القاضي عبد الحكيم سمارة: اختلاط الحضارات وتغيّر القيم التقليدية يرفع نسب الطلاق في المدن المختلطة

0 39٬803

play-rounded-fill

تقرير خاص بـ”الصنارة”

ارتفاع معدلات الطلاق وفق معطيات المحاكم الشرعية في العام 2024 بنسبة 13%!

 القاضي عبد الحكيم سمارة، رئيس محكمة الاستئناف الشرعية العليا  لـ”الصنارة”: * إلاختلاط الحضاريّ وتغيّر القيم التقليدية يؤدي لارتفاع معدلات الطلاق في المدن المختلطة بنسبة خطيرة

* تجاهل الظاهرة سيؤدي إلى أزمات اجتماعية تشمل الجريمة وتفكك المجتمع العربي 

أظهر التقرير السنوي للمحاكم الشرعية لعام 2024 مؤشرات مقلقة حول ارتفاع حالات الطلاق في المجتمع العربي في البلاد، مع زيادة عدد الملفات إلى 38,316 ملفًا مقارنة بـ33,949 ملفًا في عام 2023، أي بنسبة ارتفاع تقارب 13%. وتشير البيانات إلى أن ظاهرة الانفصال والطلاق مستمرة في التصاعد، ما يعكس تحديات حقيقية تواجه الأسر العربية، خاصة في المدن المختلطة مثل يافا، حيفا، وعكا.

توزيع الملفات حسب المحاكم

بلغ عدد الملفات التي نظرت بها المحاكم الشرعية وفقًا للتقرير:

محكمة الاستئناف الشرعية: 524 ملفًا (1.4%).

محكمة سخنين: 1929 ملفًا (5%).

محكمة عكا: 4039 ملفًا (10.5%).

محكمة حيفا: 2390 ملفًا (6.2%).

محكمة الناصرة: 4224 ملفًا (11%).

محكمة باقة الغربية: 3434 ملفًا (9%).

محكمة الطيبة: 3134 ملفًا (8.2%).

محكمة القدس: 9891 ملفًا (25.8%).

محكمة يافا: 2150 ملفًا (5.6%).

محكمة بئر السبع: 6601 ملفًا (17.2%).

ووفقًا للتقرير، بلغ عدد ملفات الزواج 15,389 ملفًا، في مقابل 4,020 ملفًا للطلاق، ما يعكس أن الطلاق يشكل حوالي ربع حالات الزواج، وهو مؤشر على ضغوط متزايدة على الأسر العربية، وارتفاع حالات الانفصال والانفجار الأسري.

أنواع القضايا وأهميتها

تصدرت عقود الزواج وتصديقات الزواج بنسبة 40.8% من إجمالي القضايا، يليها قضايا النفقة للزوجة والأبناء بنسبة 13.6%، وقضايا الطلاق والانفصال بنسبة 10.6%. كما بلغت نسبة الحضانة 6.7%، والميراث والوصايا 5.3%، بينما شكلت قضايا حل النزاعات والتسويات العائلية حوالي 10.1%.

كما أظهرت البيانات ارتفاعًا في قضايا النفقة، حيث ارتفعت ملفات نفقة الزوجة بنسبة 4.6% وملفات نفقة الأولاد بنسبة 6.8%، ما يعكس الضغوط الاقتصادية التي تواجه الأسر العربية، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم والأزمات العامة.

المدن المختلطة: نسب طلاق مرتفعة

سلّط سماحة القاضي عبد الحكيم صبحي الوزني سمارة، رئيس محكمة الاستئناف الشرعية العليا في البلاد، في لقائه مع صحيفة وموقع “الصنارة”، الضوء على أن نسب الطلاق في المدن المختلطة أعلى بكثير مقارنة بالبلدات العربية الأخرى:

يافا: 49%

حيفا: 46%

عكا: 31%

وأشار القاضي سمارة إلى أن “السبب يعود جزئيًا إلى الاختلاط الحضاري وحرية أكبر في هذه المدن، مما يؤدي إلى تغيّر القيم التقليدية وارتفاع معدلات الطلاق، مقارنة بالمدن والبلدات العربية الأقل اختلاطًا”.

