. حيث فقد الآلاف من الأبرياء حياتهم، وأضعاف عددهم تعرضوا لإصابات خطيرة، وفقد العديد من الناس أعمالهم وباتوا يعانون من تحديات اقتصادية خطيرة. وعلى الرغم من نداءاتنا المتكررة لوقف إطلاق النار والحد من العنف، فإن الحرب مستمرة“.
كما كان مجلس رؤساء الكنائس في الأردن، قد أعلن أيضا عن إلغاء جميع فعاليات وأنشطة مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد المجيد لهذا العام، “احترامًا للضحايا البريئة ودمائهم في غزة وعموم فلسطين، بحيث تقتصر الاحتفالات على الصلوات والطقوس الكنسيّة“.
للوقوف على أبعاد تلك البيانات والقرارات، وما تعنيه في هذه الظروف الحرجة وما سيتلوها من خطوات، أجرت صحيفة “الصنارة” اللقاء التالي مع المطران يوسف متى.
زياد شليوط
الصنارة: ما الذي دعاكم إلى إصدار البيان المشار إليه، وماذا أردتم التأكيد عليه من خلاله، وهل كان هناك تنسيق مع الكنائس الأخرى في هذا الشأن؟
المطران متى: بداية أشير إلى أن البيان صدر عن مجلس الأساقفة أساسا، وكل مطران وجه البيان لرعاياه وعممه عليهم، وبدوري وجهت بيان الأساقفة للكهنة والرعايا في أبرشيتي. جاء ذلك نتيجة الأوضاع الحالية التي نمر بها من حرب وقتل أبرياء، وكذلك ما يجري على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، ويهدف البيان الدعوة للعودة الى جوهر عيد الميلاد، وهو الايمان وجوهر ايماننا من خلال سلوكنا واحتفالاتنا أن نعيش أكثر فرح الميلاد، ليس بالمظاهر التي تسلبنا فرحة العيد وعيش الايمان.
وثانيا أخذنا بعين الاعتبار الحالة الاقتصادية والاجتماعية لأهلنا وعائلاتنا في الجليل، والتي نتيجة عدم وجود أشغال وخروج رب العائلة إلى إجازة بدون أجر، تعيش أوضاعا صعبة ومحرجة، ولذلك نسعى للتخفيف من المظاهر التي تكلف العائلات نفقات زائدة، وأن نساند تلك العائلات لعيش فرح الميلاد.
الصنارة: أي أن البيان مشترك ويضم الجميع، فهل هناك اتفاق على كيفية إحياء العيد هذا العام؟
المطران متى: صحيح، لقد اتفقنا في مجلس الأساقفة على الموضوع، وأصدرنا بيانا أوضحنا فيه كيفية الاحتفال بالعيد هذا العام بشكل متواضع. بعض الأماكن ألغوا الاحتفالات كما تم الاعلان عن ذلك في الأردن، ومن جهتي رأيت تعميم الأمر في الجليل، حيث يمكن لنا أن نضيء الشجرة دون المظاهر المبالغ فيها والصخب الذي يثقل ماديا على أرباب العائلات.
الصنارة: لو لم تقع هذه الحرب ولم يكن هذا الظرف الخاص، أما كنتم تصدرون نداء للمحتفلين بالأعياد، للتخفيف من المغالاة والمبالغة في الاحتفالات كما يجري في السنوات الأخيرة؟
المطران متى: أود التأكيد على أني في كل عام في رسالتي في عيد الميلاد، أدعو الجميع الى الاختصار والتخفيف من المصاريف والنفقات الزائدة. لكن هذا قرار يعود للمؤسسات والجمعيات التي تعد البرامج الاحتفالية، ومنها شركات ومؤسسات تسعى للربح التجاري، ودوري هو التوجيه والطلب. صحيح ما تقوله بأن هناك مظاهر خارجية مبالغ فيها مع أنها تعطينا الفرح لكنه فرح زائل، دائما في رسائلي منذ 3-4 سنوات أكدت على ذلك وسأصدر بعد عدة أيام بيانا بهذه الروح، أطلب فيه العودة إلى المعنى الحقيقي للميلاد، مشاركة الآخر، الشعور مع الآخر وما شابه.
الصنارة: من المعروف أن هذا العيد يعتبر عيد الأطفال، فهل نحرمهم من العيد وما هو دور الأهل في هذه المرحلة؟
المطران متى: الأهالي دائما يهتمون بأطفالهم ويعملون على إسعادهم، وتحضير الهدايا لهم داخل البيوت، أو اقامة احتفالات داخل المدارس والمؤسسات التربوية، وهذا لم نشر اليه في بياننا. إضافة الى اهتمام الأهل الذين يحضرون مبكرا الهدايا لأولادهم والزينة في البيوت، بياني كان واضحا وهو التقليص قدر الإمكان من الصخب والمهرجانات والمسارح والاحتفالات التظاهرية وغيرها، حيث يمكن ان نضيء الشجرة دون بهرجة وصخب، هذا إضافة إلى تخفيف العبء على كاهل أهالينا فأمامنا صعوبات وتحديات، والجميع يتحدث عن اليوم القادم علينا، ومن الحكمة ان نتصرف ونعرف كيف نستعد للأيام القادمة.
الصنارة: هل ستكون هناك خطوات عملية نحو دعم الكنائس ورعاياها في غزة؟
المطران متى: طبعا هناك تفكير بل وعمل بهذا الخصوص، ولدينا جمعيات تعمل في هذا الجانب مثل الكاريتاس وجمعيات داخل الرعايا. وهناك اتفاق داخل مجلس الأساقفة بتخصيص صواني قداديس الأحد في الشهر القادم، وتقديم التبرعات من خلال البطريركية التي تملك كنائس في غزة ولها تواصل معها.
نحن نرفض العنف على مختلف أنواعه وأشكاله، وسبق وأقمنا صلوات من أجل السلام في كنائسنا ورعايانا، وذلك بوحي من رسالة السيد المسيح، له المجد، الذي بشر بالعدل والسلام، والذي ولد في مغارة بيت لحم كي يعطينا العدل والمساواة والأمان.