البروفيسور فياض شحيبر للصنارة :”السيجارة الإلكترونية جاءت لتساعد المدمنين على الإقلاع عن التدخين ولكنها قد تكون مميتة “
البروفيسور فياض شحيبر أخصائي البيوكيمياء والمستشار في المواد المسمّة والسمّية في لقاء خاص بـ”الصنارة”:
السيجارة الإلكترونية جاءت لتساعد المدمنين على الإقلاع عن التدخين ولكن فيها مكونات ضارّة وقد تكون مميتة لبعض الأشخاص
*مهور الهدف للشركات المصنعة للسجائر الإلكترونية المدخنون وأبناء الشبيبة ويجب توعية الأهالي ووضع قوانين صارمة لمنع بيعها للقاصرين*
محمد عوّاد
ناقشت اللجنة البرلمانية الخاصة لحقوق الطفل ولمكافحة تعاطي المخدرات والكحول, ناقشت يوم أمس الأول مسألة سن قانون يمنع استخدام السجائر الإلكترونية من قبل القاصرين, ولكنهاتمحورت حول تشديد الرقابة والعقوبات على من يبيع السجائر الإلكترونية وليس منعها . جاء ذلك في أعقاب وفاة الفتى مردخاي كيلر ابن الـ – 16 سنة بعد أن أصيب بفشل رئوي بسبب السيجارة الإلكترونية وبعد أعلنت فيه وزارة الصحة وخدمات الصحة كلاليت عن إقامة لجنة خاصة حول الموضوع, فيما تطالب منظمات صحية بالتحقيق في الظروف التي أدت الى وفاة هذا الفتى. أما البروفيسور حچاي لڤين رئيس منظمة أطباء صحة المجتمع فقال: “من يبيع سيجارة لقاصر فهو مجرم وقاتل”.
الصنارة: ما هي خطورة هذه السيجارة التي صُنعت بالأساس لتجنيب المدخنين خطورة تدخين التبغ بطرقه المختلفة؟
البروفيسور شحيبر: كي نصل الى خطورة السيجارة الإلكترونية دعني أشرح آلية مخاطر السيجارة العادية التي تنبع من أمرين, الأول وهو العامل الرئيسي عملية الحرق التي تنتج مواد سامة لم تكن موجودة بالتبغ نفسه,هذه المواد الناتجة عن الحرق بدرجة حرارة عالية, خاصة بالـ”شحطة” الأولى هي المسبب الرئيسي للكثير من التغيّرات التي تحصل داخل خلايا الجسم والتي تولد في النهاية طفرات لا تتصلّح في أجسام معيّنة وقد تسبّب السرطان أو التضخم بالرئتين.
العامل الثاني الذي يولد مخاطر نتيجة تدخين التبغ بالطريقة التقليدية, (سجائر عادية أو غليون أو نرجيلة), هو عملياً المواد الموجودة بشكل طبيعي بورقة التبغ بسبب تعرضها للمواد الموجودة بالأرض مثل المعادن الثقيلة والمواد التي تتراكم على على نبتة التبغ وقت التنمية. والمكوّن الآخر الذي يكون داخل التبغ هو المادة الناتجة نتيجة التخمير أو نتيجة أي عملية تصنيع للتبغ, وكل طريقة تنتج مواد طعمة ومواد مسمّة مختلفة, وتختلف هذه الطرق من دولة لدولة حيث تنتج طعمات ونكهات مختلفة ومنتوجات كيميائية مختلفة..
الصنارة: فجاءت السيجارة الإلكترونية بهدف منع الأضرار الناتجة عن الحرق والتدخين بالطريقة التقليدية ولكن اتضح بأنها ليست آمنة؟
البروفيسور شحيبر: عام 2003 اخترع صيدلي صيني السيجارة الإلكترونية الحديثة وعرضها في السوق لتكون بديلاً لإيصال النيكوتين ولمساعدة المدمنين على التدخين على الفطام من الإدمان..
الصنارة: على أمل أن يتم إيصال النيكوتين بدون الأضرار المرافقة للتدخين العادي..
البروفيسور شحيبر: بالضبط, وقد فعل ذلك بعد أن توفي والده بسرطان الرئتين بعد أن كان مدخّناً للسجائر العادية. بعد ذلك وابتداء من سنة 2007 أصبح هناك تسويق ناجح جداً للسجائر الإلكترونية في الولايات المتحدة بشكل خاص. وابتداء من 2008 كل الشركات التي تصنع التبغ في العالم انتابها القلق وبدأت تطوّر سجائر الكترونية بالإضافة الى شركات مبتدئة وهكذا بدأوا ينتجون وسيلة لإيصال النيكوتين بطريقة لا تحتاج على عملية الحرق التي تحصل في السيجارة التقليدية. أنا شخصيا عملت في شركة تنتج هذه السيجارة وكنت أوّل من فحص أوّل جهاز لإيصال النيكوتين لديّ في المختبر. كانت شركة مبتدئة من كاليفورنيا وكانت لديها منتوج يصنّعون فيه التبغ بطعمات مختلفة داخل قمع صغير يتم إدخاله الى جهاز فيه لهب تيسخّن التبغ, بدون أن يحرقه بل يبخّره فيستنشق الشخص هذا البخار الذي يحتوي على النيكوتين ومواد أخرى.
الصنارة: هل حصلت هذه السجائر الإلكترونية على مصادقة مديرية الدواء والغذاء الأمريكية (FDA)!