الطلاق بين الأزواج الشابة بين غياب التوعية والتدخلات الأسرية

وأوضح القاضي أن غياب التوعية الاجتماعية قبل الزواج يسهم في ارتفاع نسب الطلاق بين الأزواج الشابة. وأضاف بأن “الكثير من الشباب يعتمدون على المظاهر والمرحلة الرومانسية دون إدراك مسؤوليات الزواج الحقيقية، مثل تحمل الأعباء المالية، ورعاية الأطفال، وإدارة الحياة اليومية. هذا يؤدي إلى خيبة أمل كبيرة بعد الزواج، عندما يواجه الأزواج الواقع الحقيقي، الذي قد يكون مختلفًا عن التوقعات المبالغ فيها”.

ونوّه القاضي سمارة إلى أن “تدخل الأهل بشكل مفرط يسهم في تفاقم النزاعات الزوجية، إذ ينحاز كل طرف إلى ابنه أو ابنته، مما يوسع دائرة الخلافات بدلاً من احتوائها داخل الأسرة الصغيرة. أضف إلى ذلك غياب الأطر التربوية والاجتماعية قبل الزواج، يجعل الشباب أكثر عرضة للفشل الأسري، ويزيد من احتمالية اللجوء إلى الطلاق كحل سريع للأزمات”.

بالنسبة لتأثير العوامل الاقتصادية والاجتماعية على حالات الطلاق، قال القاضي سمارة: “تتأثر معدلات الطلاق في المجتمع العربي أيضًا بـالضغوط الاقتصادية، إذ أشارت البيانات إلى ارتفاع ملفات النفقة، ما يعكس ضيق العيش وأزمة التمويل لدى بعض الأسر. كما يلعب الوضع الأمني والسياسي العام دورًا في توتر الحياة الأسرية، إلى جانب عوامل التحلل من القيم الدينية والأخلاقية التي تؤثر على الالتزام الأسري”.

المطلوب مقترحات عملية لمواجهة ظاهرة الطلاق

وأشار القاضي سمارة، إلى “أهمية اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة ظاهرة الطلاق، تتمثل بالتالي: اقامة مراكز توعوية للشباب المقبلين على الزواج، لتعريفهم بالمسؤوليات الحقيقية للحياة الزوجية. اقامة مراكز علاجية واستشارية للأزواج، لمساعدتهم على حل الأزمات الأسرية بطرق علمية ونفسية ودينية، دون اللجوء الفوري للطلاق. تعزيز التوجيه النفسي والتربوي قبل وأثناء الزواج، لتقليل المخاطر المرتبطة بالجهل والانجرار وراء المظاهر. وتوعية الأهل بضرورة الحد من التدخل المفرط في حياة الأبناء المتزوجين، وترك المجال للزوجين لاتخاذ القرارات بأنفسهم.

وأكد القاضي سمارة أن تجاهل هذه الظاهرة سيؤدي إلى أزمات اجتماعية أوسع، تشمل العنف والجريمة وتفكك المجتمع العربي، داعيًا جميع المسؤولين والأطر الاجتماعية والسياسية إلى التحرك بسرعة للحفاظ على استقرار الأسرة ونواة المجتمع.

القاضي سمارة يحذر من الأسوأ القادم..

وحذر القاضي سمارة في ختام حديثه مع “الصنارة”من أن الأسوأ قادم إذا لم تُتخذ إجراءات فعالة، وشدّد على أن “الزواج ليس مجرد لحظات رومانسية ومظاهر، بل مرحلة مليئة بالتحديات والمسؤوليات الحقيقية، تشمل المصاريف المالية، بناء الأسرة، التزامات اجتماعية، وتعليم الأطفال. ومن هنا أن توعية الشباب قبل الزواج والتعامل مع القيم الواقعية للحياة الزوجية، تعد الخطوة الأساسية للحد من ارتفاع معدلات الطلاق في السنوات القادمة”.

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected] - [email protected]

قد يعجبك ايضا