المحامي عادل بدير لـ”الصنارة”: القاضي هو من يفسر القانون اليوم والعدل غير موجود على الأرض وليس أمام المتهم إلا إقناع القاضي بصدق روايته
وهذا يعني أنه في حال إقرار القانون بشكل نهائي، فسيتم منع مشاهدة محتوى منشورات “حماس” والفيديوهات التحريضية على الشبكات، ومن يفعل ذلك بطريقة دورية ومنهجية سوف يتمّ تقديم لوائح اتّهام ضدهم.
ويُشار إلى أن الشرطة تواصل عمليات الاعتقال والتحقيق مع المشتبهين الذين ينشرون منشورات تحريضية وداعمة لحركة “حماس”. ومنذ بداية الحرب، اعتقلت الشرطة 110 مشتبهين للتحقيق معهم، وتم تقديم 17 لائحة اتهام مستعجلة ضدهم، وأحيل 126 شخصا إلى تحقيق جنائي.
للاطلاع على تداعيات تلك التطورات على حرية التعبير عامة ولدى المواطنين العرب خاصة، التقت “الصنارة” المحامي والخبير بالقضايا السياسية والحزبية، عادل بدير من كفر قاسم.
زياد شليوط
الصنارة: ماذا تعني المصادقة على قانون مكافحة “الإرهاب” في الكنيست، وماذا سيكون تأثيره على حرية التعبير؟
بدير: نشهد منذ صعود الحكومة اليمينية وتواجد اليمين المتطرف فيها تصاعدا في سن القوانين المعادية للعرب وتقليص في حجم حرية التعبير، وشهدنا بأنه حتى مع اليهود حصلت مضايقات، خاصة وأن بن غفير يسيطر على الشرطة.
اليوم نحن في حالة حرب وقوانين الطواريء في هذه الحالة تأخذ حيزالتنفيذ وتكون سارية المفعول بدل القوانين المدنية، مما يؤدي إلى تحديد مساحة حرية التعبير وخاصةعند المجتمع العربي، وبذلك نرى حاليا أن مواقع التواصل تشهد شبه انعدام للتطرق لمواضيع تتعلق بالحرب، باستثناء حالات معدودة مثل التي سمعنا عنها وبعضها وصل الى مكتبي، وهذا يدل على أن الدولة فعليا باتت يهودية وتبتعد عن الديمقراطية. وأي تصريح متوازن لم يعد يقبل به، مع أن مجتمعنا العربي حضاري ومثقف ويرفض القتل المدني سواء متعمدا أم لا، لكن أن نصل الى حد الغاء حرية التعبير فهذا أمر خطير.
الصنارة: هل هناك أساس قانوني لملاحقة المعقبين وتقديمهم للمحاكمة اعتمادا على قوانين موجودة؟
بدير: في القانون الاسرائيلي هناك قانون دعم الارهاب، والسؤال كيف تفسر القانون. التعبير بابداء الفرحة وفق القانون، أو المشاركة الفعلية أو تقديم دعم مادي يدين الشخص، أما الدعم المعنوي يدخل ضمن حرية التعبير. تحاول المؤسسة مع النيابة والوزير الذي يعمل على تفسير ضيق جدا للقانون الغاء أي حيز لحرية التعبير. فالتأييد وابداء الدعم كتابة غير مسجل في القانون، وتنفيذه يتعلق بالقاضي ونظرته للموضع.
لذا أميز بين أمرين، مثلا هناك فارق بين من يعمل في مؤسسة رسمية ومن يعمل في شركة خاصة. الجامعات هي التي تحدد سياستها كما رأينا في محاكمة ناشطة يهودية عملت على تصيد زملائها في الجامعة والايقاع بهم، اضافة الى فصل طلاب عرب ومنع محاضرين من التعبيرلا عن رأيهم.
الصنارة: هل يمكن القول أن حرية التعبير لم يعد لها وجود في أيامنا، وهل بقيت هناك حدود بينها وبين ما يسمى بالتحريض؟
بدير: المحكمة العليا وضعت فاصلا بين الأمور، ومن يقرر في النهاية هو القاضي الذي يفصل في الأمر. يمكن لك أن تقول أنك ضد الحرب أو الارهاب وهذا واضح، لكن أن تقول أنك ضد قتل الأطفال أو هناك قتل لدى الطرفين، يمكن لهذه العبارة أن تخضعك للمساءلة القانونية، هذه التفسيرات يمكن أن تؤدي إلى تقديم لائحة اتهام.
أحذر من التوجه الاعلامي والمدني المجند لهدف واحد. وأنصح بالابتعاد عن هذه الكتابات التي لن تغير من الواقع، وأن نمتنع قدر الامكان عن كتابة تعقيبات يمكن أن تؤدي إلى اعتقالات ومحاكمات نحن بغنى عنها، خاصة أنه لا تتوفر اليوم هيئات وأطر تساند أولئك الشبان.
الصنارة: ألم يعد يمكن التعبير عن الرأي والمشاعر كنوع من التفريغ حتى؟
بدير: للأسف هذا هو الواقع الموجود، ولدينا مثال عن النائب عوفر كسيف الذي عوقب من قبل الكنيست على تصريح له. إن قوة الصدمة في السابع من أكتوبر أوجدت مقارنات ، وهناك مفارق طرق للدولة ومن باب الحذر والحيطة بمكن أن تعبر عن رأيك على نطاق ضيق، وأن تبتعد لفترة عن التعبير عن مشاعرك بشكل يسيء لمستقبلك.
الصنارة: هل هذا يعني أنه لم يعد هناك مكان للعدل والقضاء؟
بدير: العدل والقضاء موجودان في السماء وليس على الأرض. ونحن ننظر كمحامين ليس الى العدل انما الى التفسيرات. يمكن لك أن تكون صادقا لكن تفشل في ايجاد الاثباتات. لا ترى قاض يدعي حكما بالعدل، وكل طرف عليه أن يثبت أدلته واثباتاته.
نعود للمنصات الاجتماعية حتى اللايك بات مستندا يعتمدون عليه في الادانة.