البروفيسور شحيبر: نعم, ولكنهم بدأوا في العام 2008 يشعرون بأن هناك أمراً غير سليم يحصل فبدأوا بوضع التقييدات وبسنّ قوانين خاصة لتحديد ما يتم صناعته بنطاق السيجارة الإلكترونية. عندها منعوا استيراد السيجارة الإلكترونية الى داخل الولايات المتحدة, ولكن في هذه المرحلة كان استخدامها واسعاً علماً أنّ الجمهور المستهدف هو المدخنين الذين يرغبون بالإقلاع عن التدخين والشبيبة في سن 12 – 13 سنة وما فوق التي ترغب بالتدخين ولكن لا يريدون تدخين السجائر التقليدية بل البديل على أمل أن السيجارة الإلكترونية غير ضارة,, وكان هناك نوع من التساهل من الأهل وبالفعل, لأنهم لم يكونوا واعين لخطورتها ولكن مع مرور الوقت الـ – FDA بدأت تضع قوانين تحدّ من منتوجات التبغ بشكل عام ومن البدائل.
الصنارة: هل هناك بدائل غير السيجارة الإلكترونية؟
البروفيسور شحيبر: نعم هناك بدائل مثل “الزعوت” أو النرجيلة أو الغليون أو العلكة التي تحتوي على نيكوتين أو اللصقة التي توضع على اليد لإيصال النيكوتين الى داخل الجسم بدون التعرّض للمواد الناتجة عن الحرق.
الصنارة: ما هي الخطورة التي اتضحت الآن ولم تكن واضحة من قبل؟
البروفيسور شحيبر: الأمر الذي لم يكن واضحاً في البداية هو مدى خطورة عملية التسخين. فهناك أقماع مغلقة توضع في جهاز التبخير وهناك أقماع باستطاعة الشخص أن يملأها، وهذه يمكن تعبئتها وإضافة مواد أخرى قد تكون كارثية. وقد تكون المواد الموجودة في قُمع التبّخير غير مفحوصة من قبل الشركات المنتجة ومكوناتها غير معروفة. المضار الناتجة عن استنشاق بخار السيجارة الإلكترونية تتأثر بمكونات المحلول (التي وضعت من قبل المنتج) والعوامل المتعلقة بجهاز التبخير نفسه: هل هو يُسخّن, وما هي درجة التسخين, ومن ناحية أخرى. فإن المكونات الموجودة داخل المحلول لها سُمّية معينة, ولكن عندما تلتقي جميعها قد يتفاقم التأثير ويكون الضرر كبيراً بسبب التغييرات التي قد تكون نتجت عن التبخير والاستنشاق. بالإضافة الى أن هناك عاملاً آخر قد يؤثر على العواقب الوخيمة التي قد تنتج عن تدخين السيجارة الإلكترونية وهو الوضع الصحي للشخص الذي يُدخّن وجيله وجنسه. في السابق، وبالتحديد سنة 2019 حذّرت من هذه المخاطر..
الصنارة: أنت تحذّر ووزارة الصحة تحذر ومنظمات صحية تحذّر ولكن لا يوجد منع لإنتاج وتسويق ولا استخدام هذه السجائر مع كل ما فيها من مخاطر..
البروفيسور شحيبر: المفتاح هو التوعية. فوزارة الصحة تحذّر ولكن عليها وضع تحديدات, مثلما بدأت الـ – FDA بوضعها.
الصنارة: لماذا لا يتم منع بيع السجائر على الأقل للقاصرين؟
البروفيسور شحيبر: يجب سن القوانين المناسبة التي تمنع بيع المنتوجات غير المصادق عليها والتي يستطيع كل شخص شراءها ووضع الماريحوانا ومكونات أُخرى حسب رغبته, هذه المنتوجات قد لا تكون مرّت بجميع الفحوصات المطلوبة ولا أحد يعرف أي ملوّثات فيها. كما يجب تحديد جيل المستهلك لهذه السجائر الإلكترونية. مثلما يحذر بيع الكحول للقاصرين تحت جيل الـ – 18. اليوم يتم إغراء أبناء الشبيبة الذين لا يملكون الوعي الكافي حول خطورة هذه السجائر الإلكترونية التي تحتوي على مواد مسمّة.
الصنارة: حتى لو لم تكن خطورة من هذه السجائر بسبب المكونات وما ينتج عن تفاعلاتها, فإن التبغ نفسه يؤدي الى انسدادات والى جلطات في الأوعية الدموية..
البروفيسور شحيبر: طبعاً, فالنيكوتين بحد ذاته يعتبر مادة خطيرة وخلال عملية التصنيع يتم وضع النيكوتين بمواد مذيبة, وهذه المواد المذيبة عندما يتم تسخينها قد تنتج مواد سامة بالإضافة الى سمّية النيكوتين.
الصنارة: كيف يمكن تجنيب الأجيال الشابة من خطر هذه السجائر الإلكترونية؟
البروفيسور شحيبر: للأسف الشديد, الفتى الذي توفي بسبب السجائر الإلكترونية قد يكون عنده وضع صحي خاص, وما حصل له لا يحصل بالضرورة لكل شاب. ردّة الفعل جسم هذا الفتى كانت قاتلة وقد يكون مصاباً بمرض بجهاز التنفس من غير أن يكون مدركاً لذلك.. وللتلخيص أقول: “ليس كل مرّة تسلم الجرة”, يجب عدم استخدام هذه السجائر الإلكترونية لتجنب إمكانية الإصابة باضرارها ولأنها قد تكون مميتة في بعض الحالات